Friday, June 29, 2007

http://tunisnewsar.blogspot.com

السنة الثامنة، العدد 2592 بتاريخ 28 جوان 2007

  • قناة الحوار التونسي : العبور إلى الحقيقة
  • لجنة أمهات ضحايا قانون الارهاب :الاعتداء على السجين السياسسي السيد خالد العرفاوي
  • المجموعة النقابية بمجاز الباب:بيان إعلامي
  • الاتحاد العام لطلبة تونس: بيانبيان مشترك-أوقفوا مهزلة المطاعم الجامعية !!
  • عبدالله الــزواري: سيف الدين القلوي يتسلم جواز سفره
  • أم.بي.سي: تقارير:جماهير المغرب أساءت للعلم التونسي عقب مباراة الجيش الملكي والنجم الساحلي
  • الصباح: بعد 24 ساعة فقط:حريق ثان يلتهم 20 هك من غابة جبل عمار
  • حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ:نشرة إلكترونيّة عدد: 20- 28 جوان مواطنون :محتجزو غوانتانامو أمام المحكمة العسكرية بتونس
  • مواطنون: منظمة العفو الدولية:الجلسة العامة على الأبواب
  • مواطنون: عمّال الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية:طرد تعسّفي لأكثر من مائتي عامل
  • مواطنون: يوم احتجاجي للمعطلّينمواطنون: قفصة: "بيان عمالي" يطالب بالشفافية المالية ورفع الوصاية على الشأن النقابي
  • الاستـاذ فيصل الزمني: المحاماة التونسية عشية مؤتمرهـا (الجزء الثـالث) و(الجزء الرابـع)
  • مهنا الحبيل: راشد الغنوشي طائر الحرية الإسلامي
  • مرسل الكسيبي: حول بورقيبة وجامع العابدين وتأكيد اسلام تونس وعروبة قرطاج ...
  • فوزي المصفار: رسالة إلى محمد شعبان الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بضفاقس
  • أبو البقاء التونسي:تحية إلى ناصح أمين
  • د. محمد الهاشمي الحامدي: يوم جميل وبديع في بريطانيا
  • الحياة: بعد انصراف المشاهد المحلي عن القناة الرسمية ...«حنبعل» التونسية فضائية خاصة تكسب الرهان
  • إسلام أونلاين: عباس يقيل هاني الحسن لهجومه على دحلان
  • عزمي بشارة: امتحان «حماس» بعد السيطرة على غزة
  • أسامة أبو ارشيد :حماس إذ تدشن بداية نهاية "الحقبة المكية" في التفكير الإخواني
  • د. شيماء الصراف :بغداد، القرون الأُولى
 

قناة الحوار التونسي
العبور إلى الحقيقة
تبث قناة الحوار التونسي يوم الأحد 1 جويلية 2007 على الساعة السابعة و25 دقيقة تحقيقا خاصا بحادثة احتراق الشاب محمد بن غرس الله أمام القصر الرئاسي بقرطاج يوم 14 فيفري 2007 .
هدا التحقيق سوف يكشف اسرار و ملابسات بقيت غامضة حول الحادثة التي لف الغموض اطوارها بعد ان روجت السلطات الامنية رواية مبتورة مفادها ان الشاب محمد احرق نفسه امام القصر الرئاسي عندما منعه الحراس من مقابلة رئيس الدولة.
الشهادات التي سوف تشاهدونها قد تناقض الرواية الرسمية وتكشف حقائق مفزعة حول طريقة احتراق الهالك.
عائلة الشاب محمد بن غرس الله و رغم الحصار الامني التي يفرض حولها قصد منعها من الاتصال بوسائل الإعلام و اثنائها على المطالبة بفتح تحقيق حول ملابسات وفاة ابنها تطلق صرخة فزع سوف تكتشفونها في رحلة العبور الى الحقيقة .

هل اقدم الشاب محمد بن غرس الله على احراق نفسه فعلا ؟
ماحقيقة تعرضه الى اصابات بليغة قبل ان يحترق؟
لمادا تفرض السلطات الامنية حصارا على عائة الضحية و ترفض فتح تحقيق في الغرض؟

وحدها الكلمة الحرة قوام للوطن الحر وحدها الحقيقة على قناة الحوار التونسي سوف تضل عصية على كل حواجز المنع ومتاهات الظلام تابعونا يوم الاحد 1جويلية 2007 انطلاقا من السابعة مساء .

يعاد بث هدا التحقيق يوم الأربعاء في نفس التوقيت.

قناة الحوار التونسي على الاحداثيات التالية؛

ARCIRISTV
FREQUENCE 11541
POLARISATION VERTICALE
S.R 22000
SEC 5/6

لجنة أمهات ضحايا قانون الارهاب
الاعتداء على السجين السياسسي السيد خالد العرفاوي

تعلم لجنة أمهات ضحايا قانون الإرهاب بتونس بأنه وقع الاعتداء بالعنف على السجين السياسي السيد خالد العرفاوي المعتقل حاليا بسجن برج الرومي من قبل الملازم أول المدعو بن رمضان و أربعة من الأعوان الجلادين حتى أصيب بالإغماء ثم صبوا عليه الماء و زجوا به في السجن المضيق ( السيلون ) بعد أن حرموه من الأكل و الدواء ( Ventoline ) خصوصا و أنه مصاب بمرض الربو و لا يمكن أن يستغني عن دوائه كما حرموه من الفراش.
و يوم الزيارة حاولت والدته السيدة زينب الشبلي مقابلة مدير السجن المدعو عماد العجمي لتشكو إليه حال ابنها فمنعها الحراس أول الأمر و عند إصرارها سمحوا لها بالمقابلة إلا أن مدير السجن المذكور لم يسمع شكواها بل اتهمها بأنها ارهابية و متطرفة و اعتدى عليها بالعنف اللفظي ناعتا إياها بسوء الخلق و انعدام التربية.
و لجنة أمهات ضحايا قانون الإرهاب بتونس تندد بمثل هذه التصرفات اللاقانونية و تدعو إلى :
- إطلاق سراح جميع المساجين السياسيين
- وقف الاعتقالات الهمجية التي تستهدف خيرة شباب تونس
- محاسبة المعتدين و الجلادين و عرضهم على القضاء
كما تطالب كل الأحزاب والمنظمات و الجمعيات الحقوقية في الداخل و الخارج بمساندتها و الوقوف معها من أجل إطلاق سراح أبنائها.

لجنة أمهات ضحايا قانون الارهاب


المجموعة النقابية بمجاز الباب
بيان إعلامي
مجاز الباب 27/06/2007
يتعرض الطلبة النقابيون إلى مضايقات شديدة بالجزء الجامعي بمجاز الباب حيث قامت إدارة المدرسة العليا لمهندسي التجهيز الريفي بمجاز الباب بإحالة الزميل محمد اللافي على مجلس التأديب على إثر مطالبته بحقه في اجتياز دورة التدارك ناسبة إليه تهمة الاعتداء اللفظي على عون إداري, ويأتي ذلك في حقيقة الأمر على خلفية نشاطه النقابي ووقوفه الدائم إلى جانب القضايا الطلابية لذلك فنحن :
1
- نندد بمثل هذه المجالس التصفوية التي تسعي من خلالها الإدارة إلى ضرب النشاط النقابي و إلى إسكات كل الأصوات الحرة .
2- نطالب الإدارة بالتوقف عن هذه الممارسات التعسفية التي لا تليق بجامعتنا.
3- نطلب من كل الأصوات المناضلة والحرة الوقوف إلى جانب الزميل,
4- نندد بتواطئي أعضاء المجلس العلمي (طلبة التجمع) اللذين رفضوا التعاون و الدفاع عن الزميل.
عن المجموعة النقابية بمجاز الباب
جمال الرحماني عضو الشباب الديمقراطي التقدمي
سيف الدين القلوي يتسلم جواز سفره

عبدالله الــزواري

تسلم صباح اليوم الأربعاء 27 جوان 2007 الشاب سيف الدين بن محمد القلوي جواز سفره من رئيس مركز الأمن الوطني بالنخيلات من ولاية أريانة، علما بأن سيف الدين قد تقدم بمطلب في ذلك إلى المركز المذكور منذ حوالي شهرين دون أن يحصل على وصل في ذلك…
غير أن أخاه حسام الذي كان قد تقدم بمطلب لنفس الغرض يوم 2 ديسمبر 2006 و تسلم مقابل ذلك وصلا يحمل رقم 1074 لم يحصل على جواز سفره بعد… و قد أعلمه رئيس المركز السيد محمد علي ثابت أن ليس لديه مشكلة معه و الدليل على ما يقول تمكين أخيه سيف الدين من بغيته و أنه أحال مطلبه على الإدارة ذات العلاقة بالموضوع لكنه لم يتلق ردها إلى حد الآن…
و نذكر أن جواز السفر هو حق للتونسي و ليس منة أو منحة تتفضل بها الإدارة على من تشاء… كما أن حرمان التونسي من جواز السفر هو تعسف و تجاوز للقانون و تعدّ على أحد الحقوق الأساسية للإنسان… و بالتالي فإن تسلم جواز سفر لا يفرض و لا يبرر و لا يستحق توجيه آيات الشكر للسلطة أما حرمانها له من حقه هذا فيدعو إلى شن حملات الاحتجاج و الاستنكار و التنديد…

(المصدر: تونس أونلاين نت بتاريخ 28 جوان 2007)

الاتحاد العام لطلبة تونس
بيان

يهم الاتحاد العام لطلبة تونس ان يتوجه الى الراي العام الطلابي والوطني بالبلاغ التالي:
لم تتوان السلطة في المدة الاخيرة عن مزيد مواصلة محاصرة كل اشكال العمل النقابي والسياسي في الجامعة حيث تعددت المحاكمات في صفوف عديد المناضلين على غرار الرفيق علي بوزوزية الذي تاجل التصريح بحكمه الى اربعة جويلية القادم، ومن نفس الكلية وقع استدعاء الرفيق ربيع الورغي ليمثل امام محاكمة داخلية اي مجلس التاديب وذلك بتهم ملفقة ولا اساس لها من الصحة مبنية على قاعدة تقرير اعده عميد الكلية في الاضرابات التي دعى لها الاتحاد خلال منتصف السنة الجامعي.
ولعل اكثر ما يثير الغرابة هو استهداف مناضلين ينتمون الى نفس التيار والذي اعلن تشبثه بعقد المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس على قاعدة احترام قانونه الاساسي ونظامه الداخلي ودافع على استقلالية المنظمة واستقلالية القرار القاعدي بعيدا عن كل اشكال الهيمنة الحزبية والتوضيف السياسي لها من قبل اي كان.
وعليه فاننا نعلن عن الاتي:
1/ نطالب سلطة الاشراف بالتراجع الفوري عن قرار احالة الرفيق على مجلس التاديب حتى نجنب الجامعة هزات نحن في غنى عنها كما نطالبها بفتح ملفات الفساد الاداري التي اصبحت تعاني منها كل مؤسساتها وحولت ادارتها الى سوق لبيع وشراء الامتحانات والسرقات المتعددة مما افقد الشهائد الجامعية مصداقيتها عوضا عن مطاردة المناضلين ومحاصرتهم والذين لا يقودهم الا مصلحة الجامعة والبلاد بعيدا عن كل اشكال الوصاية.
2/ نعبر عن استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بكل الاشكال ولئن تحلينا بالنضج والتروي في عديد المحطات الا ان السلطة يخيل انها اعتبرت ذلك ضعفا منا مما سيدفعنا الى ردود افعال لا احد مستفيد منها خاصة وان صبرنا بدا ينفذ.
3/ نعتبر ان كل ماتقوم به السلطة لا يمكن الا ان يعد سوى من قبيل التدخل في الشان الداخلي للمنظمة والذي لن يدفعنا الا الى مزيد التمسك بخياراتنا المدافعة على اتحاد موحد ديمقراطي ومستقل.
ختاما نهيب بكل القوى التقدمية الوقوف الى جانبنا حتى نعيد للمنظمة دورها كرافد من روافد الحركة الديمقراطية التونسية.
الاتحاد العام لطلبة تونس
عضو المكتب التنفيذي

شاكر العواضي

أوقفوا مهزلة المطاعم الجامعية !!
قامت إدارة المطعم الجامعي بالمركب الجامعي بتونس المنار بغلق المطعم يوم الثلاثاء 26 جوان أمام الطلبة على إثر ظهور معلقة قبل يوم من غلقه،في خطوة مفاجئة كي لا يتسنى للطلبة المطالبة بمواصلة فتح المطعم إلى غاية 30 جوان مما ولد استياء كبير لدى الطلبة.
وفي محاولة لإعادة النظر في غلق المطعم الجامعي مراعاة لظروف الطلبة الذين هم بصدد إجراء إمتحانات دورة المراقبة اتصلت أنا الطالب بالمرحلة الثالثة عبد الحميد الصغير رفقة زملائي عبد الفتاح التاغوتي وكريم الصيفي بالسيد فيصل صفر مدير المطعم الجامعي والسيد عبد السلام أمين المال وبعد عديد النقاشات توصلنا إلى حل تمثل في توزيع وجبة جافة على الطلبة في ما تبقى من أيام الشهر.
لكن فوجئنا من الغد بالظروف التي رافقت توزيع الوجبة، حيث عمدوا إلى عدم توفير مكان ملائم لتناول الوجبة فضلا عن الأكياس لحملها،مما اضطر العديد من الطلبة إما إلى الإعراض عن أخذ الوجبة أو إلى تناولها "تحت الحائط".
وبهدف لفت انتباه مسئولي المطعم الجامعي لهذه "المأساة" تعرضت أنا الطالب عبد الحميد الصغير للتعنيف.
والسؤال الذي يطرح : في خضم الأزمة التي يعاني منها الإتحاد العام لطلبة تونس من الذي يمثل الطلبة ويعبر عن مشاكلهم؟ !
برهنت هذه الحادثة على أن مصالح الطلبة المادية والمعنوية تبقى رهينة التصرفات اللا مسؤولة من قبل بعض الذين ينتسبون إلى قطاع الخدمات الجامعية في ظل غياب وعي الطلبة بحقوقهم وتقلص هامش الحرية داخل الحرم الجامعي.
عبد الحميد الصغير
عبد الفتاح التاغوتي
كريم الصيفي

الاتحاد التونسي آخر من يعلم
تقارير:جماهير المغرب أساءت للعلم التونسي عقب مباراة الجيش الملكي والنجم الساحلي
وسائل الإعلام التونسية لم تشر إلى تلك الأحداث

تونس (سليم بوخذير)
نفى الاتحاد التونسي لكرة القدم علمه بالإساءة للعلم التونسي من الجمهور المغربي خلال مباراة فريق النجم الساحلي والجيش الملكي المغربي التي أقيمت في الرباط الأسبوع الماضي في افتتاح مباريات دور الثمانية لبطولة دوري أبطال إفريقيا.
وقال كمال بن عمر نائب رئيس الاتحاد لـmbc.net يوم الخميس "لا علم لنا بهذه الحوادث ولم نسمع بها، ومعز إدريس رئيس بعثة النجم الساحلي في الرباط اتصل بنا بعد المباراة ولم يذكر شيئا عن هذا الأمر".
وكانت تقارير صحفية لوسائل إعلام عديدة منها قناة "سي.إن.إن" الأمريكية قد ذكرت أن الجماهير المغربية عمدت إلى الإساءة لعلم تونس "بالسير والتبول عليه" بعد خسارة الجيش الملكي في الرباط أمام ضيفه النجم الساحلي بهدف وحيد.
وأشارت التقارير أيضا إلى أن الجماهير المغربية هاجمت جماهير النجم القليلة التي حضرت المباراة واعتدت عليها بالضرب وعلى بعض الفتيات التونسيات اللاتي رافقن فريقهن إلى المغرب، فيما انتزع مغاربة غاضبون خارج الاستاد الأعلام التونسية من جماهير النجم وأضرموا فيها النار و"تبول" شخصان على الأقل على العلم التونسي.
وفيما انتقد عدد من الصحفيين المغاربة قوات الأمن المغربية لعدم قيامها بواجبها في حماية الجماهير التونسية؛ لم تشر أي وسيلة إعلامية تونسية لا من قريب ولا من بعيد إلى حوادث الرباط.
وحول إمكانية اتخاذ الاتحاد التونسي قرارا بهذا الشأن في ظل احتمال حدوث شغب في مدينة سوسه خلال مباراة العودة بين الفريقين ضمن البطولة ذاتها، قال بن عمر "نحن في الاتحاد لا علم لنا بحوادث المغرب حتى أقول لكم إننا سنتخد إجراءات على ضوئها".
من جهته قال منذر الشواشي الملحق الإعلامي لاتحاد الكرة التونسي "إن الاتحاد لم يقرأ التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام العربية حول ما حدث عقب المباراة" متسائلا "لماذا لم تكتب أي من وسائل الإعلام التونسية الحكاية لو أنها حدثت؟".
وغالبا ما تشوب المباريات العربية-العربية الكثير من الخشونة والاحتكاكات والعصبية بين اللاعبين ما ينعكس على الجماهير داخل وخارج الملعب.
المصدر : موقع قنوات "أم.بي.سي" التلفزيونية بتاريخ 28 جوان 2007 .

الرابط :
http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.

و نُعيد في "تونيس نيوز" نشر نصّ التقرير الذي أوردته النشرة الإلكترونية لقناة "سي.آن.،آن" عن الموضوع ، من باب التذكير :
خسروا، فأساء جمهور المغرب للعلم التونسي

2357 (GMT+04:00) - 24/06/07
الرباط، المملكة المغربية(CNN)-- زادت الجماهير المغربية من "خشونتها" في التعبير عن خسائر فرقها أمام الأندية التونسية عندما عمد عدد منها السبت، إلى الإساءة لعلم تونس بدوس والتبوّل عليه، بعد خسارة الجيش الملكي المغربي في الرباط أمام ضيفه النجم الساحلي التونسي بهدف وحيد، ضمن الجولة الأولى من ربع نهائي دوري رابطة الأبطال الأفريقية لكرة القدم.
وفي مباراة سيطر عليها من بدايتها إلى نهايتها، اكتفى النجم التونسي بهدف وحيد، مما مكنه من الانفراد بصدارة المجموعة الأولى.
وبمجرد انتهاء المباراة، هاجمت الجماهير المغربية العدد القليل من أنصار الفريق التونسي، واعتدت عليهم بالضرب، وفقا لمسؤولي النجم الساحلي.
وقالت مواقع إلكترونية رياضية إنّ الاعتداء طال أيضا بعض الفتيات التونسيات اللاتي رافقن فريقهن إلى المغرب.
وخارج ملعب رشيد في الرباط، انتزع مغاربة غاضبون الأعلام التونسية من أنصار النجم الساحلي وأضرموا فيها النيران، وفقا لشهود عيان نقلوا ما رأوه على موقع "كورة."
وأظهرت المواقع صور الجماهير المغربية وهي تدوس العلم التونسي، كما ظهر شخصان على الأقل وهما "يتبولان" على العلم التونسي.

ونحا المسؤولون التونسيون وعدد من الصحفيين المغاربة على الانترنت باللائمة على قوات الأمن المغربية، التي "لم تقم بواجباتها في حماية التونسيين."
وتوقّعت مصادر أن تحفل مباراة العودة بعد أسابيع في سوسة بأحداث شغب.
وشهدت السنوات الماضية خسائر متتالية للأندية والمنتخبات المغربية أمام نظيراتها التونسية، بلغت ذروتها عندما تأهل منتخب تونس على نظيره المغربي لنهائيات كأس العالم الأخيرة.
وكانت الحكومة الهولندية قد أضطرت لإتخاذ قرار بمقاطعة الرياضة المغربية لمدة خمس سنوات، بعد اعتداء جماهير مغربية على المنتخب الهولندي الأولمبي في مباراة ودية جرت في هولندا قبل أسابيع.

(المصدر: موقع "سي أن أن العربي" بتاريخ 24 جوان 2007)



الرابط : http://newsletter.tunisnews.net/newsletter/cl.php?cu=12961&cr=556&cl=http%3A%2F%2Farabic.cnn.com%2F2007%2Fsport%2F6%2F24%2Fmorocco.tunisia%2Findex.html

بعد 24 ساعة فقط
حريق ثان يلتهم 20 هك من غابة جبل عمار

تونس - الصباح

لم تمض سوى 24 ساعة عن إخماد الحريق الذي شب في الجزء التابع لولاية أريانة من جبل عمار حتى شب حريق ثان خلف خسائر جديدة في الثروة الغابية.
وحسب ما توفر من معلومات لـ«الصباح» فإن برج المراقبة بجبل عمار التابع لإدارة الغابات تفطن في حدود الساعة الخامسة وعشرين دقيقة من مساء أمس الأول الثلاثاء لتصاعد ألسنة اللهب في
غابة جبل عمار فسارع بإشعار قاعة العمليات المركزية بالإدارة العامة للغابات التي سارعت بدورها بإشعار الحماية المدنية والجيش الوطني ومصالح التجهيز والاسكان والديوان الوطني للتطهير وقد تحول 150 عونا وعشرة مهندسين من الإدارة العامة للغابات والمصالح الجهوية بمنوبة وتونس وبن عروس وأريانة على عين المكان مزودين بسبع وسائل إطفاء وتزويد وخمس وسائل نقل.
كما هرعت تسع شاحنات تابعة للحماية المدنية بإقليم تونس وبنزرت وأربع وسائل نقل وإنقاذ ووحدتان متنقلتان إضافة لـ84 عونا و11 إطار إضافة لـ370 جنديا وضابطا بالجيش الوطني معززين بثماني وسائل نقل ومعدات ثقيلة وشاحنتي نقل تابعة لوزارة التجهيز والاسكان وشاحنة تزويد تابعة للديوان الوطني للتطهير.

توزيع مهام

وقد تم توزيع مهام كل الاطراف المتدخلة إذ تولى أعوان إدارة الغابات التدخل من الجهة العليا للجبل لحماية المتحف البيئي الذي هو بصدد الانجاز بجبل عمار والغابات المجاورة وذلك بمنع تسرب ألسنة اللهب بها وتقدمها بينما تدخل الجيش الوطني على المنحدرات فيما تعهدت الحماية المدنية بالتدخل في بقية الجهات.

ست ساعات

وقد تواصلت هذه المجهودات على قدم وساق على مدى ست ساعات وتم تعزيزها بطائرة «هرقل» تابعة لجيش الجو فيما ساهمت أربع معدات تابعة لوزارة التجهيز والاسكان بتسهيل مرور المعدات ووسائل الاطفاء والتزويد وذلك بإعادة فتح المسالك وقد كللت هذه المجهودات بالنجاح في إخماد الحريق على الساعة الحادية عشرة والربع ليلا.

رياح شمالية

وعن أسباب اندلاع هذا الحريق وهو الثاني في ظرف 24 ساعة أفادنا مصدر مسؤول بإدارة الغابات أن الرياح الشمالية العاتية التي هبت مساء أول أمس على الجهة تسبت في اشتعال نيران لم تخمد بالكامل في أماكن كانت شهدت اندلاع الحريق الاول فيها يذكر أن وزيري الداخلية والتنمية المحلية والفلاحية والموارد المائية تحولا على عين المكان وتابعا أطوار التدخل ودعيا إلى مزيد من اليقظة والحذر لعدم تكرار مثل هذه الحرائق التي التهمت عشرين هكتارا من الصنوبر الجبلي والإكليل والزعتر.
صابر المكشر
(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 جوان 2007)


سكوتا!
لا! يا نيكولا ساركوزي: الصمت لا يقتل الصامتين... كما أنّ الكلام لا يحيي الميتين!
لا أقول هذا لأعارضك للّه في سبيل الله... بل لي حجة دامغة تهم الملايين في عباد الله.
لو كان الصمت يمحي الصامت من الوجود... لقتل الشعوب العربية منذ عدّة عقود!
محمد قلبي
(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 جوان 2007)

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
نشرة إلكترونيّة عدد: 20- 28 جوان ( حزيران) 2007

صدر يوم 20-06-07 بيان حول أحداث غزّة، بإمضاء بعض الأحزاب الماركسية العربية منها حزب العمل الوطنيّ الديموقراطيّ، على الرابط http://www.hezbelamal.org/travail/arabe/com.palestine.20.06.2007.htm
تونس- أخبار نقابيّة: لا زالت الإعتداءات العنيفة التي قامت بها الشرطة ضدّ النقابيين بمدينة "القصرين" تثير ردود فعل النقابيين والتقدميين والديمقراطيين في تونس, ونذكّر أنّ الشرطة اعتدت يومي 13 و14 من الشهر الجاري على نقابيين تجمعوا أمام الإدارة الجهوية للتعليم وكذلك أمام مقرّ الإتحاد الجهوي للشغل (اتحاد النقابات العماليّة على مستوى جهة أو إقليم) وخلّف الإعتداء جروحا خطيرة وكسورا (بالجمجمة) ورضوضا استدعت نقل العديد من المتضررين لقسم الإستعجالي بالمستشفيات. الشعب (أسبوعية نقابية) 23-06-07 .
-عقد الصحافيون اجتماعا تمهيديا ثانيا بهدف تأسيس نقابة منضوية تحت لواء الإتحاد العام التونسي للشغل. وندّد المشاركون بالحملة التي تشنّها بعض الصحف والصحافيين المحسوبين على السلطة، التي تهجّمت على النقابة قبل أن تولد.
-قرار إضراب في "اتصالات تونس" ليوم 28-06-07 هو الثالث من نوعه في ظرف 3 أشهر احتجاجا على نتائج الخصخصة وعدم استشارة الأعوان والموظفين قبل اتخاذ الإجراءات التي تضرّ بمصالحهم كالتخلي عن بعض الخدمات لفائدة الخواص والإستغناء عن بعض الأقسام. اتخذ القرار في اجتماع الهيئة الإدارية لجامعة للبريد والإتصالات (نقابة وطنية قطاعية)"الشعب" 23-06-07.
-طرد بالجملة: أطردت الشركة التونسية للإطارات المطاطية بمدينة "مساكن" (الوسط الساحلي) 108 عامل عشية الأول من ماي (أيار)، ولم تحترم الإجراءات القانونية, وتواطأ بعض "النقابيين" مع صاحب المصنع حسب تصريحات العمّال الذين اعتصموا بالمصنع قبل أن تخرجهم الشرطة بالقوّة ثم بالمقرّات النقابية الجهوية والوطنية, ومن بين المطرودين عامل حاصل على جائزة "العامل النموذجي" قبل 4 سنوات. من مدونة "سفيان الشورابي sofinos.maktoobblog.com "
-احتجاجات عمالية مطالبة باحترام الحق النقابي وخلاص أجور وتطبيق اتفاقيات سابقة في مؤسسات عديدة منها: "سومتراجات", "كودن واتش سستام" (سوسة), زغوان تكستيل", شركة الخليج بمدينة زغوان (إضراب لعدم صرف أجور شهر أيار-ماي), "السريعة للخدمات" بمدينة قفصة (إضراب لعدم صرف أجور أبريل وماي), ديوان الحبوب: مطالبة بتسوية وضعيات كان من المفروض تسويتها منذ مدّة..... موقع "الشعب"-مختصرات من الوضع الإجتماعي 23 -25 حزيران- جوان 2007 .
تونس-حريات: تعاني المنظّمات المستقلّة عن السلطة الأمرين ولا تستطيع القيام بنشاطاتها العادية ولم تسلم من ذلك منظمة العفو الدولية (فرع تونس). تذّمر مؤخرا السيد "الحبيب مرسيط" رئيس الفرع من "المضايقات والتعتيم الإعلامي والتشويه وتحريف الوقائع ومغالطة الرأي العام بشأن دور وعمل منظمة العفو الدولية" صحيفة "مواطنون" 20-06-07
اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: منذ أكثر من سنة تعدّدت تحركات واحتجاجات أصحاب الشهادات الجامعية المعطلين عن العمل (بعضهم أقصي عمدا من المناظرات) ومن تحركاتهم: تجمع يوم 21-06-07 أمام مقرّ محافظة تونس, وكالعادة منعت الشرطة السياسية المشاركين من التظاهر السلمي وأوقفت النشطاء منهم ككل مرة يقومون فيها بمحاولة لتحسيس الرأي العام أو اصحاب القرار. 80 ألف خريج جامعي سنويا في تونس يبقى 60 بالمائة منهم في حالة بطالة.
تونس-اقتصاد: التقى "روبرت ويلسن" رئيس مؤسسة "بريتش غاز" البريطانية رئيس الدولة وصرّح إثر المقابلة ان الشركة تعتزم استثمار أكثر من 1,3 مليار دولار لتطوير حقلين للغاز الطبيعي في تونس. الصباح 21-06-07
- بلغت قيمة الإستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الشهور الأربعة الأولى من السنة الحالية 440,3 مليون دينار (320 مليون دولار), بزيادة 67 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية, رغم تراجع الإستثمار في قطاعي الصناعات المعمليّة (2,2- بالمائة) والسياحة(35,3- بالمائة) على عكس القطاع غير الصناعي والطاقة. الوكالة التونسية للنهوض بالإستثمار الخارجي 21-06-07
الجزائر: قام وزير الدفاع البرتغالي بزيارة رسمية للجزائر اجتمع خلالها برئيس الحكومة وبالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وصرّح بأن العلاقات ممتازة فيما يتعلّق بالتعاون الثنائي بين البلدين. تترأس البرتغال "الإتحاد الأروبي" بداية من 01-07-07 (رئاسة دورية كل 6 أشهر) موقع "مغاربية (وزارة الدفاع الأمريكية) 20-06-07 .
- التقى المفوض الأروبي للطاقة مع وزير الطاقة والمناجم الجزائري للتباحث في رفع كمية الغاز المصدرة لأروبا من 23,5 مليون متر مكعب إلى 55 مليون متر مكعب عام 2010 والجزائر هي ثالث ممول بالغاز لأروبا. وكالة "أروبا براس"-أسبانيا 24-06-07.
- أعلن الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين ان المفاوضات حول مراجعة شبكة (سلم) الأجور –التي لم تراجع منذ 1966 – على وشك النهاية وسينتج عنها زيادة بمعدل 25 بالمائة بالنسبة ل1,6 مليون موظف عمومي. "الخبر" 24-06-07
موريطانيا: اجتمع يوم 21-06-07 وزراء دفاع وخبراء عسكريون من البلدان الأروبية والمغاربية في نواق الشط لمدة 3 أيام , "لمناقشة مسألة الهجرة السرية والعوامل المؤدية للهجرة غير الشرعية وآثارها وأساليب معالجتها ودعم موريطانيا للحدّ من وفود المهاجرين الذين يستعملون أراضيها كنقطة عبور" (سؤال منطقي: هل هذا الموضوع من اختصاص الجيوش والخبراء العسكريين ؟) موقع "مغاربية" 22-06-07.
المغرب-عودة سنوات الجمر؟: مازالت حملات القمع متواصلة ضد مناضلي الجمعيات الحقوقية والعاطلين والنقابيين وبلغ عدد المحكومين 17 منذ تظاهرة 1 أيار منهم المناضل محمد بوقرين وعمره 72 سنة (عام سجن نافذ وغرامة بألف درهم) بسبب التضامن مع المعتقلين العشرة الأولين, وهو مناضل قاوم الإستعمار الفرنسي ثم سجن في عهد محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 26-06-07.
العراق, أخطر مكان للعمل الصحفي: منذ الإحتلال الأمريكي وإلى غاية نهاية أيار قتل 184 صحافي و39 من العاملين في مجال الإعلام, أثناء تغطية الأخداث, منهم 108 صحافي عراقي.المصدر: لجنة حماية الصحفيين و مراسلون بلا حدود.
توفيت الشاعرة العراقية "نازك الملائكة" في أحد مستشفيات القاهرة يوم 21-06-07 عن 84 عام, وهي من رواد الشعر العربي الحديث الذي تمرد على القافية والشعر العمودي التقليدي. نشرت عام 1947 قصيدتها الشهيرة "الكوليرا", وفي نفس السنة نشر "بدر شاكر السياب" قصيدته "هل كان حبا" واعتبرت القصيدتان بداية الشعر العربي الحديث. صدر ديوانها الأول "عاشقة الليل" في نفس السنة. نشرت العديد من الدواوين والدراسات الأدبية ومجموعة قصصية ودراسة في علم الإجتماع...
سوريا: صدرت مراسيم الترخيص لتسع جامعات خاصة في ثمان محافظات سورية حدّدتها وزارة التعليم العالي, فاصبح بذلك عدد الجامعات الخاصة 18 . هذه الخطوة تدخل في باب ما يسميه وزير الإقتصاد "اقتصاد السوق الإجتماعي" عن "تشرين" (صحيفة رسمية) 21-06-07
السعودية: أمرت السلطات السعودية –شفاهيا- البنوك بالفصل بين النساء والرجال في المقرّات المركزية: طوابق ومداخل ومقاصف منفصلة, وهو الشيئ المعمول به في الفروع. تشغل البنوك 3 آلاف امرأة من جملة 60 ألف موظّف, وهو ثاني قطاع مشغّل للنساء بعد الصحّة. النساء ممنوعات من السياقة والإنتخاب. ميدل إيست أون لاين 25-06-07
الأردن: يؤكد النظام الأردني في دعايته على نجاح البرامج التنموية وتحسين مستوى عيش المواطنين (الرعايا) بفضل "التصحيح الإقتصادي" المتبع في السنوات الماضية, ولكن مسح العمالة والبطالة في الأردن لسنة 2006 يبين أن 9 بالمائة من العاملين لا يتقاضون إلا 100 دينار (الحد الأدنى القانوني 110 دنانير) و85,3 بالمائة من العاملين تقلّ رواتبهم عن 300 دينار, وهو حسب الخبراء الأجر الأدنى لتوفير الحاجيات الضرورية, ونصف العاملين يتقاضون أقل من 200 دينار. مركز الأخبار "أمان" 21-06-07
السودان: صرّح وزير المالية السوداني "أحمد مجدوب" أن الإستثمارات الصينية بالسودان في مجال البترول بلغت 6,3 مليار دولار إضافة إلى 300 مليون دولار في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات. "الخليج" (الإمارات) 26-06-07
فلسطين 1948-تهويد النقب: قامت قوات الإحتلال الصهيوني يوم 25-06-07 بهدم ما لا يقل عن 30 مسكن إضافة إلى حضائر حيوانات في قريتي "العتير" وأم الحيران" في النقب (جنوب) لتقيم مكانها مستعمرة لليهود, وقد هجٌر السكان مرة أولى من "رهط" عام 1956 بأمر عسكري(عند الإعتداء الثلاثي على مصر) وأقيمت على أنقاض مساكنهم مستعمرة "شوفال" وتم "توطينهم" منذ 51 عام في القريتين واليوم تستعمل السلطات الصهيونية عبارة "غزاة" لتوصيفهم. تخللت عملية الهدم والتهجير اعتقالات وإصابات في صفوف أصحاب الأرض الشرعيين.
مقاطعة: قرّرت النقابات البريطانية "يونيسون" يوم 20-06-07 المقاطعة الكاملة للكيان الصهيوني (اقتصاديا وثقافيا وأكاديميا ورياضيا) "حتى نهاية الإحتلال" (المقصود أراضي 67) وصرّح "ميري ماغوير" أمين النقابة: "اننا نساند دولة اسرائيل وسنواصل علاقاتنا مع النقابات المهنية ونداء المقاطعة يهدف إلى وضع حد للإحتلال". النقابة تظم 1,3 مليون منخرط متعاقد مع مصالح الدولة والقطاع العمومي الموقع الصهيوني "اسرائيل نيوز" (بالأنجليزية)20-06-07
الكيان الصهيوني, جيش يملك جهاز دولة: جرت الإنتخابات الداخلية لحزب العمل الصهيوني يوم 12-06-07 لاختيار رئيس الحزب. تنافس 5 مرشحين: "داني يتوم" جنرال, رئيس سابق للموساد (المخابرات) – "أوفير بينس" محامي ووزير سابق – "عامي أيالون" أمرال, قائد سابق للبحرية وقائد سابق للموساد – "إيهود باراك" جنرال, قائد عام للجيش ورئيس حكومة سابق ومسؤول عن قمع شديد لفلسطينيي 48 – "عمير بيرتس" وزير الحرب.
في باريس, وعلى هامش محاكمة أحد الصهاينة (نادرا ما يحدث هذا الأمر) الذي ثبت تورطه عدة مرات في الإعتداء بالسلاح الأبيض والسلاسل على مناصري الفلسطينيين في فرنسا, صرح أحد الشهود (ضابط في الشرطة العدلية) بأن الشاب الصهيوني الذي هاجر من فرنسا واغتال في تل أبيب سائق التاكسي الفلسطيني "تيسير كراكي" (من بيت حنينا), كان من ضمن الأعضاء العنيفين الناشطين في "رابطة الدفاع اليهودية" المورط أعضاؤها في العديد من أعمال العنف والتهديد بالقتل, والمفروض أن هذا الشاب كان تحت المراقبة, وهو مورط في طعن ضابط شرطة فرنسي حاول منعه من الإعتداء على متظاهرين. وبقي المجرم بحالة سراح ولم يتخذ ضدّه القضاء أي إجراء, حتى سافر إلى أراضي 48 واقترف جريمته التي قال أنها لأسباب عنصرية وعن إحساسه عند ذبح "تيسير كراكي" قال: "كاني كنت أذبح عصفورا, فما هو إلا عربي". الموقع الإلكتروني لأسبوعية "لونوفال أبسرفاتور" 20-06-07
مصر-تطبيع: منذ عام 2000 أنشئت "شركة شرق المتوسط للغاز" بهدف استفادة الكيان الصهيوني من الغاز المصري برأسمال مشترك يتكون من 65 بالمائة لـ"حسين سالم" و10 بالمائة لـ"لشركة المصرية للغاز الوطني" و25 بالمائة لشركة "ميرحاف" المملوكة للرأسمالي الصهيوني "جوزيف ميمان". عام 2005 (وكجزء من اتفاق سياسي بين الصهاينة والحكومة المصرية) تمّ الإتفاق على تزويد مصر للكيان الصهيوني ب7 مليار متر مكعب من الغاز المصري وينصّ الإتفاق على إمكانية مضاعفة الكميّة عند الإقتضاء, لمدة عشرين عام. المفاوضات جارية الآن لتفريط "حسين سالم" لأكثر من 10 بالمائة من أسهمه لفائدة الرأسمالي الصهيوني الأمريكي "صامويل زابل" ليصبح للصهاينة نصيب "الأقلية المعطلة" (34 بالمائة من رأسمال الشركات). نذكر أن مصر هي ثاني منتج للغاز بأفريقيا بعد الجزائر. المصدر: الصحيفة الصهيونية "هاآرتس" 21-06-07 . من جهة أخرى انعقد بالقاهرة يوم 18-06-07 مؤتمر أورو متوسطي لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي (27 من أروبا و11 من جنوب المتوسط منهم الكيان الصهيوني) وقررت أوروبا "منح" مصر 11 مليون أورو لدعم البحث العلمي شرط التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني في المجال الأكاديمي والعلمي وإعادة النظر في برامج التعليم (باتجاه أكثر تطبيع) التزاما بما أقره "مسار برشلونة" منذ 1995 . قال الدكتور "شريف عيسى" رئيس المركز القومي للبحوث في مصر "ان هذا الإتفاق يكرس هيمنة (اسرائيل)". موقع "الأنباء العالمية"- مصر 23-06-07
اليمن- الرأسمال "الحلال": انعقد في صنعاء "منتدى صناعة الخدمات المالية الإسلامية: الموجة المقبلة" ويبدو من خلال وثائق المنتدى ان أسواق التمويل "الإسلامية" استهوت 1,5 مليار مستثمر في العالم, بنمو سنوي قدر ب20 بالمائة للخدمات المالية "الإسلامية". توقع الخبير الماليزي "سيد عثمان الحبشي" (عميد كلية) أن يصل حجم رأس المال "الإسلامي" إلى 4 تريليون دولار عام 2010 , اعتبارا وأن الطلب الحالي على الصكوك المصرفية "الإسلامية" قيمته 500 مليار دولار , وتمتلك هذه المصارف سيولة كبيرة وموجودات تبلغ 250 مليار دولار( أموال النفط) رويترز- 25-06-07
لبنان-جنود للكراء: قتل 6 جنود أسبانيين من قوات "اليونفيل" في جنوب لبنان, واتضح أنهم من مستعمرات أسبانيا سابقا (من البيرو وبوليفيا وكلومبيا...) أمضوا على عقود تنصّ على تعويض أهاليهم بمبلغ 23 ألف أورو فقط في حالة قتلهم. إذاعة فرنسا الدولية- 25-06-07
إيران-إضراب: يتواصل إضراب معامل السكر في مدينة "التلال السبعة" (الأهواز) منذ 10-06-07 ولم يتقاض العمال أجورهم منذ 3 أشهر, وعوّضت الحكومة إدارة المصانع "بخبراء" من المباحث والمخابرات. المعامل معروضة للبيع في إطار الخصخصة, وقد عمد الخواص الطامحون لشراء هذه المعامل بثمن بخس لإغراق السوق بالسكر المستورد بتواطئ مع الإدارة , ليظهروا عدم ضرورة بقاء المعامل في القطاع العام. ضغطت السلطات المحلية والمخابرات على العمال لإنهاء الإضراب, دون ضمانات, فلم تنجح محاولاتهم. عن "منظمة حقوق الإنسان والديموقراطية في إيران" 23-06-07 .
- ارتفعت قيمة الإستثمارات الأجنبية في إيران بنسبة 700 بالمائة خلال 19 شهر الماضية لتصل 22 مليار دولار, فيما .ارتفعت قيمة الإستثمارات الخاصة خلال عام 2006 لتبلغ 14 مليار دولار. تصريح وزير الصناعة والمناجم "غلام رضا طهماسي" لوكالة "أرنا" الرسمية 25-06-07.
-حطمت إيران الرقم القياسي في تنفيذ أحكام الإعدام سنويا (مقارنة بعدد السكان) خصوصا ضد الأحداث (دون 18 سنة): إعدام ما لا يقل عن 17 حدث منذ 2004 (الرقم الحقيقي غير معروف), آخرهم "سعيد قنبر زاهي" عمره 17 سنة عند إعدامه يوم 27 ماي –أيار 2007 وقد أوقف وحوكم وأعدم في ظرف بضع أسابيع "هيومن رايتس ووتش" 20-06-07
افغانستان تحت الإحتلال: ارتفع انتاج أفغانستان من الأفيون (الذي يستخرج منه الهروين) من 4500 طن عام 2005 إلى 6700 طن عام 2006 وتوسعت مناطق زراعته من 257 إلى 407 ألاف فدان. تصريح "أنطونيو مارسيا كوستا" مدير "مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات في الأمم المتحدة"
مالي: امتنعت الصحف عن الصدور يوم الإثنين 25-06-07 احتجاجا على اعتقال السلطة لخمس صحافيين بسبب نشرهم مواد اعتبرتها الحكومة تجاوزا لحرية التعبير. موقع "إذاعة فرنسا الدولية" 25-06-07
نيجيريا: بعد إضراب عام دام 4 أيام تسبّب في شلّ الحركة في البلاد, أمضى الرئيس (الجديد) "عمرو يارادوا" اتفاقا مع أهم مركزيتين نقابيتين, تلتزم الحكومة بمقتضاه بتجميد أسعار بعض المواد البترولية "الشعبية" لمدة سنة, وإلغاء نصف الزيادة المقررة في المواد الأخرى, وشارك في الإضراب العام 90 بالمائة من العمال والموظفين. رويترز 24-06-07
الصين: تظاهر أكثر من 20 ألف شخص (حسب الأرقام الرسمية) وتصادموا مع الشرطة احتجاجا على طردهم بالقوّة من منطقتهم (في مقاطعة زهيجينغ, شرق البلاد) واتهموا السلطات المحلية بالتواطئ مع الشركات العقارية التي تستولي على الأرض طلبا للربح. هذه ثالث مظاهرة منذ شهر, في مناطق مختلفة ومتباعدة, ضد التهجير القسري . أ.ف.ب. 24-06-07
فيتنام: منذ نهاية الحرب (1975) ومنذ ربط العلاقات الدبلوماسية (1995) يزور ,لآول مرة, الرئيس الفيتنامي "نغوين مينه تريت" أمريكا. بالمناسبة اشترت دولة فيتنام صفحات إشهارية كاملة في أهم الصحف الأمريكية, تدعو من خلالها الرأسماليين الأمريكيين للإستثمار في فيتنام. سبق أن زار كلنتون (2000) وبوش (2006) فيتنام وعقدا العديد من الإتفاقيات التجارية والمالية. يبلغ حجم التبادل بين البلدين 9 مليار دولار , وعقدا اتفاقية سنة 2001 لكن فيتنام يرغب في جلب استثمارات أمريكية أكبر. رويترز 24-06-07
الأمم المتحدة- المنظمة العالمية للهجرة: يقدّر عدد المهاجرين في العالم ب190 مليون إنسان (ما يقارب 3 بالمائة من سكان العالم) لكن الهجرة "المنظمة" بين ضفتي المتوسط في انخفاض شديد مما أدى إلى تنامي الهجرة "غير القانونية" الصباح(تونس) 21-06-07
– منظمة العمل الدولية: أقرّت الدورة 96 للمنظمة اتفاقية حول العمل في قطاع الصيد البحري (رقم 188) وتهمّ 30 مليون عامل وعاملة على ظهر السفن لصيد 95 مليون طن من الأسماك بقيمة 84,9 مليار دولار (أرقام 2004) في ظروف عمل قاسية, ففي روسيا مثلا 190 ألف حالة وفاة(كافة القطاعات) بسبب سوء ظروف العمل وخطورتها سنويا, يفوق عدد عمال البحر المتوفين نسبتهم الحقيقية من قوة العمل الروسية. بيان صحفي 14-06-07
- منظمة التجارة العالمية: فشلت الجولة الأخيرة من المفاوضات المنعقدة بمدينة"بوستدام" الألمانية كما فشلت جولة "هونغ كونغ" عام 2005 وجولة "الدوحة" (قطر) عام 2001 وقال وزير خارجية البرازيل "سيلزو أموريم" : "إن الوفدين البرازيلي والهندي غادرا قاعة الإجتماع لأن الإتحاد الأروبي وأمريكا لم يقدما تنازلات في مجال التجارة العالمية والزراعة" فهم يدعمون مزارعيهم ويفرضون الحماية على أسواقهم ويطالبون غيرهم (الدول الفقيرة خاصة) برفع الدعم وفتح الأسواق. أعرب بوش عن خيبة أمله لفشل المفاوضات. رويترز + ب.ب.س. 21-06-07
اقتصاد-دمج: استحوذت شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" بالكامل على رأسمال شركة الخطوط الجوية السويسرية مع بقاء هذه الأخيرة كشركة مستقلة اعتبارا من بداية تموز-يوليو. موقع "دويتشه فيله" 21-06-07
فرنسا: أدانت محكمة فرنسية شركة "كارفور", أكبر شركة توزيع في فرنسا (213 مغازة) ومن أكبر الإحتكارات العالمية في مجال البيع بالتفصيل بغرامة قدرها مليونا أورو (2,6 مليون دولار) بسبب "الإشهار الكاذب والدعاية لسلع (بأسعار بخسة) غير متوفرة في المغازات وابتزاز المزودين والضغط عليهم لتخفيض الأسعار بعد إمضاء العقود. كان المدعي العام وإحدى جمعيات المستهلكين قد طلبا غرامة ب 4,8 مليون أورو " وكالة الصحافة الفرنسية ( أ.ف.ب.) 26-06-07
سويسرا: أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا تتّهم فيه الحكومة السويسرية بالتغطية على الممارسات العنيفة والعنصرية والمنافية لحقوق الإنسان, التي تقوم بها الشرطة وشركات الأمن الخاصة, ضد المهاجرين والمناهضين للعولمة والناشطين الحقوقيين والنقابيين. يقع التقرير في 170 صفحة ويعطي 30 مثال على اعتداءات الشرطة التي لم يتم التحقيق فيها علنا ولم يتابع مرتكبوها قضائيا, وتكتفي الحكومة بتحقيق داخلي يبرئ ساحة أفراد الشرطة. سويس انفو 26-06-07 . تقول النقابات السويسرية انه ما بين 2003 و2006 لم تتجاوز الزيادة في الأجر الحقيقي للعمال في سويسرا 0,8 بالمائة, بينما زادت أجور مسيري الشركات ومداخيل أرباب العمل ب66 بالمائة أي 80 ضعفا لزيادة أجور العمال, وهذا الرقم يتقارب مع ما يحصل في البلدان الأروبية الأخرى. نقابة "ترافاي سويس" 26-06-07
أستراليا: لأول مرة يقف شرطي أمام المحكمة بسبب قتل رجل من السكان الأصليين للبلاد (الأبوريجان) تحت التعذيب في مقر الشرطة بعد إيقافه في الطريق العام, لكن الحكم كان: عدم سماع الدعوى وإخلاء السبيل. يونايتد براس 20-06-07
أمريكا: وأخيرا أدانت المحكمة العليا في "مساشيوتس" شركة "وول مارت" (ثاني أكبر شركة احتكارية عالمية) بسبب التفرقة في الأجور ضدّ النساء (غرامة ب2 مليار دولار) وقد سبق أن أدينت لعدم دفعها استحقاقات الضمان الإجتماعي وأجور متدنية (40 بالمائة أقلّ من معدل أجور "السوق"). تشغّل أطفالا دون 18 سنة ومهاجرين ونساء بأجور متدنية وساعات إضافية غير خالصة وعدم الإستراحة للأكل وهي أكبر سلسلة لمغازات البيع بالتفصيل في العالم. بلغت مرابيحها 11,2 مليار دولار سنة 2006 , وسبق أن تحدثنا عنها في مناسبتين. عن "موفمنتز" صحيفة يسارية أمريكية العدد 12.

(المصدر: قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بتاريخ 28 جوان 2007)

دعــــوة
يتشرف التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي بدعوتكم لحضور ندوة فكرية سياسية حول موضوع
حرية الضمير والمعتقد
تقديم الأستاذ عبد المجيد الشرفي
يوم الجمعة 29 جوان على الساعة السادسة مساء
بالمقر المركزي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
الكائن 4 نهج أنقلترا تونس.

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


مؤتمر التجديد في جويلية
أصدر المجلس الوطني لحركة التجديد، يوم 24 جوان 2007، بلاغا جاء فيه أن موعد انعقاد المؤتمر الموحد يوافق أيام 27 و28 و 29 جويلية 2007 بتونس العاصمة.

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)

محتجزو غوانتانامو أمام المحكمة العسكرية بتونس:
أصدرت المحكمة العسكرية بتونس بطاقة إيداع في شأن المتهم عبد الله بن عمر بن على الحاجي المكنى أبوزيد الذي كانت قد سلمته الولايات المتحدة مؤخرا رفقة مواطنه لطفي لاغة للسلطات التونسية بعد خمسة سنوات من الاحتجاز بمعتقل غوانتنامو. وكانت طائرة عسكرية أمريكية حملت المعتقلين من قاعدة غوانتانامو إلى تونس في الليلة الفاصلة بين 17 و 18 جوان 2007 حيث ضلا طيلة مدة الرحلة التي دامت أكثر من 10 ساعات مقيدين و معصوبي العينين و مرتديين لأجهزة عازلة للصوت على الأذنين. و قد حطت الطائرة بقاعدة عسكرية تونسية حيث تسلمهم أعوان من أمن الدولة كانوا في انتظارهم.

هذا وقد عينت المحكمة العسكرية بتونس موعد القضية الاعتراضية لجلسة 26 سبتمبر 2009 أمام نفس الدائرة و ذلك للنظر في الطعن في الحكم الغيابي الصادر ضده سنة 1995 عن المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 20 سنة في إطار قضية الجبهة الإسلامية بتونس و قد تمكن عبد الله بن عمر منذ تاريخ اعتقاله بباكستان سنة 2002 من الالتقاء لأول مرة بمحاميه ثم زوجته.وقد أودع المعتقلان بالسجن المدني بالمرناقية في زنزانات انفرادية.

لقاء بين القروي والسفير الأمريكي:

استقبل أول أمس الاثنين 25 جوان حامد القروي النائب الأول لرئيس الحزب الحاكم سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس روبار قوداك. وحسب المصادر الإعلامية الرسمية فقد تناول الجانبان مواضيع تتعلق بالتعاون الثنائي بين البلدين. فيما أكد حامد القروي في حديثه على ما أسماه " بالدور الريادي الذي يضطلع به التجمع في بناء مجتمع حداثي متفتح ومتقدم في كنف التلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي..." وقد أطنبت وكالة تونس أفريقا للأنباء في الحديث عن إنجازات الحزب الحاكم مضيفة أن السفير الأمريكي عبر عن " إعجابه بما حققته تونس من تقدم مطرد .." ولم تشر الوكالة إلى أن الأحاديث تناولت في جوانبها الوضع السياسي والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

غير لائق!!!
نشرت جريدة الإعلان لعددها 1723 مقالا بعنوان"هل أصبح الاتحاد مأوى لشرذمة فاشلة"، حيث تم نقل تعليق الصحفي مولدي مبارك خلال اجتماع تحضيري لنقابة الصحفيين.
و يعاب على الجريدة احتفاءها بهذا الكلام غير اللائق، و تقديمه بما يؤكد أنه رأي الجريدة، و احتفاءها بالمتفوه به و تكريمه بتقديمه للقراء مع صورة ملونة!!
الاختلاف أمر محمود و لكن اتهام الناس و التجني أمر مذموم. و إن الإساءة الواردة بهذه "الصحيفة" لا تطال الصحفيين المعنيين بها فقط، و لكنها تمس أعرق منظمة اجتماعية و نقابية بالبلاد وهي الاتحاد العام التونسي للشغل.

غير لائق!!!
نشرت جريدة الإعلان لعددها 1723 مقالا بعنوان"هل أصبح الاتحاد مأوى لشرذمة فاشلة"، حيث تم نقل تعليق الصحفي مولدي مبارك خلال اجتماع تحضيري لنقابة الصحفيين.
و يعاب على الجريدة احتفاءها بهذا الكلام غير اللائق، و تقديمه بما يؤكد أنه رأي الجريدة، و احتفاءها بالمتفوه به و تكريمه بتقديمه للقراء مع صورة ملونة!!
الاختلاف أمر محمود و لكن اتهام الناس و التجني أمر مذموم. و إن الإساءة الواردة بهذه "الصحيفة" لا تطال الصحفيين المعنيين بها فقط، و لكنها تمس أعرق منظمة اجتماعية و نقابية بالبلاد وهي الاتحاد العام التونسي للشغل.

إعتداء بالعنف على طالب سجين :

تعرض السجين علي بوزوزية الأسبوع الماضي إلى اعتداء بالعنف الشديد من قبل أعوان السجن المدني بالمرناقية. وأفادنا شقيق السجين الذي زاره الأسبوع الماضي أنه لاحظ أثار عنف على وجه شقيقه وعندما استفسر عن السبب أعلمه بأنه تعرض إلى الاعتداء من طرف الأعوان داخل السجن. هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا السجين هو طالب بالسنة الثالثة في اختصاص الإعلامية بكلية العلوم ببنزرت ويقضي فترة حكم بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة سرقة كتاب من المعرض الدولي للكتاب بتونس أواخر شهر أفريل الماضي. وقد قضت المحكمة الابتدائية بتونس بسجنه فيما طالب أحد المحامين الحكم بعدم سماع الدعوى نظرا إلى طبيعة المسروق والغرض من عملية السرقة، علما وأن الكتاب الذي استولى عليه المتهم هو بعنوان بؤس الفلسفة " لكارل ماركس. كما أن تحديد موعد لجلسة الاستئناف في هذه القضية لم يتم بعد رغم أن مطلب الاستئناف تجاوز الشهر وتجدر الإشارة إلى أن رجال الأمن تعاملوا بقسوة وبمنطق كيدي مع هذا الطالب نظرا إلى نشاطه النقابي في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس.

ندوة وطنية وهيئة إدارية:

عقدت اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد اجتماعا اليوم الاثنين 18/06/2007 و قررت

· تنظيم لقاء مع قدماء الاتحاد لطلبة تونس "للاطلاع على تجاربهم النضالية صلب الاتحاد والاستفادة من خبرتهم"، حسب ما ورد في نص البيان، وذلك يوم السبت 30 جوان 2007 بالمقر المركزي للاتحاد
·كما تم تحديد يومي السبت 07 والأحد 08 جويلية 2007 تاريخا لعقد ندوة وطنية تحت شعار:

"الوحدة النقابية صلب الاتحاد العام لطلبة تونس ضرورة من أجل النهوض بدور الإتحاد في الجامعة و البلاد"

من جهة أخرى قرر عدد من أعضاء الهيئة الادارية للمؤتمر 24 عقد إجتماع للهيئة الادارية الوطنية يوم 8 جويلية المقبل.
و يخشى عديد الملاحظين أن يكون يوم 8 مارس، يوم عنف على اعتبار امكانية الصراع على سيادة المقر المركزي لإتحاد الطلبة.

تضامن نقابي:
أصدر عدد من النقابيين بيانا لمساندة نقابيي جهة القصرين الذين تعرضوا إلى عنف شديد من قبل رجال الأمن، و اللافت في الإمضاءات على هذا البيان/العريضة تمثيلية أغلب القطاعات النقابية و الجهات، بما يؤكد خطورة الحادث، و حرص النقابيين على التضامن و التآزر و التعاون، و الاستعداد الدائم للتصدي لكل أشكال الهرسلة

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


منظمة العفو الدولية
الجلسة العامة على الأبواب
أعلن فرع تونس لمنظمة العفو الدولية عن موعد انعقاد جلسته العامة يومي 30 جوان و01 جويلية القادمين ببورصة الشغل بتونس العاصمة.
ويتضمّن جدول أعمال هذه الجلسة محاضرة حول عقوبة الإعدام وشهادة لأنطوانات شاهين ضيفة الفرع.
كما ستشهد الجلسة مساء يوم 30 جوان تكريما للأعضاء المؤسسيين للفرع وعرضا لشريط وثائقي حول مراحل التأسيس، فيما سيتم تنصيب مكتب رئاسة الجامعة وتقديم جدول الأعمال للمصادقة عليه ثمّ انتخاب لجنة مراقبة النيابات ليتمّ فيما بعد تلاوة تقرير الهيئة التنفيذية والتقرير المالي وتقرير مراقبي الحسابات علما وأن هذه التقارير سيتم طرحها للنقاش بشكل علني. هذا وقد تضمن جدول الأعمال أيضا ورشات عمل حول محاور المجلس الدولي لسنة 2007 قسمت إلى ورشة بعنوان إستراتجية حقوق الإنسان وورشة الإستراتجية التنظيمية وورشة التنمية.
وستختم هذه الجلسة بتقديم توصيات وفد الفرع للمجلس الدولي وإنتخاب مكتب رئاسة الجلسة العامة لسنة 2008.
وقد شهد فرع منظمة العفو الدولية بتونس محاصرة ومضايقة من قبل السلطات التونسية في الفترة الأخيرة.
وكانت العفو الدولية فرع تونس دعت إلى ائتلاف وطني ضدّ عقوبة الإعدام شارك فيه عدد من المنظمات والجمعيات التونسية منهم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطّيات وجمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية وجمعية الصحفيين التونسيين والجامعة التونسية لنوادي السينما وأكثر من مائة شخصية وطنية أكاديمية وحقوقية وعدد من الفنانين الأطباء ومناضلي حقوق الإنسان.
وفي ردّة فعل على نشاط المنظمة قامت السلطات بإيقاف الأستاذ الحبيب مرسيط رئيس فرع المنظمة بتونس يوم الجمعة 15 جوان الجاري لمدّة ساعات بمنطقة الأمن بتونس العاصمة بعد أن اقتحم عناصر من البوليس منزله وقاموا بتفتيشه بتعلة البحث عنه حيث لم يكن بالمنزل إلاّ زوجته وابنته.
وتوجّه السيد الحبيب مرسيط إلى منطقة الأمن بناءا على دعوة المسؤولين الأمنيين له حيث تمّ إعلامه بأنّ الائتلاف الوطني ضدّ عقوبة الإعدام هو نشاط غير قانوني في الوقت الذي لا تستند فيه السلطات إلى أي قانون بمنع إلتقاء منظمات وجمعيات مدنية من أجل المطالبة بإلغاء قانون الإعدام.
وتصرّ السلطات التونسية في الأشهر الأخيرة على تجريم كلّ التحرّكات التي لا تصبّ في خانتها سواء قامت بها أحزاب سياسية معارضة أو منظمات وجمعيّات سياسية معارضة أو منظمات وجمعيّات مستقلّة.

أحمد ثابت

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


عمّال الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية
طرد تعسّفي لأكثر من مائتي عامل
تمّ يوم 1 ماي 2007 وهو اليوم الموافق للعيد العالمي للعمال ( عيد الشغل بتونس ) طرد 208 عاملا من عمّال الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطّاطية بمساكن طردا تعسفيا.

وحسب تصريح العمّال الذين إلتقيناهم بالمقرّ المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل الأسبوع الماضي فإنّ عمليّة الطرد التي تعرضوا لها دون تبرير كما أنّ الكاتب العام للنقابة الأساسية بالشركة قد وافق عليها بعد إتفاق جمعه بمدير الشركة قد وافق عليها بعد اتفاق جمعه بمدير الشركة والذي يشغل منصب رئيس بلديّة مساكن.

ويقول أحد العمّال أنهم لم يكونوا على علم بأيّ قرار، حيث كان من المفروض أن يكون يوم غرّة ماي يوم عيدهم وعطلتهم إلاّ أنّه كان يوم طردهم رغما عنهم من عملهم الذي يمثل مصدر قوتهم وقوت عائلاتهم.
البعض من هؤلاء العمّال تجاوز العشرين عاما من العمل في صلب هذه المؤسسة فيما تراوحت فترة عمل أغلبهم من 10 إلى 20 عاما وكلّهم أرباب لأسر وآباء لأطفال في سنّ المدارس.
طرد دون مبرّر وسلب للمستحقات
ورغم القوانين التي تضبط العلاقة الشغلية وتضمن للعمال حقوقهم إزاء مؤجريهم فإن المئات من المؤسسات الخاصة تضرب عرض الحائط بهذه القوانين ولا تخضع فيما بعد إلى التطبيق الفعلي لقرار وأحكام تعويض المطرودين.
كما أن الصبغة الإلزامية لقوانين التعويض في القانون التونسي لا تزال هشّة وتترك الفرصة لأصحاب المؤسسات لاعتماد شتى الأساليب للتهرّب من آداء التعويض.
شركة صناعة الإطارات المطاطية قرّرت تعويض المطرودين بالإتفاق مع النقابة الأساسية بمبالغ هزيلة لا تساوي خمس مستحقّاتهم وقررّت أيضا حسم أمر الطرد نهائيا دون عودة وقد رضي عدد قليل من المطرودين بهذا التعويض الذي لم ينفذّ فعليا إلى حدود اللحظة.
كما استقدم المدير ميلشيات مسلّحة بالعصيّ ووضعهم على مدخل الشركة لتعنيف ومنع كلّ محاولات المطرودين الدخول إلى مقر عملهم والاحتجاج داخله.
وفي تحرّك نضالي من أجل العودة إلى عملهم قام هؤلاء الشغالون بسلسلة من التحركات النقابية انطلقت يوم 2 ماي 2007 ودامت أسبوعا كاملا بمقرّ الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة ولكن دون جدوى مما دفعهم إلى المجازفة والدخول في إعتصام وإضراب عن الطعام بين 20 ماي و10 جوان الجاري وهو ما جعل المسؤولين الإداريين بالشركة يقرّرون عدم مغادرتها والمبيت فيها في تحدّ لإرادة المعتصمين وبغرض استفزازهم.
ولم يقم أي من المسؤولين على المستوى الجهوي أو الوطني بالتدّخل لإنهاء هذه المظلمة بل وصل الحدّ إلى درجة رفض هؤلاء المسؤولين ومنهم والي الجهة لقاءهم.
وإصرارا منهم على التمسّك بحقهم توجه المطرودون إلى الاتحاد العام التونسي للشغل في مقرّه المركزي بالعاصمة يوم 5 جوان الجاري للاعتصام أمامه وتعهدت المركزية النقابية بإيجاد حلّ لوضعيتهم لكنهم لم يحصلوا على حلّ بعد. وهو ما دفعهم إلى الاعتصام مجدّدا بالمقر المركزي للاتحاد يوم 20 جوان الجاري ثمّ انتقلوا ليلا إلى مقرّ الإدارة العامة للشركة بالعاصمة حيث قرروا مواصلة الاعتصام ليلا نهارا إلى أن يستردوا حقوقهم.
هذا وقد أصدر هؤلاء العمال بيانا عبروا فيه عن مطالبهم المشروعة والمتمثلة في إرجاعهم إلى عملهم بالشركة.

أحمد ثابت

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


يوم احتجاجي للمعطلّين
دعا اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل إلى يوم احتجاجي أمام مقرّ ولاية تونس يوم الخميس الماضي وتوجّه نصّ الدعوة إلى قوى المجتمع المدني لمساندة أصحاب الشهادات المعطلين.
وكانت صباح الخميس 21 جوان الجاري أغلب الأنهج المؤيدة إلى مقرّ الولاية على مستوى شارع الحبيب بورقيبة أو حتى المداخل الأخرى قد أغلقت من قبل العشرات من رجال البوليس بالزيّ المدني والرسمي. فيما تموقعت مجموعة كبيرة منهم بشارع " روما " .
وتوزّعت على الساعة الحادية عشر صباحا مجموعات من خريجي الجامعة المعطلين بين محطات المترو ومقر الولاية فيما صعد عدد منهم إلى عربات المترو وتولّى توزيع بيان حول تحركات المعطلين من أجل الحق في الشغل بغرض التحسيس بقضيتهم. وكان هؤلاء المعطلّون قد إرتدوا قميصا أبيض موحّدا كتب عليه شعارات منها " حق الشغل " و" حق التعويض عن البطالة " و " لا للرشوة، لا للمحسوبّية ". وشهدت التحركات تفاعلا كبيرا من قبل المواطنين سواء في محطات المترو أو داخله وأمام مركز الولاية.
وقد تدخّلت قوات البوليس بعنف شديد لتشتيت المحتجين أمام مقرّ الولاية فيما فاجأهم تواجد العديد منهم داخل عربات المترو. وهو ما جعل أعوان البوليس يفقدون أعصابهم ويعتدون بالعنف الشديد على البعض منهم.
كما تمّ إيقاف أربعة من أعضاء الاتحاد طيلة ساعات بمنطقة الأمن بباب بحر حيث تمّ تهديدهم بالسجن. وأبدى أعضاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل صلابة وتمسّكا بحقهم في الشغل بعد أن أعلنوا عن تأسيس هذه المنظمة في ماي 2006 وقاموا طيلة ما يزيد عن عام بالتوجه بمراسلات وبزيارات إلى كافة الوزارات لمحاولة طرح مطالبهم غير أن ّالأبواب أقفلت في وجوههم وتمّ التعامل معهم بمنطق أمني حيث كانوا يحاولون في كلّ المناسبات إيصال أصواتهم إلى المسؤولين، لكنهم يتعرضون للتعنيف والإيقاف. وتقول السلطات التونسية أنّ نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعة بدأت تتراجع بفضل خياراتها في حين يتخرّج سنويا من الجامعة التونسية قرابة الستين ألف صاحب شهادة ولا تتسع المناظرات السنوية والإنتدابات وتوفير المشاريع الصغرى إلا لتشغيل ثلث هذا العدد مما جعل أعداد خريجي الجامعة المعطلّين يتجاوز 150 ألفا مع نهاية العام الماضي.

أحمد ثابت

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


قفصة: "بيان عمالي" يطالب بالشفافية المالية ورفع الوصاية على الشأن النقابي
أصدر عدد من عمال المناجم بقفصة "بيانا عماليا" قدموا من خلاله الأسباب الحقيقية لتجريد نقابيين من صفتهم النقابية، و طالبوا بضرورة الكشف المالي، متهمين أطرافا (نقابية) بالاستثراء على حساب العمال، و ممارسة الوصاية على العمل النقابي بجهة قفصة، "مواطنون" تنشر أهم ما جاء في هذا البيان:
"لم تكن مطالبتنا بالكشف المالي للجامعة العامة لعمال المناجم ّإلا دعوة للإلتزام بالقانون الذي تعتمده المنظمة خصوصا فيما هو مالي و التقيد بالمناشير المالية الصادرة عن المركزية النقابية و الالتزام بمبدأ الشفافية و الوضوح.
وهي مطالبة نعتبرها إجراءا عاديا جدا داخل أعضاء المكتب التنفيذي للجامعة العامة لعمال المناجم، خاصة و أن هذا الكشف لم يتم منذ انعقاد الجامعة في فيفري 2005.
و رغم دعوتنا المتكررة إلى البت في هذا الملف المالي، فإننا مازلنا ننتظر إلى الآن انجاز ذلك رغم إنهاء اللجنة الوطنية للمراقبة المالية التحقيق في الغرض".
"...إننا نريد أن نلفت انتباهكم إلى الممارسات غير المسؤولة و التصرفات التي ما انفك أصحابها ينفردون بالقرار منذ عهد بعيد و يمارسون الوصاية على الشأن النقابي خدمة لمصالحهم و مشاريعهم المالية المربحة، عبر المناولة و استغلال اليد العاملة وهي ممارسات يرفضها الاتحاد رفضا مطلقا.
و رغم التباين داخل الجامعة بين من يدعو إلى الكشف المالي و من يرفضه، فقد كان المتشبثون بالكشف المالي على وعي بأن تواصل هذا التباين لا يخدم مصلحة العمال، لذا توصلوا إلى عقد اجتماع دوري للجامعة –و إن كان متأخرا جدا استنادا لما ينبغي أن تكون عليه دوريات الاجتماعات- لتطويق الخلاف و تجاوزه نحو توحيد الممارسة خدمة لمصالح العمال، مع التشبث بضرورة انجاز الكشف المالي و متابعته كما يدل على ذلك محضر جلسة الاجتماع المذكور في أواخر شهر ماي 2007.
و حرصا على إحاطة العمال علما بالمستجدات في هذا الإطار انعقد لقاء عمالي دعا له نخبة من العمال للتساؤل حول آخر الأخبار المتعلقة بالملف المالي، وهو أمر أثار حفيظة الأوصياء على الشأن النقابي الذين لا يتورعون على الإثراء على حساب العمال، إذ اعتبروا الدعوة إلى انعقاد مثل هذا اللقاء دون علمهم جريمة لا تغتفر.
اثر ذلك مباشرة، وقعت الدعوة إلى انعقاد مجلس قطاعي للمناجم يوم الاثنين 11 جوا 2007 بالاتحاد الجهوي بقفصة دون دعوة الأعضاء الثلاثة للجامعة المتمسكين بضرورة انجاز الكشف المالي وهو إقصاء متعمد و تغييب مقصود وقع إعداده سلفا، الغرض منه تجريم هؤلاء الأعضاء مما هم براءة منه و الدليل على ذلك "إجماع" أعضاء المجلس القطاعي على ضرورة تجميد هؤلاء الأعضاء و تجريدهم من الصفة النقابية وهو إجراء طال الأخوين مقداد معمري عضو اللجنة الجهوي للمراقبة المالية و المولدي السحيمي عضو اللجنة الجهوية للنظام الداخلي، و التهمة لكليهما: "حضور هذا اللقاء و احداث تصدع داخل القواعد العمالية".
و لا يخفى على المتابعين للشأن النقابي الجهوي عموما و المنجمي خصوصا العلاقة الوثيقة بين هذه الأحداث و تداعياتها من ناحية و بين ما يطمح إليه أصحاب النفوس المريضة الذين يهندسون لهذه الأحداث في المحطات النقابية القريبة القادمة.
إن هذه الأزمة الخانقة التي تمر بها الجامعة العامة لعمال المناجم و ما يترتب عنها من انعكاسات سلبية على عمال القطاع، تدعو كل نقابي غيور إلى ضرورة الوقوف ضد المتسببين الحقيقيين في هذه الأزمة خدمة لمصالهم الضيقة بإستغلال مناصبهم داخل الجامعة أو من يستثمر هذه الأزمة من مواقف نفوذ لا تتعارض مع مصالح هؤلاء.

(المصدر: صحيفة "مواطنون" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)

الاستــاذ فيصـــــل الزمنـــــي : المحــامــاة التونسيـة عشية مؤتمرهــا

(الجزء الثـــالث) و(الجزء الرابــع)

البــــــاب الثــــانــى : الوضع المتـــــأزم للمهنـــــة

ـ د ـ : المشـــــاكل الداخليــــــة :
اذا تحدثنـا عن المشـاكل الداخلية للمهنة فانه من الممكن الحديث عن عدة مشـاكل منهـا الجديد و منهـا مـا توارثته الهياكل المهنية منذ مدة قديمـة . و يحـاول جمع من المحـامين القـاء كتلة هـذه المشـاكل على السلطة و نسبتهـا اليهـا و من هـذه الجموع العميد الحـالي الذى يحمل السلطة معظم مساوى المهنة . فى حين أنه هنـاك البعض من المحـامين و على قلتهم يعتبرون أن السلطة لم تساهم فى تعميق أزمة المحـامين و أنهـا تمسكت بالحياد و انمـا الازمة تعود للقطـاع من الداخل بدون تأثير خـارجى .
سوف نحـاول التعرض الـى هـذه المشـاكل بكل يجـاز علمـا و أن هـذه المشاكــــل تنفجر يوم الاقتـــــراع و هي تمثل الارضية التى يتسابق عليهـا المترشحون و كل يعد بحل هـذه المشـكل .

أ : المـالية و المـــــوارد .

تمثل الموارد المـالية للهيئة مشكل من أهم المشاكل المطروحـة ... ففى حين ترى الهيئة ضرورة الترفيع فى قيمة الاشتراكات السنوي للمحامين قصد تسديد العجز الحـاصل , بالاضافة الـى مطـالبتهـا بالترفيع فى قيمة طابع المحاماة ... يرى بعص من المحـامين أن المحامـاة غنية بمـا يكفيهـا ويغنيهـا عن الحـاجة الـى الترفيــــع فى قيمة الاشتراكـــــات و لا قيمة طـابع المحاماة و أنه يكفى ممـارسة رقابة جدية على عـائدا ت طـابع المحامات... و يقدم بعض هؤلاء رقم : سبعة عشر مليون من الدينارات ... ضـائعة من عـائدات التـامبر .... و الملاحظ أن أي من المترشحين للعمـادة أو للهيئة أو للفروع لم يتعرض لهـذه النقطة .... و كلهم مروا عليهـا مرور الكرام ....

ان المدافعين عن حق المحـامين فى التصرف الكـامل فى طـابع المحاماة يذهبون الـى ضرورة أن تتولى الهيئة طبع الطوابع و ترقيمهـا و عرضهـا للبيع بوسائلهـا الخاصة ... مؤكدين أن ذلك يوفر لهيئة المحـامين مداخيل تغنيهـا عن الزيادة فى الاشتراكات و فى قيمة الطـابع .

كمـا أنه من المتوقع أن يقع حساب عسير للتصرف المـالي هـذه المرة ... خـاصة و أن العديد من المحامين صـاروا يجهرون بانتقادات لاذعة تتعلق بالتصرف المـالي ... بل أن المطلبية ذهبت الـى ضرورة اخضـاع التقرير المـالي للتصويت السري و ليس برفع الايدى كمـا هو معتاد .

ان كل هـذه المؤشرات توحى بجلسة عـامة ساخنة ...خـاصة و أن العـادة جرت على أن يترك التقرير المـالي للمصادقة بعد منتصف الليل و بعد أن يغـادر جل المحامين قـاعة المؤتمر بحيث أنه لا يبقى فى القاعة الا من حضر للتصويت...... و على أقصى تقدير فان التقرير المـالي يصوت عليه مـا بين المـائة محـام و المـائة و الخمسين أو المـائتين و فى وقت بين الواحدة و الثـانية و النصف صباحـا ... و يتم ذلك برفع الايدى و خلافـا لمـا جـاء بقانون المحاماة الذى يؤكد على سرية الاقتراع .

و يذهب البعض الـى أن الصراع من أجل تمرير التقرير المـالي قد انطلق منذ التصويت على مشروع النظـام الداخلي للمهنة اذ أن هـذا النظـام قد تبنى عدة حلول و أخضع شباب المحاماة الـى عدة اقصـاءات من التصويت و من الترشح لمعطيات مـالية أساسهـا دفع الاشتراكات ... و برفض المحـامين لهـذا التحديد و التضييق يجد الان الجميع راحتهم فى ممـارسة الحقــــــوق الراجعـــــة لهم من الجلسات العـامة و ظروف انعقـادهـا .


ب ـ : المحـامـاة و العمل السيــاسي

يمثل ملف العمل السياسي مشكلة المشـاكل داخل المهنة فالجميع تقريبـا يمـارس السياسة ... و لكن بدرجات.. و الجميع فى نفس الوقت يتمسك بفصل المحاماة عن السياسة .... و هو أمر غريب يدعو الـى التوقف عنده .

فهذه خلية المحـامين التابعة للحزب الحـاكم يسعى البعض منهـا للظهور بمثـابة المقـاتل فى الصف الاول الذى يتصدى للمعـارضين فى المهنة ... فى نفس الوقت الذى يتمسكون فيه باستقلالية المهنة... و نحن نتذكر كيف أن أحد الكتاب العـامين للحزب الحـاكم قد حضر للاحتفـال بأحد نزل العـاصمة لـدى أول انتخـاب لمجموع دستورية بجمعية المحامين الشبان . و نحن لا نعتقد أن ذلك الحضور ليس من جـانب سياسي .

ان المحاماة التونسية قد و لدت فى السياسة ... و ترعرعت فيهـا كمـا أنه من أكبر رجالات السياسة قد ربوا داخل بيت المحاماة التونسيــة الا أنه لا يجب أن تتحول ساحة المحاماة الـى حلبة سياسيـة ... فالحزب الحـاكم لا يعر تسييس القطـاع أهمية متى كـان الميزان راجحـا لفـائدته... أمـا اذا رجح لغيره فان القيامة تقوم ... و لا تقعد ...

ان الاعتقـاد السـائد يذهب الـى أن الصدامـات و المدافعـات التى تحدث داخل المهنة بين المحامين التجمعيين من جهة و المحامين المعـارضين من جهة أخرى كثيرا ما تكون لهـا علاقة بتسميات أو انتخابات خـارج المهنة ... فالمحـامى التجمعى يريد استفزاز المعـارض ليتولى تبنى مواقف الحزب الحـاكم و الدفـاع عنهـا أمـام المحامى المعـارض حتى يستثمرهـا داخل حزبه و ينتفع بمزاياهـا و يظهر بمظهر الفارس الصنديد الذى يدافع عن حمى الحزب الحـاكم بدون هواده فى وجه المعـارضة اللعينـة ...

كمـا أنه و من الجـانب الاخر فانه هنـاك من المتطوعين لاذكـاء النار وسط الهشيم .... و منح هؤلاء التجمعيين فرصة للعمل ...و البروز... على حساب محـامين أخرين نزهـاء من الحزب الحـاكم نفسه ... و هو مـا يطرح تسـاؤل حول هـذه المصادفات الغريبــة ....

و لاجل كل ذلك فان هـذه اللعبة صارت الان واضحة و مفضوحة ... بمـا جعل القواعد المهنية تثور ضد العمل السياسي داخل المهنة من هـذا الجـانب و من ذاك .و لاجل ذلك فقد عـاب عديد المحامين على عمـادتهم مساندة حركة 18 أكتوبر بزيارة عميد المحـامين لمقر الاضراب... فلئن يحق لاي شخص أن يساند أو أن يختلف مع هـذه الحركة فانه ليس لعميد المحـامين الذى انتخــــب ليكون عميدا لكل المحـامين و ليمـارس العمـادة طبق مقتضيات قانون مهني حدد لـه اختصاصاته , اتخـاذ موقف بهـذا الحجم بدون استشـارة قـاعدة المحـامين العريضة ... التى تتحمل نتيجة تصرف فردى . بل و تحملته ...

ان هـذا التمشي استغله بعض المحامين لكي يصفوا المهنة و الهيئة بحزب سياسي و هو أمر خطير للغـاية اذ أن الفصل بين الوقــــوف الـى جانب المعـارضين أو غيرهم عندمـا يحالون على العدالة واجب مهني و وطنى... و بين الخروج من مقرات الهيئة للذهـاب الـى موطن ممـارسة اضراب للجوع معـاد لمجهود رسمي فى البلاد يستقبل تظـاهرة عـالمية و فى وقت تحتضن فيه البلاد قمة عـالمية و أمميــة يعتبر موقفـا سياسيا بدون منـازع ... و هو فى رأينـا يخرج الهيئة عن اختصاصهـا .

لـذلك فانه من المتوقع أن يشهد المؤتمر القـادم تحركـا فى اتجـاه فصل السياسي عن المهنى فى جميع الاتجاهات ... من جانب القواعد و حتى البعض من المحامين المنتسبين للحزب الحـاكم كمن جانب بعض المحامين المعارضين . و للحديث بقيــة ...

البـاب الثـــــــالــث : المـحــــامــاة و الانفتــاح على العـــــــالم

ان هـذه النقطة تمثل التقـاء العديد من المحـامين و فى نفس الوقت سببا لاختلافاتهم . ان قراءة واقع المحاماة بعين مجردة يجعلنـا نتوقف عند مقـاييس ضبط لم يعد بالامكـان الابقـاء عليهـا و هي موجودة لدى المحامين فالحديث عن الاكتظـاظ و عن التروى فى فتح المنافذ للدخول الـى المهنة و رفض انتصاب الاجانب و فتح مكاتب لهم بالبلاد لا زالت كلـها شعـارات تجد رواجـا داخل المهنة و هو مؤشر غير مطمئن اذ أنه ليس من المنطقى أن يقع التمسك بالمحاماة كمهنة حرة فى حين أنه يتم رفض فتح الحدود و المنافذ .
ا ن المنطق يقضى أن تقع المطـالبة بالمعـاملة بالمثل أي أنه يتجه رفض فتح المكاتب فقط بالنسبة للبلدان التى ترفض تمكين المحـامى التونسي من الانتصاب لديهـا كرفض اقامة المحامى الاجنبي القادم من بلد يرفض اقامة المحامى التونسي .

انه من الضروري بل و المطلوب أن تتحول الهياكل المهنية الـى أدوات تكوين و تأطير للمحـامى التونسي و تأهيل لـه ليكتسح العـالم و يشترك مع غيره و ينخرط فى اشتراكـات مهنية و تمثيليات ..الخ ..الخ.. الا أن الواقع يؤكد لنـا عكس هـذا فبعض الزملاء الذين لهم مواقعا على شبكة الانترنات لا زالوا ينظر لهم كمرتكبين لاخطـاء مهنية ... كمـا أنه ليس من المنطقى أن يقوم أحد المترشحين للعمـادة بحملته على شبكة الانترنات فى حين أن هيئة المحـامين التى لهـا موقعا على انترنات لم تستغله لعرض نقاشات النظـام الداخلي و حرمت الشريحة العريضة من المحامين من داخل البلاد من المشاركة فى النقاش ثم فى الصياغة .

ان المحاماة فى وضعهـا الحـالي و بكل تجرد هي عبـارة عن سفينة قد اقتربت من اقتحـام عباب البحر... مع حلول سنة 2008 لكنهـا لم تتسلح بأخشاب من النوع الذى يصمد أمـام الامواج ... و أخشى مـا نخشاه أن تتكسر السيفنة أو أن تعود من حيث أتت و تخسر معركة الانفتــاح .

كل ذلك يأتى فى الوقت الذى كـان مرجوا فيه أن توضع الجلسة العـامة بواسطة " الواب كامرا " على شبكة الانترنات ليتابعهـا المحامون من كـامل البلاد و أن يقـــــع التصويــت عن بعد ان لزم الامر و أن توجه البرقيات و الدعوات بواسط ارساليات الانترنات... فاننـا لا نزال نعـاين بعض الاجتهـادات التى تريد أن تجعل من المحامـاة محـاصر ة بالداخل و الانفتاح يقتصر على أشخـاص معينين حتى يحتكرون تمثيل المهنة بالخـارج ... و يخرجون باقى المحـامين من النطـاق الدولي .

ليس كل مـا فى العولمـة مختلا و ليس كل مـا جـاءت به غير ذى جدوى...
لـذلك فانه مطلوب فتح مجـال انجـاز التربصات فى الخـارج و قبول المحـامين الاجانب للتربص بالمكاتب التونسيـة و تشجيع مكـاتب المحامين على استغلال القوانين المتعلقة بالخدمـات و تنظيم التظـاهرات العلميـة و غيرهـا ....

البـاب الثــالث :المحــامــاة علــى بــاب الوزيـــــــــــــر

ان كل الذى أوردنـاه أعـلاه و مـا سنقوله لاحقـا و مـا يرد على لسان الزملاء و مـا تكتبه أقلامهم . مأاله الطبيعي هو بـاب الوزيـر الذى نطرقه كل مرة لكي نطلب الانجـاز .و فى كل مرة أو فى أغلبية المرات تتكلم الوزارة لغة غير لغة المحـامين . و السؤوال هو التـالي : من من الطرفين يا ترى عليه أن يعدل الاوتـار لكي يمكن للطرف الاخر أن يتنـاسق معه ؟ الوزارة أم المحـامـاة ؟

ان مشكلة المشـاكل تمثل فى تخوف السلطة من بعض التجاوزات التى تصدر هنـا و هنـاك من المحامين و بالتـالي فهي تسعى لتضييق المجـال عليهم حتى لا تسهل لهم تلك التجاوات ... كمـا أنه فى المحـامـاة هنـاك من يسعى لاحراج السلطة و استفـاقة بعض ردود فعلهـا المعلومة مسبقا ليدفعهـا لبعض المواقف التى هي من السهل استغلالهـا داخل المهنة لاجل حملات انتخـابية أو غيرهـا .

ان المنطق العـاقل يذهب الـى أنه و فى الوقت الذى يجب الفصل فيه بين المهنى و بين السياسي على مستوى الفعل و ليس على مستـــــوى الاشخـاص أي أن يكون لاحد الزملاء نشاط سياسي داخل السلطة أو فى المعـارضة فان ذلك من كنه وجوده كمواطن بالبلاد أمـا داخل المهنة فمن واجبه أن يخلع الجبة السياسية عند دخوله المهنة و من واجب المهنة ألا تفرض عليه تلك الجبة و لو أنه فى الواقع ليس يلبسهـا .

لـذلك فان الوزارة مدعوة لتتفهم أنهـا ليست وصية على المحـامين كمـا أنه على المحـامين أن يفهموا أنهم ليسوا شوكة فى حلق الوزارة . ان الحل يكمن فى الحوار المتواصل و غير المنقطع مع الاعتراف للمحـامين بحقهم فى تسيير القطـاع مع احترام شروط و مظـاهر سيادة الدولة على أرض الوطن . ان هـذا التوازن الصعب و المجدى بين متطلبات ممـارسة الدولة للسيادة الداخلية من جهة و بين حق المـحامين فى مهنة حرة مستقلة دخولا و انتسابا و ممـارسة لهو المخرج الوحيد من الازمـة .

كمـا أننـا نذكر أن المحاماة بقيت و تبقى ملجأا لكل مظلوم و لكل من تتغير من حوله الاجواء ... فى أزمنة مختلفة و أمـاكن متعددة مثلهـا مثل كل الروافد الداعمة للحريات بالبلاد و ليس من مصلحة أحد أن يضغط عليهـا بمـا يمنع عنهـا الهواء و الحياة الطبيعيــة ... فالمحاماة تظل و تيقى ضمـانـا و دعـامة للجميع و على الجميع النهوض بهـا و دعمهـا .... خـاصة فى أصعب أوقاتهـا .

البــاب الرابــع :الانتظـــــــــــارات من مؤتمر المحـامين

تتميز الفترة الاخيرة بظهور جملة من المبادرات و المشاريع فقد ظهر من جهة توجه يذهب الـى ضرورة تقسيم هيئة المحـامين الـى هيئات جهويـة كمـا أنه هنـاك توجه يهدف الـى الحاق المحامين بأحد الصناديق الوطنية للتأمين على المرض ... الـى جـانب مشروع معهد المحاماة ...

ان جملة هـذه المشاريع و التوجهـات انمـا هي فى طريقهـا للتحقيق و التكريس ... لكن قد تدفع المحاماة ثمنـا غـاليا لهـذا الامر. ليس بخـاف على أحد أن الترشحات سواء لعضوية الهيئة أو للعمـادة لم تبلغ مرة العدد القياسي الذى بلغته هـذه المرة .
و لسـائل أن يتساءل عن السبب ... و كيف أن الترشحات قد تعددت حتى من جهة بعض الوجوه التى تستبطن نفس الخلفية السياسيـة ... ثم أن هنـاك من الوجوه القديمة من عـادت للساحة من بعد انقطـاع بعد أن عـاينت وجود فراغ يمكن استغلالــه .

ان تعدد الترشحـات فى رأينـا يؤكد كثرة الاختلافات داخل المهنة و عدم رضـاء المحامين على مردود هياكلهم المهنية كمـا أن بعض المشـاريع التى تلوح فى الافق قد جعلت من البعض الاخر يخشى ان هو تخلف عن الركب فقد يتولى غيره قيادة السفينة الـى مـا تحمد عقباه ...

الا أن كثرة الترشحات فى حد ذاته سوف يخلق أجواء مزاحمة و تفريق للاصوات لـدى عملية الاقتراع و بمـا أن الكراسي الواقع الترشح لهـا معدودة فانه فى جميع الحالات سوف يخرج العدد الاكبر من السباق بخفي حنيـن .. الا أن هـذا الخروج و بكثرة المترشحين سوف يجعل من الهياكل المنتخبة وجهة لسهـام كل هؤلاء الذين ترشحوا و لم يقع التصويت لهم بمـا يكفى للظفر بكرسي فى العمـادة . أي أن المعـارضين أو المواجهين للعميد المنتخب أو الهيئة المنتخبة سوف يتكـاثر عددهم و تزيد جرأتهم حتى لا نقول تطـاولهم ... مع العلم و أن ظـاهرة التطـاول على العميد قد تكررت عـدة مرات ..

اننـا نعتقد أن كثرة الترشحات من أنهـا أن تخلق زعامات مهنية جديدة و خـاصة بالجهـات و هو مـا يمهد لتجزئة المهنة ببعث هيئات محلية طـالمـا أن الزعامات المحلية موجودة و سوف تتولى باذن الله تعـالى حسب رأينـا اثبات قدرتهـا على التطـاول على الهياكل ... من أجل زعزعة المهنة و تفتيتهـا اربا اربـا ... و اننـا نرى ذلك قـاب قوسين أو أدنى خـاصة و ان هنـاك من الوجوه المترشحة من سوف لن يتورع عن دخول الوحل ... بقدمين لا تعرفان الخجل ... و لا تعترف بالموانع .

لـذلك فانه من أوكد انتظـارات المحـامين أن يتم انتخاب هيئة ديمقراطية و قوية قـادرة على التصدى لهؤلاء الذين سوف ينقلبون الـى مخربين بمجرد اعـلان نتائج الانتخـابات مستغلين الرواج النسبي لاسمـائهم مدفوعين أو مدعومين ببعض اخوانهم ممن أفلحوا فـى التسلل للهياكل المهنيـة .

الانتظـار الاخـر للمحـامين يتمحور حول انتخـاب هيئة جدية تتوصل الـى حل معظلة التغطية الاجتمـاعية و تدافع عن موارد المحـامين المـالية ثم تحـافظ عليهـا لـدى انفاقهـا . كل ذلك و بعض المحامين يلوم على الهيئة معـاملة المحـامين بسياسة المكيالين فهـذا محـام يقع تتبعه من أجل عدم خلاص الاشتراكـات و هـذا محـام أخر تدفع لـه الهيئة مصاريف العلاج ....
لـذلك فان هـذا الحمل قد ثقل و صـار المحـامون متشددون فى المطـالبة بالتغطية الاجتمـاعية و هي انتظـار أساسي لهم من الجلسات العـامة و من الانتخابات و من عمل الهيئة .


و لئن اتحد المحامون فى مـا يخص ضرورة الاسراع بالتغطية الاجتمـاعية فهم مختلفون بخصوص المواضيع المتعلقة بتوحيد مداخل المهنة و معهد المحاماة و تفتح المهنة على العـالم و فتح أبوابهـا لغير التونسيين .
ان هـذه الانتظـارات المختلفة تعود الـى اختلاف المصـالح و نوعية أرضية ممـارسة المهنة و الانتصاب .. الخ .. الخ ... كمـا أنهـا تعود الـى مواقف المحامين من العولمة و التعـامل معهـا بين الخضوع اللامشروط لهـا و بين المقاطعة ...الخ .. الخ ...

هـذه فى ايجـاز فكرة أسهمنـا بهـا من جهتنـا قصد انـارة الرأي العـام حول الانتخابات القادمة للمحامين باعتبـار أن هـذه المهنة تشكل أحد ركـائز المجتمع المدنى فى بلادنـا و لعلهـا أهم ركيزة لـه فى غياب كل عمل حزبي معـارض جدى بالبلاد .


راشد الغنوشي طائر الحرية الإسلامي
مهنا الحبيل

أحسب أن من أهم مصادر الثقافة العربية المعاصرة الوقوف على تجارب أساتذتها وفلاسفتها، وخاصة تلك التي تجمع بين التنظير والفلسفة من جهة والعمل الميداني النضالي من جهة أخرى.
ومن أوائل من دعا لإعادة وعي الفكر الإسلامي الصحيح في النقل والعقل ومبادئه التي تُعظّم إشاعة الحرية والحقوق والمساواة والعدل تلك الحقائق المغيبة عن الضمير العربي قبل صعود الخطاب الإسلامي والمشوهة من حملات الغرب، ومن أطراف دينية اخترقتها النظم الاستبدادية أو أحالها التبشير بما يسمونه الإسلام الأمريكي إلى فكرة محرفة مشوهة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.
إن هذه القضايا الرئيسة التي هي في أصل التشريع مبادئ لا تنزل أبداً عن مستوى الفريضة والواجب من عدل وحقوق ومساواة كانت هي منهج الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- في اقتفائه للنبي الأعظم وأصحابه، وأجمع على قدوته واتباعه فيها فقهاء الأمة حوربت من هذه الأطراف التي ذكرنا.
وكان أُستاذنا الكبير راشد الغنوشي من أوائل المكافحين المعاصرين عن الفكر الحقوقي والمنهج العدلي الذي تُبشّر به الدولة الإسلامية، وهو ما جدّد عهدنا به وبطرحه المتميز في مراجعاته في قناة الحوار.
كان من المؤلم بمكان أن تُذكرنا حلقات الأستاذ الغنوشي بكفاحه ونضاله وإخوانه في حركة الاتجاه الإسلامي التونسية في مواجهة الاستبداد العلماني الظالم والقاهر للإنسان وحرية فكره وكرامته الذي قدم الإسلام الرسالي عدواً أول له، وأزاح هوية الشعب وحضارته بالحديد والنار حتى هذه اللحظة وإن كانت تونس العظيمة لم ولن تستسلم، ولن تخضع إلاّ لراية الحق والعدل الإسلامي.
راشد الغنوشي تغرّب في أوروبا، ولكنه بقي يعيش همّ الشعب وهمّ الأمة همّ الفكر وهمّ الدولة العادلة، يضنيه ألاّ يجد الشعب حريته، يطير مبشراً بالفجر الإسلامي القائم على العدل والمساواة ومقاوماً لقوى الظلم والقهر والاستبداد التي تُصب على الشعب التونسي وعلى جميع قواه الديموقراطية، ولكن الطائر أبقى من القنّاص على الرُغم من سلاحه وتصويبه؛ فهو يطير في سماء الحرية، ولو أودعها بذوراً تنبت زرعاً يحصده الشعب بعد تضحيات المناضلين.
أشار الأستاذ الغنوشي إلى تجارب عديدة تحتاج فعلاً إلى إعادة قراءة للوعي الإسلامي من جديد، وكنت قد قرأت كتابه الأخير الصادر من دار الراية، ووجدت فيه نقداً ذاتيا مهماً للحركة الإسلامية.
ولقد ألمح الأستاذ الغنوشي إلى حجم التفاؤل المبالغ فيه الذي اعتقده في الثورة الإيرانية، وها نحن ذا نعيش الآن وفق مبادئها أكبر عملية خطف وشق للـصف في التاريخ العربي المعاصر نفذتها هذه الثقافة، وكنت أود أن تراعي مشاعر مئات الملايين من المسلمين الذين أفاقوا على هذه الحقيقة في إعادة طباعة كتابه وسفره التاريخي "حقوق الإنسان في الدولة الإسلامية"، ويحذف الشخصية التي أنشأت هذه الثقافة المدمرة من إهدائه، وأن هناك تضحيات أسمى وأجلّ أن يُهدى لها مثل هذا العمل العظيم، وفي كل الأحوال نحيي الأستاذ الغنوشي، ونقول له: طب نفساً، فقد أضحت أفكارك ومبادئك و قوداً لجيل التجديد الإسلامي القادم من تونس الخضراء العزيزة هي وأهلها على قلوبنا حتى المشرق العربي، ولن يتر الله أعمالكم، وبوركت تضحياتكم لأمتكم
(المصدر: موقع "الإسلام اليوم" (السعودية) بتاريخ 28 جوان 2007)
الرابط: http://www.islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=79&artid=9587

حول بورقيبة وجامع العابدين وتأكيد اسلام تونس وعروبة قرطاج ...
مرسل الكسيبي*-صحف عربية وشبكات اخبارية:
نشر صديقنا وأخونا الفاضل د.أحمد القديدي مقالا جميلا ومتوازنا على صحيفة الوسط التونسية* , فكان أن عدد فيه خصال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة , كما أرخ فيه لمواقفه الرئاسية الشجاعة في لحظات تاريخية حرجة مرت بها البلاد التونسية, ولقد تمنيت لو توقف أستاذنا الدكتور القديدي على تجربة الرئيس بورقيبة دون اقحام اسم الرئيس بن علي وجامع العابدين ضمن تقويمه لمشاعره ورؤيته لمرحلة تاريخية حافلة بالأحداث على عهد أول رئيس عرفته الجمهورية التونسية .

ليست لدي قطعا عقدة شخصية مع ثاني رئيس جمهورية عرفته تونس منذ نوفمبر من سنة 1987 , ولست من الذين يريدون تجريد مكسب معماري وديني أضيف لتونس من معانية ودلالاته , بقدر ماأنني وددت أن أغتنم هذه الفرصة من أجل التذكير بمجموعة من المسائل التي ينبغي التقيد بها منهجيا عند التطرق لبعض الظواهر التاريخية , يضاف الى ذلك استثمار هذه الاشادة المقحمة في سياق التأريخ لتجربة بورقيبة من أجل مناقشة معاني جملة مقصودة أسقطت في غير محلها على سياق المقال .

أورد الدكتور القديدي في مقاله المنشور على الوسط التونسية بتاريخ 26 جوان 2007 الفقرة الاتية :
"ان لبورقيبة فضائل لا يمكن نكرانها موضوعيا مهما اختلف معه الناس فهو في حياته مثل للاستقامة ، وهو رجل مبادىء و رجل دولة، و رفض الخضوع للقوى المهيمنة مرات عديدة أولها حين قاوم المؤتمر الأفخارستي عام 1931و الذي نظمه غلاة الاستعمار مع الكنيسة الأفخارستية لاحياء الذكرى الخمسين لاحتلال الجزائر و ذلك في كاتدرائية قرطاج، و الحمد لله أن قام الرئيس زين العابدين بن علي بتأسيس جامع العابدين بقرطاج ليؤكد اسلام تونس و عروبة قرطاج. و قاوم الزعيم بورقيبة أيضا مؤامرة التجنيس و رفض ذوبان الشعب في الأمة الفرنسية و قاد معارك مسلحة في المنستير راح ضحيتها شهداء بررة مثل شعبان البحوري عام 1933 ..."

أنطلق في مناقشتي للمقال المذكور من هذه الفقرة مستندا الى مارواه السيد محمد مزالي رئيس وزراء تونس الأسبق في شهادته على العصر عبر قناة الجزيرة الفضائية ,حيث ذكر بأن الرئيس بورقيبة كان في بداية الثمانينات على علاقة حميمية وصلت الى حد العشق والهيام والمداعبة مع سيدة تونسية وخارج اطار الزواج , حيث روى السيد مزالي بعض ماكان يفعله بورقيبة معها في سيارته أثناء مرافقته له في بعض التنقلات الرسمية ...

أكد الأستاذ محمد مزالي من خلال مارواه للأستاذ أحمد منصور بأنه كان يستحيي من رؤية امرأة تونسية متزوجة من شخص معروف في تلك الهيئة غير الأخلاقية التي كان يفرضها عليها الرئيس بورقيبة ..., وهو ماكان يشعرالأستاذ مزالي بالحرج الشديد دون القدرة على ايقاف مشهد ضاق به ذرعا في أكثر من مرة ...

مسألة ثانية أطرحها على الدكتور أحمد القديدي قصد تفهم مالمقصود بموضوع الاستقامة في حياة بورقيبة , أمام موافقته على تشريعات أباحت الزنى ونظمت امتهانه من قبل المرأة التونسية وهو ماسمح بوجود دور دعارة رسمية وقانونية في أغلب مدن البلاد التونسية , بما في ذلك مدينة القيروان رمز قداسة الاسلام بتونس المحروسة , وبمدينة تونس العاصمة وعلى مقربة مئات أمتار فقط من جامع الزيتونة ...!!!

وللتذكير والاعتبار والشهادة التاريخية , فانني أشهد الله تعالى بأنني استمعت سنة 1987 شخصيا للقلق الشديد الذي أبداه الشيخ العلامة عبد الرحمن خليف لوجود دار دعارة وبترخيص حكومي بمدينة عقبة بن نافع وعاصمة الأغالبة وخاصرة الاسلام في شمال افريقيا مدينة القيروان ,ولقد ذكر في شهادة على هذا الموضوع الذي أثار ضجره بأنه راسل في الغرض وبعد تحول 7 نوفمبر محافظ المدينة قصد اعادة النظر في الموضوع بناء على قداسة هذه المدينة التاريخية .

فقط أريد أن يبين لنا صديقنا الفاضل الدكتور أحمد القديدي المغزى من هذه الاستقامة في الحياة حين يقدم بورقيبة أيضا على المجاهرة بالافطار في رمضان أمام مرئى ومسمع من الناس وتحت مشهد تلفزيوني صدم له كل الغيورين على عروبة واسلام تونس , مالمعنى من هذه الاستقامة ؟,حين يخطب بورقيبة على روايات واسعة التداول ومشهورة بين الأوساط الدينية , حين يخطب في الستينات أو السبعينات مستهزئا بواحدة من معجزات الأنبياء وهي عصا موسى عليه الصلاة والسلام ...

مالمغزى من هذه الاستقامة أو ضرب المثل فيها حين يعمد الرجل الى الموافقة على تشريعات صادرت حق المرأة التونسية في ارتداء الحجاب بل فرضت عليها نزعه بسلطة الأمن والمنشور اللادستوري 108 .

ملاحظات كثيرة أود ابداءها على مسئلة ضرب الزعيم الراحل بورقيبة للمثل في مسألة الاستقامة أثناء حياته , غير أن مايمنعني من الغوص فيها هو تمثلي للحديث النبوي الشريف "اذكروا موتاكم بخير" , ولعل اكتفائي بذكر الحوادث التاريخية الانفة هو من باب تعداد قرارات وسلوكيات كان لها الأثر العظيم على اضعاف هيبة وقداسة الاسلام بالبلاد التونسية .

بلاشك فانني مجمع مع الدكتور القديدي على جرأة الرجل وشجاعته في كثير من الحوادث والمنعرجات التاريخية التي مرت بها تونس , ولكننا في معرض التأريخ لتجربة رجل دولة ,لابد أن نتصف بالتجرد والموضوعية , كما يتعين علينا التخلص من المشاعر الفياضة المترتبة عن الصداقة أو القرابة أو حتى الخصومة والمعاداة .

أما بخصوص اقحام اسم الرئيس بن علي وجامع قرطاج في موضع الاشادة في سياق تقييم المرحلة التاريخية لحكم الرئيس بورقيبة , فان ذلك مما يضعف منهجيا وعلميا من شهادة المؤرخ أو الشاهد التاريخي , بحكم أن السياق كان غير السياق التاريخي الذي بصدده موضوع المقال , كما أن ايرادك للجملة الاتية "و الحمد لله أن قام الرئيس زين العابدين بن علي بتأسيس جامع العابدين بقرطاج ليؤكد اسلام تونس و عروبة قرطاج" هو من المسائل التي لابد أن نترك الحكم عليها في مقال ذي نمط تاريخي للتاريخ وللزمن وللأجيال .

بعبارات أخرى فاننا لانشكك في أن الرئيس بن على مشكورا الشكر الجزيل أمر باقامة جامع العابدين بضاحية قرطاج , غير أن التأكيد على عروبة واسلام تونس من خلال هذا العمل هو مما يضعف بنية ومنطقا في ظل مايتناقله الناس والشهود العيان ووكالات الأنباء العالمية من أنباء حول الحملات الأمنية ضد المحجبات , كما أنه مما يضعف منطقا وتحليلا وتاريخا في ظل تعيين راديكاليين لادينيين في مناصب وزارية وحكومية حساسة , هذا علاوة على ترقية عدد كبير منهم في الهرم الأعلى للسلطة في مقابل استبعاد أنصار العروبة والاسلام , بل التنكيل والاقصاء المدروس والمتعمد الذي تعرض له أبناء التيار الاسلامي الوسطي في أكثر من موقع وظيفي رسمي أو غير رسمي .

ان اسلام تونس وعروبة قرطاج لايتأكدان فقط من خلال تشييد جامع العابدين الذي نعتبره مكسبا لتونس وشعبها, وانما يتـأكدان أيضا عبر اعمار بيوت الله وحض الشباب على عمارتها بدل الزج بهم بالشبهات في المعتقلات والسجون , كما أن اسلام تونس وعروبتها يمران حتما عبر اطلاق سراح كل من ألقي به في السجون والمعتقلات بسبب معتقداته أو ارائه السياسية .

ان اسلام تونس وعروبتها يحتمان اعادة أمجاد الجامعة الزيتونية من أجل تخريج كبار وتقاة العلماء الذين تبخر صيتهم ووزنهم منذ رحيل الشيخ عبد الرحمن خليف والطاهر بن عاشور والشيخ النيفر والشيخ لخوة عليهم رحمة الله جميعا .

ان اسلام تونس وعروبتها يقتضيان وضع حد للمظالم الكبرى التي تعرفها تونس في ظل تعطل مسيرة الاصلاح الحقيقي والشامل بعد أن عرفت البلاد طور المحاكمات والاعتقالات السياسية المفزعة بداية التسعينات من القرن الماضي .

اسلام تونس وعروبتها يقتضيان بلاشك طورا ثقافيا واعلاميا جديدا تحترم فيه الحدود الدنيا لقيم البلاد والعباد ولاتستفز فيه غرائز وحرمات الناس في ظل برمجة اعلامية فضائية وأرضية تونسية ورسمية تتهافت على اغراء العين والجوارح بالمشاهد الساقطة التي لاتحترم عقول وأفئدة التونسيين ولاتجعل لهم الا ولاذمة , وهو ماساهم في تغييب الروح العربية والاسلامية المشرقة عن صحفنا وقنواتنا التلفزية ومشهدنا السينمائي ...

كانت هذه ملاحظات سريعة في شكل احترازات نوردها على مقال صديقنا وأخينا الدكتور أحمد القديدي ونأمل منه سعة ورحابة الصدر , كما نرحب بملاحظاته وردوده على ماأوردناه في مقالنا هذا قصد اعادة النظر موضوعيا في تاريخنا الوطني المعاصر ,وتصحيح ماانحرف فيه من مسارات .

حرر بتاريخ 26 يونيو 2007

*كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@yahoo.de

(المصدر: صحيفة "الوسط التونسية" (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 27 جوان 2007)

التعاضدية البحرية للإستهلاك " كوبماك "
رسالة إلى محمد شعبان الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بضفاقس
نهج حفوز عدد 130 صفاقس
السجل التجاري 172941997 B
المعرف الجبائي 3756 D

صفاقس في 31/05/2007
إلى محمد شعبان شهر الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بضفاقس والذي تتخذ منه أسياده " زكرة " كما يتخذون من بعض العمال المغرربهم " طبل " لكي يتم تشكيل فرقة فلكلورية تغني حسب الوتر المطلوب لصالحهم .
لقد أردت أن أذكرك بأن للحديث بقية وأنه لا مجال لنسيان ماحدث لعمال التعاضدية البحرية للإستهلاك "كوبماك " من جراء ما أقترفت أيدي أسيادك وخاصة بعد ماوقع للسجين اللص محمد الناجي عبودة كما أن المجموعة التي شاركته سوف لن تفلت من التتبعات ولابد من إرجاع أموال الخمر التي نهبوها من التعاضدية " كوبماك " حيث أرسلوا جزء منها إلى أبنائهم المقيمين خارج حدود الوطن ويظنون أنهم مانعتهم حصونهم المتمثلة في الإرث الذي ورثوه وهو المنظمة الشغيلة التي يفرضون أنفسهم عليها منذ عقود وكما قلت لك بأن للحديث بقية بل لانزال في بداية الطريق .
كما أن تحركات الخبير في مادة الحسابات عبد الرؤوف غربال وهو أحد أفراد شبكة الفساد التي تديرونها والتي قام بها ضدي بإيعاز منك منذ واقعة 1 أفريل 2006 " المشهورة " بنزل أميلكارقصد ترهيبي وتخويفي فهذا أمر لايحرك مني ساكنا وستظهر لك وله الأيام إن شاء الله من الذي سيباع منزله في المستقبل القريب كما العمولة التي تسلمها منكم مقابل المماطلة التي مارسها في ملف التعاضدية "كوبماك " كما فعل بغيرها باتت معروفة وملموسة وظاهرة للعيان وعدم الإدلاء بالرقم الصحيح ( الرقم الذي صرح به في تقريره الأول قيمته 103.863.009 ديناراثم بعد التشكي لدى وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بصفاقس ورسمت تحت عدد 7/44908 تعهد بتقديم تقرير تكميلي وأصبح المبلغ المستولى عليه والمصرح به قيمته 1.1630374.855 دينارا وهذا الرقم كذلك غير صحيح بالمرة وهو عبارة عن ذر الرماد على العيون ولدينا إثباتات ومؤيدات تؤكد صحة أقوالنا ) ونحن متأكدين بأن الخبير عبد الرؤوف غربال يعلم علم اليقين الرقم الصحيح الذي وقع الإستيلاء عليه من طرف أسيادكم كما أننا نعرف كل كبيرة وصغيرة عن التلاعب والطريقة التي تقومون بها للسطو على أموال الشعب وأملاك الأجانب من بينها عملية شركة " سيفاكس لصنع الملابس الجاهزة " أي شركة وينان البرجي سابقا " القضية عـــدد 73 وشركة " ويبوتاكس " القضية عــدد 87 والتي تم تكليف الخبير عبد الرؤوف غربال أحد أفراد شبكة الفساد بدراسة الوضع الإقتصادي والمالي للشركتين وبيان كيفية مساعدتها والوسائل الكفيلة بإنقاذها منذ 5 جوان 2000 ولدينا إثباتات في ذلك وسيقع الكشف عنها لمن يهمه الأمر وهو مايؤكد تواجدكم معا في مثل هاته الملفات حيث المستثمر الأجنبي لايسلم من أعمالكم الدنيئة كما يجب أن تعرفوا بأنكم " المافيا " القومية والتي إنكشفت بفضل ملف تعاضدية " كوبماك " .
كما أن شبكة الفساد التي تشكلونها بالجهة سيتم القضاء عليها نهائيا بإذن الله وبعونه وللحديث بقية .

الإمــــــضـــــاء
العامل بالتعاضدية " كوبماك " وممثلها القانوني
فـــــــوزي المـــصـــفار
بسم الله الرحمن الرحيم

تحية إلى ناصح أمين
بقلم أبو البقاء التونسي

أخي ناصح أمين لقد اطلعت على مقالك عن الخلاص الفردي المنشور على موقع تونس نيوز بتاريخ 25 جوان 2007 م وأصدقك القول أن مقالك أذهلني لأنه جاء مطابقا لوجهة نظري في المصالحة ومايسمى بالخلاص الفردي ولما لمسته في مقالك من التزام بالمرجعية الشرعية الإسلامية وخاصة عند تناولك لمقال نور الدين ختروشي ـ الذي أسأل الله له الهداية ـ وهو الذي أساء كثيرا بتخبطاته حتى وصل به الأمر إلى تحقير من انضموا الى الحركة الاسلامية لأسباب دينية وتفضيل امثاله ممن انضموا اليها لاسباب سياسة بحتة!!! و ذلك أنني أعتبر أن أمثال الختروشي هم من أكبر المصائب التي ابتليت بها الحركة وباعدت بينها وبين وعد الله للذين آمنوا و عملوا الصالحات..., ومما يندى له الجبين أن يعمد موقع حركة النهضة الرسمي الى نشر ذلك المقال فرحا و اعجابا به لمجرد انتقاده لمبادرة الحامدي دون التفات الى ماورد فيه من انحرافات شرعية خطيرة! و قد أعجبت ايضا يا أخي الناصح الأمين بوضوحك وصراحتك في نأيك بنفسك عن توجهات الحامدي التي اقل ما يقال فيها أنها مشبوهة...نعم أخي الناصح الأمين لقد أعجبني مقالك المتميز لأن كل أو أغلب ما أقرأه في هذا المجال إما ينساق إلى تمجيد قرارات حركة النهضة ومواقف قيادتها التي لا تريد الاعتراف بالأخطاء و الهزيمة و تحمل مسؤولياتها في مراجعة جذرية لمسارها و منهجها قلا نكاد نسمع إلا التبرير و التمجيد والتقديس و حتى بعض الذين يزعمون النقد تراهم لا يتخلون عن تقديس قيادة النهضة و منهجها الفكري الذي صار عقيدة لا يمكن التخلي عنها كما هو دأب مريدي الطرق الصوفية و كل المتحزبين و هنالك مقالات أخرى عن المصالحة أخذت تخبط خبط عشواء في تمجيد النظام والمطالبة بمراجعة الثوابت الإسلامية وهي مقالات يكتبها أناس بضاعتهم من العلم الشرعي مزجاة بل هي تحت الصفر للأسف الشديد مع ضعف فادح في تقوى الله و جرأة عجيبة على الكلام في الدين و في السياسة الشرعية بدون الحد الأدنى من العلم ولهاث وراء كل من يخالف النهضة لتمجيده و تعظيمه و جعله نبراسا للهداية والخلاص مثل بعض اصحاب بيان ماي الذين يهولون من تجربة الراحل نحناج و حركته حمس في الجزائر و يصورونها و كأنها تجربة ناجحة و رائدة في العلاقة بين السلطة و العمل الإسلامي و ينسى هؤلاء أن المرجعية الملزمة هي مرجعية الكتاب والسنة و سنة الخلفاء الراشدين المهديين لا غير و أن تجربة نحناح و حمس نفسها تعرضت ولا تزال الى انتقادات كبيرة في الجزائر من المطلعين على الاوضاع لا يتسع المحال لذكرها هنا .... , وإن تكلم جماعة بيان ماي عما ينسبونه من استبداد إلى الاستاذ راشدالغنوشي وقفز على مؤسسات الحركة و تمهميش لها ـ وهو ما لست بصدد تبرئته منه هنا ـ فقد كان نحناح متضلعا في هذا المجال ودونكم كتابات ناقدي الحركة من قياداتها السابقة مثل خالد الحسن مشرف موقع العصر و كلامي هذا لا يعني دفاعي عن حركة النهضة التي يشهدالله أنني أخالفها و لا أنتمي إليها و لا إلى غيرها و لا أرى جدوى من تكوين حركات و أحزاب إسلامية في تونس و أدعو إلى مراجعة جذرية لتجربة العمل الإسلامي في تونس وفهم واقعنا و تجنب الصدام مع السلطة من دون السقوط في العمالة والاحتواء.
ويعمد هؤلاء الاخوة في خبط العشواء أحيانا الى الترويج في دوائرهم لكتابات خالد شوكات و الحامدي لمجرد خلافهم مع حركة النهضة في حين أننا نعلم جميعا إلا لمن أصيب بعمى الالوان أن المسمى شوكات قد تحول الى علماني وليبرالي جديد ..., ولكن بعد أن فشلت مساعي الحامدي و مشروعه الأرعن خرج علينا الأخ محمد العماري مشكورا ليعلن بشكل غير مباشر اختلافه مع مشروع الحامدي وهوموقف يحمد للأخ العماري, وهنا يحضرني سؤال طالما تمنيت طرحه على ما سمي بمبادرة الحامدي,وهو ما دام الحامدي يدعو الإسلاميين إلى الانضمام الى التجمع أو غيره من الأحزاب المعترف بها في تونس, فلماذا لا يقوم هو بهذه الخطوة و ينضم للتجمع أو غيره و يخدم الإسلام و البلاد من خلاله؟ أم أن مهمته هي فقط في احتواء الإسلاميين و تذويبهم و لماذا بمجرد أن سقطت دعوته تلك بادر إلى الدعوة إلى تكوين تياره الذي يدعو إليه والذي لم يجد إلى حد الآن من يستجيب له ,لسبب بسيط يعرفه جيدا وهو أن هنالك اجماع بين النهضويين و غيرهم من الاسلاميين التونسيين مستقلين وغيرهم على أنه إن أحسنا الظن به مجرد باحث عن الزعامة وعن مصالحه الشخصية يظن أنه من عباقرة تونس المعاصرين هذا بالاضافة إلى تهافت ما يطرحه و عدم احترامه لعقول الناس

وأعود لأقول بعد أن بينت اختلافي مع أغلب المقالات المطروحة التي نحى أغلبها كما أسلفت منحى تمجيد مواقف قيادة النهضة أو نحى منحى الحامدي أو قريبا منه إلا أنني لا أجد خيارا غير الخيار الذي يراه الأخ ناصح أمين, ولا أجد خيار غيره فها نحن منذ خمسة عشرة سنة ننتظر المجهول وقد ذاب أغلبنا في مشاغل الحياة اليومية و الاهتمامات الشخصية والأسريةفي بلاد الغرب و أولادنا يكبرون واقاربنا يموتون في تونس ولا نقدر حتى على أن نقول لهم كلمة الوداع انا اظن ان عودة تعتمد الخلاص الفردي هي افضل من هذا الواقع و المواجهة ليست هي دائما الحل الأنجع , و يكفي ان يعود الواحد منا ليسلم على أهله و اقاربه و يصل رحمه و يتردد على المسجد ودون ان يقوم باي نشاط مخالف لمن بيده السلطة, فهذا افضل من لا شيء و الاكتفاء بمعارضة السب و الشتم عبر مواقع الكترونية لا يكاد يسمع بها أحد في تونس ,فضلا عن أن يدخلها و بعض الاعتصامات المعزولة في بلاد الغرب, و نظرة الى تاريخ علماء و دعاة تونس في عهد العبديين الذين اضطهدوا أهل السنة وخاصة المالكية ترينا أن الكثير من العلماء عمدوا في كثير من الأوقات الى النأي بأنفسهم عن المواجهات و خاصة بعد فشل ثورة صاحب الحمار التي انضم إليها علماء القيروان و عمد الكثير من العلماء الى ترك القيروان والانعزال بعيدا في القرى للعبادة و التربية و تحفيظ القرآن مثل ابي اسحاق الجبنياني ـ رحمه الله ـ الذي لم يكن من وعاظ السلاطين و لامتخاذلا وكان لا يصلي الجمعة وراء العبيديين بعد أن جاهروا بالكفر البواح و كفرهم علماء القيروان وغيرهم
إلا أن المشكلة هي أن النظام في تونس رافض حتى لمسعى الخلاص الفدري و أنا أعرف بعض الاخوة ممن توجهوا برسائل الى رئيس الدولة عبر المبعوث الأمنى حمادي ـ و الله على ما أقول شهيدـ ولكنهم لم يتلقوا أي جواب إلى حد الآن بل عاملتهم السلطة بكل تجاهل واحتقار بل إن حمادي أغلق هاتفه الذي كانوا يتصلون به عليه و قطع الصلة بهم بعد أن أوهمهم في البداية أن سبب تأخر الجواب على رسائلهم هو أن الموظفين في عطلة صيفية ـ يعني موظفي البوليس السياسي بلا شك ـو كان ذلك في شهر أوت من السنة المنصرمة
فأين الحامدي من هذا مع العلم أن هؤلاء الذين ارسلوا الرسائل قد قطعوا علاقتهم بحركة النهضة منذ سنوات طويلة و لم يعد لهم أي نشاط سياسي أو تنظيمي, و بعضهم لم يكن منتميا إليها في أي وقت من الأوقات بل اتهم بالانتماء إليها بسبب الاشتباه و خلط البوليس السياسي للحابل بالنابل في صائفة 1991
أين الحامدي من هؤلاء فهل هؤلاء لم ترد عليهم السلطة بسبب تعنت قيادة حركة النهضة كما يزعم فما دخلهم في حركة النهضة أم أنه لا بد من كتابتهم للتقارير عن عناصر حركة النهضة و الانضمام الى التجمع او الى تيار الحامدي حتى ترد السلطة على طلباتهم لتسوية وضعياتهم

ورغم ذلك فلا أزال من دعاة الخلاص الفردي مع أنني أتمنى بمباردة من أناس لهم مصداقية ودين وخلق تعترف بالأخطاء وبالهزيمة النكراء وتترك أحلام المواجهة و التنسيق مع معارضة يسارية حاقدة هي أشد حقدا علينا و على ديننا من السلطة نفسها و تعمل على المصالحة مع السلطة مقابل الالتزام بترك العمل التنظيمي و المواجهة مع السلطة و تخلي السلطة عن حربها على التدين
هذه هي خواطر كتبتها إليك على عجل يا أخي الناصح الأمين لأشد على يديك وإلى من يهمهم الأمر من اخواني التونسيين المهجرين إلى بلاد الغرب للتباحث فيها ليأخذوا بأحسنها, فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان و ما أبرأ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي

بسم الله الرحمن الرحيم
يوم جميل وبديع في بريطانيا

د. محمد الهاشمي الحامدي

كان يوم الإربعاء 27 يونيو 2007 يوما تاريخيا بحق في مسيرة بريطانيا العظمى، وقد واكبت تفاصيله مثل الملايين من سكان المملكة المتحدة والعالم عبر شاشات التلفزيون.
رئيس الوزراء العمالي السيد توني بلير، يستقيل من منصبه، من دون أن يكون قد خسر أية انتخابات عامة.
وبعد عشرين دقيقة، يتولى رئاسة الوزراء من بعده زميل له من قيادة حزب العمال، وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ البلاد.
سمعت وزير خارجية حكومة الظل، ويليام هيغ، الزعيم الأسبق لحزب المحافظين، يقول عن بلير أنه كان أعتى منافس للمحافظين خلال القرنين الماضيين.
وشاهدت أعضاء مجلس العموم، من كل الأحزاب السياسية، يصفقون جميعا، واقفين، لرئيس الوزراء المستقيل، وهو يخاطبهم لآخر مرة بصفته رئيسا لوزراء المملكة المتحدة. والتصفيق أمر نادر جدا في مجلس العموم، ومخالف للتقاليد الراسخة المعمول بها في أقدم وأعرق مؤسسة ديمقراطية في العالم. كما سمعت زعيم حزب المحافظين يثني على بلير، وفعل الشيء نفسه زعيم الديمقراطيين الليبراليين، وزعيم حزب الوحدويين في ايرلندا الشمالية.
ثم استمعت إلى رئيس الوزراء الجديد غوردون براون، يتحدث لشعبه ولوسائل الإعلام، بعد دقائق من تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، يتحدث عن التجديد والتغيير في كل مجال من مجالات الحياة العامة، مركزا بوجه خاص على الصحة والتعليم والإسكان.
الحزب الحاكم لم يتغير. هو حزب العمال. ولم يخسر الإنتخابات العامة. ولكن تقاليدهم تحثهم على التغيير والتجديد. ولذلك فإن حياتهم العامة مليئة بالحيوية وبالأفكار الجديدة الخلاقة.
وزير الخارجية الجديد له من العمر 41 عاما فقط. توني بلير نفسه تولى رئاسة الوزراء وعمره 43 عاما فقط. وعمره اليوم 54 عاما فقط.
رئيس الوزراء الجديد عمرة 56 عاما، وهو أستاذ جامعي، ورجل دولة من الطراز الأول. تولى وزارة الخزانة خلال العقد الماضي، وحقق نجاحا كبيرا للإقتصاد البريطاني في هذه الفترة. وهو لخص رسالته بأنه يريد أن تتيح بريطانيا المعاصرة لجميع أبنائها ذات الفرص التي أتاحتها له شخصيا منذ صباه. فرص التعليم والصحة والنجاح.
قلت لنفسي: هذا سبب رئيس وحاسم في تفسير المكانة العظمى لبريطانيا العظمى، اليوم وفي القرون الماضية. شعب يحب الحرية، والتجديد، ويحاسب قادته. شعب تتنافس نخبه في خدمته ولا يتنافس المواطنون في خدمة نخبه وقادته. شعب ينفق على هيئة الإذاعة البريطانية التي تستحق لقب أفضل مؤسسة إعلامية عالمية عن جدارة، لما تؤديه في مراقبة القادة والساسة، ونقل الأخبار بأمانة وموضوعية، وتشجيع المبدعين والمجتهدين.
أحب للعالم العربي والإسلامي أن يتعلم من بريطانيا في إدارة الشأن العام. فنحن والبريطانيون إخوة كبشر، وأبونا واحد هو آدم. وظني أن هذه التقاليد القائمة عندهم هي أقرب شئ لروح الإسلام في التعامل مع الشأن العام، طبقا للمبدأ القرآني الخالد: "وأمرهم شورى بينهم".
أحب أن تكون عندنا انتخابات حرة، وأحزاب حرة، وصحافة حرة.
أحب أن يكون العاملون في الشأن العام خداما للأمة وليس سادة متسلطين عليها.
أحب أن تنفق حكوماتنا على التعليم والصحة والإسكان. وأحب أن تتنافس نخبنا السياسية في خدمة شعوبها بأخلاق عالية، وليس بالمؤامرات والإنقلابات وبمنطق أبي فراس رحمه الله "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر"!!
أحب كل هذا وأخشى أن النخب العربية عامة، ومنها التونسية، ستقضي أعمارها في المكايدات ليقصي بعضها البعض الآخر، ويدمره وينهيه. فتكون عاقبة ذلك الوبال والخسران للجميع.
أرجو التوفيق للسيد غوردون براون في خدمة بلاده وشعبه، وفي تحسين العلاقات بين بريطانيا والعالم العربي والإسلامي.
وأدعو الله تعالى أن يوفق النخب العربية والإسلامية في كل مكان للإستفادة من التجربة البريطانية.



بعد انصراف المشاهد المحلي عن القناة الرسمية ...
«حنبعل» التونسية فضائية خاصة تكسب الرهان

تونس - صالح سويسي
يبدو للوهلة الأولى أن مسألة المنافسة غير مطروحة في المشهد التلفزيوني التونسي، ذلك أن عدد القنوات لا يتجاوز فضائيتين وقناة أرضية. ومع ذلك يمكن الحديث اليوم عن منافسة ما، بدأت تلوح في الأفق. فمنذ فترة غير بعيدة كانت فضائية «تونس 7» تمثّل الوجه الإعلامي المرئي الوحيد في تونس، إذا استثنينا «قناة 21» الأرضية. ولعلّ هذا ما جعل التونسي يتجه نحو القنوات العربية لتنوعها، مقاطعاً بذلك قناته الرسمية التي تشكو من غياب التنوع والتجديد على مستويات. فمثلاً سهرة السبت التي مثّلت في الماضي القريب موعداً مميّزاً مع جمهور التلفزيون، لم تعد بالمستوى المطلوب، والمؤسف أن هذه السهرة بالذات، والتي شهدت أروع فتراتها مع الراحل نجيب الخطاب رائد البثّ المباشر في التلفزيونات العربية، ثم مع حاتم بن عمارة الذي ترك التلفزيون موفراً جهوده للإذاعة، لم تعد تستقطب المشاهد. أضف الى ذلك أن «تونس 7» لم تشهد منذ سنوات أي تجديدات، فضلاً عن هجرة عدد من وجوهها إلى قنوات عربية معروفة وابتعاد وجوه أخرى عن الشاشة مثل هالة الركبي التي كانت صاحبة برنامج تقدمه عشية الأحد، مستقطبة أعداداً كبيرة من المشاهدين.

وعلى رغم أن الفقرة الإخبارية في «تونس 7» باتت أكثر حرفية من خلال شكل التقديم والاعتماد على مروحة من المراسلين في المناطق الساخنة، إلا أنها لم تستطع منافسة الفضائيات الإخبارية المتكاثرة في الفضاء العربي. أمام هذا المشهد، كان طبيعياً أن تحظى فضائية «حنبعل» التونسية الخاصة، باهتمام كبير لدى المشاهد التونسي الذي يبحث عن التجديد، وينتظر قناة تحاكيه وتطرح همومه وتراعي اهتماماته، وكلها صفات وجدها في هذا المولود الإعلامي الجديد. فمنذ انطلاقة «حنبعل» في شباط (فبراير) 2005، وهي تسعى لتحتل مكاناً مميزاً عند المشاهد. خصوصاً أنها تعتبر أول قناة تلفزيونية خاصة في تونس. وبالفعل استطاعت خلال فترة وجيزة أن تكسب الرهان، والإحصاءات الأخيرة تؤكد ذلك، فنوعية البرامج التي تبثّها تجمع بين التنوع والدسامة. ففي إطار برامج المنوعات قدمت القناة أنجح المسلسلات وأحدثها، من مسلسلات عربية ومكسيكية. ولعلّ شغف الجمهور التونسي، حالياً، بمسلسل «ماريا كلارا» يقدم دليلاً على نجاح القناة في استقطاب الجمهور. وفي إطار البرامج الاجتماعية، تمكنت من خلال برنامج مثل «في دائرة الضوء» أن تقتفي أثر المشكلات اليومية للمواطن التونسي في شكل جدّي وجرأة لم يألفها التونسي. فهذا البرنامج الذي يقدمه الإعلامي عبدالرزاق الشابي القادم من الصحافة المكتوبة، يعتبر من انجح برامج الحوار التي أنتجت في تونس خلال السنوات الأخيرة. وهو برنامج يعتمد على النبش في قضايا قليلة التداول نظراً لحساسيتها والتصاقها بالهّم اليومي للمواطن، مثل البطالة والهجرة السرية والمشكلات الجنسية والعلاقات الزوجية وخباياها ومشاكل الصكوك من دون رصيد. الشابي يبحث وينقب ويجمع الخبر تلو الخبر، ويصنع في أحيان كثيرة السبق كما حدث مع الفاجعة المأساة التي رافقت حفلة «ستار أكاديمي» في مدينة صفاقس في الجنوب التونسي.

ولهواة الرياضة قدمت القناة برامج تجمع بين الجرأة والسبق والتحقيقات الخاصة، من خلال فريق عمل يقوده الإعلامي معز بن غربية.

ومن البرامج الجيدة وذات القيمة التاريخية والفنية الكبرى، برنامج تقدمه هدى بن عمر، ويعنى بتاريخ الموسيقى التونسية في نية واضحة للمحافظة على الرصيد الضخم للأغنية التونسية وروادها وأهم محطاتها.

ولعلّ اكثر ما يحسب للقناة الفتية اقتحامها مجال الإنتاج الدرامي، خصوصاً خلال شهر رمضان الذي يشهد صراعات كبرى بين الفضائيات العربية لاستقطاب المتفرج وإرضائه.

أياً يكن الأمر قدمت هذه القناة منتوجاً تلفزيونياً جديداً، على رغم ضعف المادة الإخبارية التي يبدو أنها ليست من أولويات القائمين على القناة، طالما تكتفي البرمجة بفلاشات اخبارية قصيرة.

(المصدر: صحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 جوان 2007)
عباس يقيل هاني الحسن لهجومه على دحلان

محمد الصواف

قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عزل هاني الحسن -أحد مؤسسي حركة فتح التاريخيين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير- من منصب كبير مستشاريه السياسيين على خلفية تصريحات هاجم فيها عددا من قيادات الحركة خاصة محمد دحلان.
ويطالب قادة من الحركة بفصل الحسن أيضا من عضوية اللجنة المركزية لفتح، وذكرت مصادر فلسطينية لـ"إسلام أون لاين.نت" أن الرئيس عباس قرر عزل هاني الحسن من منصب كبير المستشارين السياسيين في مكتب الرئيس، في حين يدرس اتخاذ قرارات صارمة بحق الحسن ردًا على أقواله التي جاءت خلال لقائه بقناة الجزيرة الفضائية.
وقال شهود عيان: إن مسلحين أطلقوا الرصاص فجر اليوم على منزل الحسن في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وتعرض هاني الحسن -الذي يشغل أيضا مفوض عام التعبئة والتوجيه لحركة فتح وكبير مستشاري الرئيس عباس- لانتقادات لاذعة من قادة الحركة والناطقين باسمها، وطالبوا بإعفائه من منصبه ومحاكمته تنظيميا على ما ورد في ما وصفوها بتصريحاته الخطيرة التي أطلقها خلال برنامج بلا حدود الذي عرض أمس الأربعاء.
انحاز "للانقلابيين"
وقال أحمد عبد الرحمن الناطق باسم حركة فتح في بيان له: "إن القائد العام للحركة قرر دعوة اللجنة المركزية لاجتماع طارئ في القريب العاجل لاتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية برنامج الحركة ومواقفها، في ظل هذا التشويه الذي تلفظ به هاني الحسن".

وقال: "ما ردده هاني الحسن يشكل خروجًا كاملاً عن قرارات ومواقف اللجنة المركزية في مواجهة الانقلاب الدموي الذي دبرته قيادة حماس ضد الشرعية الوطنية، في تواطؤ سافر مع مخططات إقليمية" حسب تعبيره.
ووجه عبد الرحمن اتهاما لهاني الحسن بالانحدار إلى مستوى "الانقلابيين"، عندما غطى على "جرائمهم الدموية"، ضد الشعب الفلسطيني وحركة فتح"، في إشارة إلي حركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة يوم 14 يونيو.
وقال: "هاني الحسن بهذه المواقف المطلوبة منه مقابل ظهور بلا معنى على شاشة قناة الجزيرة عزل نفسه عن حركة فتح بكثير من الدونية، وعن الشرعية الوطنية وانحاز للانقلابيين القتلة".
من ناحيته قال الناطق باسم كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد لتلفزيون فلسطين: "إن ما تفوه به الحسن لقناة الجزيرة لا يمثل موقف أي شبل في حركة فتح ولا يمثل سوى نفسه"، واتهم آخرون من فتح الحسن بأنه "غير متزن، وما كان على قناة الجزيرة استضافته واستغلاله بهذا الشكل".
وقال الحسن في حديثه لبرنامج بلا حدود: إن هناك تيارا من فتح يعمل تحت خطة دايتون، وإن فتح لا ترضى عما قام به، مشيرا إلى أن الحركة لم تشارك في الاقتتال في غزة، ولو فعلت لكانت النتيجة غير ما حصل. وعندما تدخل القائم بالحوار في البرنامج أحمد منصور بسؤاله إن كان يعني تيار محمد دحلان أجاب هاني الحسن بالموافقة.
ودعا الحسن حركة حماس لعدم الشعور بالغرور بما حدث، لأن "هناك الآلاف من أبناء فتح في غزة الذين نأوا بأنفسهم عن هذه الأحداث لأنهم كانوا ضد خطة دايتون، وضد من يعملون في إطارها".
والجنرال الأمريكي كيت دايتون هو المشرف على تدريب قوات الأمن الفلسطينية، ومسئول الاتصال العسكري الأمريكي المقيم في إسرائيل من أجل الإشراف على الشئون الأمنية بين إسرائيل وبين السلطة الفلسطينية.
وتربط هاني الحسن علاقة عداوة شديدة مع تيار محمد دحلان في حركة فتح، وسبق أن تم مهاجمته علنيا من قبل قادة هذا التيار.

(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 28 جوان 2007)


امتحان «حماس» بعد السيطرة على غزة
عزمي بشارة
أنشئت حركة «حماس» من قبل تنظيم «الإخوان المسلمين». وبدأ العمل على إقامتها عام 1984، وقد بادر الى ذلك شباب «الإخوان» الفلسطينيين من الحركات الطلابية وغيرها ممن تأثروا من التنافس مع القوى والفصائل الوطنية في الانتخابات الطلابية وغيرها، وأصروا على إقامة حركة مقاومة للاحتلال. ومن هنا جاءت سهولة تنظيمها بعد بداية الانتفاضة الأولى مع صدور بيانها الأول في كانون الأول 1987. فمن اعتبر بيانها مفاجأة لم يعرف حجم الاعداد الذي سبقه واتساع القواعد السياسية والاجتماعية.
ومنذ ذلك الحين اتجهت الحركة بالتدريج إلى تجاوز «الإخوان» التقليديين بانفتاحها على الحركات الأخرى، ومرونة الموقف الاجتماعي، وفي ديناميكيتها السياسية وفي أساليب النضال. ولذلك لا يخطئ من يعتبرها حركة تكفيرية فحسب، بل يتجنى على الواقع والحقيقة. إن من يعتبر حركة وطنية واسعة مثل «حماس» حركة تكفيرية هامشية يقوِّض إمكانية بناء المقاومة، وحتى المجتمع في فلسطين. وهو النهج نفسه الذي يجهض إمكانية بناء الديموقراطية في المجتمعات العربية.
ولا شك ان عملية بناء الديموقراطية وعملية بناء الأمة عربيا تحتاجان الى اتفاق على قواعد اللعبة الديموقراطية بين التيارات السياسية الرئيسية. ونحن نلحظ تقدماً في هذا الاتجاه من قبل التيار الإسلامي الواسع والذي يميز نفسه عن التيارات التكفيرية. يجب أن يقبل التيار الإسلامي قواعد اللعبة الديموقراطية ومبادئ المواطنة المشتركة والحريات وثوابت الدولة القومية. ولكن كل من يرى إمكانية لعملية ديموقراطية من دون الحركات الإسلامية الواسعة في أيامنا، لا يدري عم يتكلم. فعملية استثناء هذه الحركات تعني تكريس نظام الحكم غير الديموقراطي، وإذا كانت هذه الحركات ممتدة اجتماعيا وسياسيا ورفضت إقصاءها يتحول النظام ومعه قوى سياسية إلى القمع الدموي السافر الذي يحول ممارسات الحركات الإسلامية المتوقعة في الحكم إلى مسألة نظرية في مقابل الواقع الدموي. ويتحول مثقفون علمانيون إلى التنظير للقمع الدموي.
ومن ناحية أخرى ثبت أن توق الحركات الإسلامية الواسعة الى المشاركة وتعاملها مع الفئات الاجتماعية الواسعة والعملية السياسية يؤدي الى إصلاحها لذاتها ولمبادئها، في حين ان فرض العزلة والإقصاء عليها يؤدي الى إمعانها في الموقف الرافض للمؤسسات والنظم الحديثة وتكفيرها. ليس للقوى الديموقراطية من بديل سوى محاورة الحركات الإسلامية الاجتماعية السياسية الواسعة ومحاولة التأثير عليها، بشرط ان توافق الاخيرة على هذه العملية وتنفتح لها.
إن من يتهم «حماس» بأنها حركة تكفيرية هو إما مغرض، أي ذو غرض آخر غير ما يقول، أو لا يدري عم يتكلم. ومن يرى إمكانية إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من دون التيار الإسلامي الواسع على الساحة، وهو يشمل «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي»، لا يتحدث عن معرفة وتحليل يؤسس لرأي مختلف حول إعادة بناء المشروع الوطني، بل يقصد في الواقع مشروعاً آخر. وهو مشروع لا يستند الى الإجماع الوطني الفلسطيني بما فيه الاتفاق على قواعد اللعبة التي يجب ان يحترمها التيار الإسلامي، بل يعتمد على تفاهم، وربما تحالف، مع إسرائيل وأميركا ضد الإجماع الوطني الفلسطيني.
ولا يهم هذا الموقف المتفاهم مع إسرائيل إذا كانت القوة التي تحركت للإمساك بالأجهزة الامنية في غزة حركة إسلامية أو علمانية، المهم بالنسبة اليه أنها ضد التسوية والمهم أنها ترفض استخدام الاجهزة الأمنية ضد المقاومة، ولا تقبل أن تكون هذه الأجهزة في خدمة تيار سياسي بعينه. هذا وحده يكفي كي يعتبرها عدوا ويرفض الحديث معها. والحديث يدور عن تيار هو أقل من فصيل، بل لا يتجاوز ان يكون تياراً داخل فصيل يستخدم الأجهزة للسيطرة على الفصيل ذاته ثم لفرض أجندته السياسية ضد المقاومة وضد خصومه.
من هذه الناحية لا أهمية لهوية التيار الذي ربح الانتخابات ومُنِعَ من ممارسة دوره وحرم من السيطرة على الاجهزة الأمنية كأي حكومة تتشكل بعد ان ربحت انتخابات. لا أهمية مبدئية هنا لكون «حماس» حركة دينية. ولنفرض أنها حركة مقاومة علمانية رافضة للتسوية وربحت انتخابات في مثل هذه الظروف، هل كان سيسمح لها بالسيطرة على الاجهزة الامنية كحكومة منتخبة؟ ألم تكن لتتعرض الى حصار بسبب إصرارها عى المقاومة ورفض التسوية مع إسرائيل؟ وهي بدورها ما كانت لترضى بهذا الواقع. ولا علاقة لكونها اصولية أم إسلامية أو علمانية بمجرى الأمور هذا. لا ترضى حكومة علمانية ان تكون الاجهزة الامنية ليس فقط خارج سيطرتها بل أداة في محاربتها ولفرض تيار سياسي بالقوة، وهو تيار لا يرضى بالوحدة الوطنية ولم يربح الانتخابات، ولا حتى داخل فصيله. ولنذهب هنا أبعد قليلا فنقول ان الجرائم التي ارتكبت في حالة ميدانية تصعيدية تدهورت الى انتقام وثأرية وتدحرجت أثناء القتال لا تميز حركة دينية تكفيرية بالضرورة بل تميز الغوغائية عموما عندما تسيطر على الشارع. ولا اريد ان أذكِّر الناس بمشاهد تاريخية لثأرية حركات علمانية ودينية على حد سواء في حروب اهلية في دول بعيدة ومجاورة.
ولذلك فإن النصوص التي تستحق التعليق والتي تناولت أحداث غزة الأخيرة من منطلق كون «حماس» حركة إسلامية، وتجاهلت كونها حركة مقاومة شعبية واسعة وعريضة وربحت الانتخابات وحوصرت وتم التآمر عليها، حولت رابح الانتخابات الى انقلابي وقادة الاجهزة الامنية الى ضحية انقلاب. إنها في الواقع نصوص غير مسبوقة في تلفيقيتها وقلة استقامتها ورهانها على عداء القارئ للحركات الإسلامية أو الخلط بينها بشكل يخجل منه حتى المستشرقون. لا علاقة لهذه المواقف لا بالتقاليد الديموقراطية ولا بالإنصاف، ولا بصرامة التحليل والدقة المطلوبة من مثقفين.
كاتب هذا المقال يعتبر دخول حركة «حماس» السطلة اصلا عملاً خاطئاً، ولكن أين ممارسات حركة «حماس» الأصولية او التكفيرية في السلطة. وكيف يمكن لمحلل يحترم نفسه ان يتجاهل حتى التغيرات التي طرأت على الحركة وتطورها في السنوات الاخيرة؟
كل هذا لا يعفي حركة «حماس» طبعاً من التعامل بمسؤولية وطنية مع ما جرى ويجري بعد أحداث غزة، بدءاً بأول تنسيق عربي رسمي علني مع إسرائيل على هذا المستوى ضد المقاومة، وانتهاء بتفنيد فكرة الإمارة الإسلامية المغرضة التي جرى استيرادها لاستدعاء تداعيات سلبية من حركات سلفية شبيهة بنسق القرون الوسطى على نمط «طالبان» بهدف التحريض. على «حماس» ان تثبت انها لا تفرض آراءها ونمط حياة رجالها ونسائها على الناس في غزة تحت اي مسمى كان، ولا حتى كما يجري في بعض الدول العربية التي لا تشكل مشكلة بالنسبة الى مثقفين علمانيين معتدلين ممن استنفروا ضد «حماس». وعلى «حماس» ان تمتنع عن مثل هذه الممارسات ليس كي تعجب أحدا، بل لأن ممارسة الفرض والقسر الديني ممارسة باطلة، ولأن هذا ليس هدفها في مرحلة التحرر، ويجب الا يكون هدفها بعد التحرر. ويتوجب على «حماس» ان تدير قطاع غزة بحكم صالح وشفافية ونجاعة وبتعاون مع كل القوى السياسية والاجتماعية التي استثنيت من حكومات «فتح» و «حماس»، وكما يستحق أهل غزة الذين عانوا الأمرين تحت الاحتلال وتحت أوسلو في ظل السلطة.
ويبقى الأمر المهم هو تجاوز تقسيم المشروع الوطني الفلسطيني الى كيان سياسي محاصر في غزة يصارع على الخبز والوقود، وكيان آخر يقزَّم الى استعادة امتيازات اقتصادية وسياسية وديبلوماسية لنخبة أوسلو المتحررة من الشراكة مع «حماس» التي كلفتها حرمانا مما تعودت عليه منذ تلك الأيام. الأمر الأهم هو تجاوز إخراج القضية الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني من النقاش، وفي مقدمها القدس والعودة وإزالة الاحتلال والمستوطنات.
ولذلك فإن امتحان «حماس» هو في قدرتها على اجتذاب القوى المجتمعية والفصائل المعارضة فعلا لهذا الانقسام، وغير القابلة لنموذج سلطة ترفض الحوار مع «حماس» في حين تحول الحوار مع إسرائيل الى تنسيق مواقف، أي تحالف، ضد «حماس». وبعد ان تكسب «حماس» ثقة هذه الفصائل التي خسرتها في عملية تقسيم الحصص مع «فتح» في الحكومة سيكون عليهم جميعا مناقشة السلطة والاشخاص الرافضين فيها للحوار والفرحة بالتخلص من اتفاق مكة وعبء الشراكة مع «حماس»، ليس في منافسة بين النموذج الناجح والفاشل بين غزة والضفة، بل على المشروع السياسي.
يجب ان يطرح السؤال حول المشروع السياسي لهذه السلطة التي يتبارى العالم على الاعتراف بها كحكومة طوارئ. حسنا، مبروك. وماذا بعد؟ هل سيؤدي هذا الاعتراف الى تصعيد المعركة ضد «حماس» ام الى تعزيز موقف السلطة التفاوضي لاسترجاع الحقوق الوطنية الفلسطينية. ولنكن واقعيين(!)، فنحن لا نتوقع منها ان تحرر القدس ولا ان تحقق حق العودة، ولكننا نتوقع ان تتمكن مع كل هذا الاحتضان الدولي والإسرائيلي من العمل على إزالة الجدار وإزالة المستوطنات، وألا تقبل ان تخضع من جديد لامتحان اثبات جديتها في العداء لـ «حماس» بقطيعة أوثق مع غزة وبممارسات اكثر قمعية ضد المقاومة في الضفة الغربية مثلا. هذا مسار يقود الى التهلكة بغض النظر عن المعاشات والامتيازات وتصاريح الخروج والدخول من وإلى فلسطين، وحتى جلب القوات وتعزيزها. هذا مسار يقود الى التهلكة.
في المقابل يجب ان تطالب «حماس» بضمها الى إطار وطني أوسع يتجاوز الانقسام الحاصل في المناطق المحتلة ويلتف عليه الى فضاء القضية الفلسطينية كشعب وكقضية وطنية شاملة. يجب ان يبدأ الحوار هنا، من خلال إعادة بناء منظمة التحرير. وإذا رفض ذلك وتم تقزيم المنظمة الى أداة في خدمة جدول أعمال سلطة سياسية في الضفة الغربية، فيجب التفكير في كيفية تفاعل القوى السياسية الرافضة لهذا الانقسام، الرافضة لرفض الحوار، والمستقلين والمثقفين وكل الفئات التي ترى في هذا الواقع المشوه افتراءً على الشعب والواقع والتاريخ، من أجل طرح القضايا الوطنية بشكل يتجاوز مؤامرة النموذجين في غزة وعلى جزء من الضفة.
كاتب ومفكر عربي

(المصدر: صحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 جوان 2007)


حماس إذ تدشن بداية نهاية "الحقبة المكية" في التفكير الإخواني
بقلم: أسامة أبو ارشيد -

في غضون أسبوع واحد تمكنت حركة حماس من إلحاق هزيمة كاسحة بحركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطينية التابعة لها ولمؤسسة الرئاسة الفلسطينية في قطاع غزة. ومع سقوط مقر الأمن الوقائي في "تل الهوا" جنوب غرب مدينة غزة في يد حماس يوم الخميس (14/6)، انهارت أسطورة الهرم الثلاثي الأضلاع الحاكم في القطاع، محمد دحلان ورشيد أبو شباك وسمير مشهراوي، قادة هذا الجهاز وسادته. ومع صباح يوم الجمعة (15/6)، كانت حماس وجناحها العسكري المعروف باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، والقوات التابعة للداخلية الفلسطينية "القوة التنفيذية"، يحكمون سيطرتهم الكاملة على قطاع غزة ومعابره، وذلك بعد أن سقطت "السرايا"، مقر حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وبالتالي سقوط قوات حرس الرئاسة التابعة له.
لماذا ابتدأت بهذه المعلومات المعروفة لدى الجميع؟ ببساطة لأنها تحمل مدلولات أعمق من الخبر ذاته أو سرديته، والتي يبدوا أن كثيرين لم ينتبهوا لها أو أنهم يتقصدون التغاضي عنها.
فإذا كانت حماس تمتلك فعليا كل هذه القدرة التي أبرزتها في قرار الحسم العسكري مع حركة فتح والأجهزة الأمنية التابعة لها في غزة، فما الذي دفعها إذن أن تتحمل لمدة 15 شهرا مماحكات ومؤامرات بعض أطراف حركة فتح ومؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية التابعة لهما؟ وما الذي دفعها مثلا إلى أن تتغاضى عن جريمة محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في (14/12/2006) عندما كان عائدا من جولة خارجية له عبر معبر رفح؟ ولماذا صمتت على تحرشات حركة فتح ومؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية التابعة لهما بها لكل هذه المدة؟ ولماذا قبلت باتفاق مكة في شهر شباط/فبراير الماضي، والذي كان في مضمونه انتقاصا من فوزها المستحق في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وإجهاضا له؟ ولماذا قبلت قبل ذلك بسحب جلَّ الصلاحيات من حكومتها بل وحتى من المجلس التشريعي ذاته لصالح مؤسسة الرئاسة؟ ولماذا صبرت على تعرض قوات فتح والأجهزة الأمنية لمسؤولي الحكومة عن حماس وأعضاء التشريعي عنها، وقادتها السياسيين والعسكريين؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير، توضح بما لا يدع مجالا للشك، بأن حماس لم تكن قد اتخذت يوما قرارا بـ"الانقلاب" على السلطة الفتحاوية وهياكلها في قطاع غزة، رغم امتلاكها للقدرة العسكرية على ذلك، حتى قبل دخولها للانتخابات التشريعية. فهي التي صبرت في عز قوتها، وقبل دخول الانتخابات التشريعية على التلاعب في الانتخابات البلدية، خصوصا في بلدية رفح أواخر عام 2005، وهي نفسها التي كظمت غيظها وهي ترى موعد الانتخابات التشريعية يؤجل مرة بعد أخرى بما يتوائم وظروف حركة فتح الداخلية. كما أنها هي نفسها من حافظت على الحكمة والتعقل وهي ترى ملف إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية يتلاعب به لسنوات حتى لا يتاح لها دخولها، ومن ثمّ يسلط عليها سيف وحدانية وشرعية تمثيلها للشعب وللقضية الفلسطينية وتعير بأنها لم تدخلها بعد وهي لا يسمح لها أصلا. وفوق هذا وذاك، التزمت حركة حماس جانب ضبط النفس وهي ترى بأم عينيها تجاوزات وتعديات كوادر فتح والأجهزة الأمنية على كوادرها وقادتها، حتى وصل الأمر إلى تصفية بعضهم، والتطاول على بعض من قياداتها السياسية، بما في ذلك رئيس وزرائها نفسه، والذي منع موكبه يوما من أن يمر من أمام مقر جهاز الأمن الوقائي، وكادت أن تتحول الأزمة إلى مذبحة، لولا تعقل هنية واختياره للعودة من حيث أتى، وهو رئيس الوزراء... أو على الأقل كان هذا هو المفترض!.
واضح جدا أن حماس لم يكن في واردها فكرة الحسم العسكري في غزة، ليس عجزا وضعفا كما عيرها دحلان في خطابه الشهير مطلع العام الحالي في مهرجان انطلاقة فتح في غزة (1/1/2007)، وذلك عندما أخذ يصرخ في ذكرى انطلاقة فتح ويتحدى حماس أن تطلق عليه الرصاص إن كانت تستطيع (وين حماس .. خلي حماس تطخني!؟)، فقد ثبت أن حماس كانت تستطيع ذلك حينها لو أرادت، وهاهو الدليل قد جاءه في صيغة لا تخطئها العين، ولعله من حسن حظ دحلان أنه كان هاربا منذ أشهر خارج قطاع غزة، وإلا لكان تحديه لحماس قد تجسد حقيقة!.
إذن ما الذي دفع حماس إلى الوصول إلى قناعة بضرورة الحسم العسكري؟ وهو قرار واضح بالمناسبة أنه لم يكن جراء فقدان القيادة السياسية للسيطرة على عناصرها العسكرية والميدانية. فالذي رفض الهدنة التي أعلنتها فتح من جانب واحد في خضم المعركة وبعد أن بدا واضحا اتجاهها لخسارتها لم تكن القيادة العسكرية لحماس، بل إن الرفض جاء على لسان ناطق وقائد سياسي بالحركة، هو فوزي برهوم. أيضا وخلال فترة الحسم العسكري، اختفت تقريبا قيادات حماس السياسية الكبيرة عن الساحة وغابت تصريحاتها، وكان من الواضح أن ذلك إنما يجيء في سبيل إعطاء فرصة كاملة للجناح العسكري لإنجاز المهمة التي أوكلت إليه بدحر "الانقلابيين"، كما تسميهم حماس. بل إن رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، لم يخاطب وسائل الإعلام إلا يوم الجمعة (15/6)، أي بعد أن أحكمت حركته سيطرتها التامة على قطاع غزة. وفي ظهوره ذاك، دعا مشعل حركة فتح إلى الحوار، مؤكدا أن المعركة في غزة لم تكن موجهة ضد حركة فتح، وإنما إلى تيار داخلها سعى دائما إلى إجهاض مبادرات الوفاق الوطني عبر تحكمه بالبنية القيادية للأجهزة الأمنية، والتي تمثل صميم المشكلة. وأكد مشعل تمسك حركته بحكومة الوحدة الوطنية بعد معالجة الملفات العالقة، وخصوصا الملف الأمني، إلا أن رد فتح-والتي كانت تشعر بالإهانة- جاء بالرفض على لسان مستشار عباس، أحمد عبد الرحمن.
ولنعد مرة أخرى إلى السؤال حول دافع حماس للحسم عسكريا في قطاع غزة هذه المرة.
لقد كتب الكثير وقيل أكثر حول مشروع أمريكي إسرائيلي وبعض عربي وبعض فلسطيني كان يطبخ على نار هادئة لمدة أكثر من عام للإطاحة بحكومة حماس المنتخبة، ولإجهاض قوة الحركة ذاتها في قطاع غزة. وكانت التقارير حول تفاصيل هذا المشروع تجد طريقها إلى صفحات الجرائد الأجنبية والعربية، بما في ذلك الأمريكية والإسرائيلية، نقلا عن مصادر مطلعة. وكان واضحا من تلك التقارير المتسارعة وحجم المعلومات المتوافقة التي احتوتها أن ساعة الصفر للتحرك والحسم مع حركة حماس قد تمّ ضبطها في أشهر الصيف القادمة، وغالبا في شهر تموز/يوليو القادم. حماس بالتأكيد لم تكن غائبة عن هذه المعلومات. كما أنها لم تتعامل معها على أساس أنها إشاعات إعلامية، كيف وهي ترى بأم عينيها عبر معابر القطاع مع إسرائيل ومصر، شاحنات الأسلحة تلك، بما فيها شبه الثقيلة، تدخل ليلا ونهارا باتجاه الأجهزة الأمنية الفلسطينية المحسوبة على الرئاسة وفتح؟. فضلا عن تلك المعلومات التي أشارت إلى أن دحلان كان يقوم بتكوين جهاز أمني آخر من الموالين له وللرئاسة مائة بالمائة، والذين كانوا يرسلون بالمئات للتدريب في دول عربية كمصر. أضف إلى ذلك سعي الإدارة الأمريكية مرة أخرى عبر وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، والمبعوث العسكري الأمريكي إلى المنطقة، الجنرال كيث دايتون، لدى الكونغرس للمصادقة على تخويل الإدارة بإنفاق عشرات الملايين من الدولارات على بناء الأجهزة الأمنية التابعة لعباس. ففي إعلانها يوم الاثنين (18/6) عن قرار الإدارة الأمريكية رفع الحصار عن حكومة الطوارئ الفلسطينية، التي شكلها أبو مازن، برئاسة سلامة فياض، تقول رايس بما لا لبس فيه: "وكنا قد حددنا في السابق ما يصل إلى 86 مليون دولار لدعم جهود الرئيس عباس في تشكيل قوات أمن مسؤولة. والآن، وفي ضوء الحكومة الفلسطينية الجديدة، سنعمل مع الكونغرس لإعادة هيكلة تلك المساعدة بحيث يمكن استخدامها بشكل فعال".
أما صحيفة "يونغافيلت" الألمانية فأشارت في تقرير لها نشر يوم الخميس (14/6) إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خططت منذ فترة طويلة لتفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية وتحريض تيار موال لها داخل حركة فتح على القيام بتصفيات جسدية لقادة الفصائل العسكرية لحركة حماس. وقال المعلق السياسي للصحيفة فولف راينهاردت إن هذا الاتهام مبني على أقوال لا تحتمل اللبس أدلى بها مسؤول الاتصال العسكري الأمريكي المقيم في إسرائيل الجنرال كيث دايتون أواخر مايو/أيار الماضي أمام جلسة استماع في لجنة الشرق الأوسط بالكونغرس الأمريكي. وأوضح راينهاردت أن دايتون اعترف أمام اللجنة بوجود تأثير قوي للولايات المتحدة على كافة تيارات حركة فتح، وذكر لأعضاء اللجنة أن الأوضاع ستنفجر قريبا وبلا رحمة في قطاع غزة. ولفتت صحيفة "يونغافيلت" إلى تأكيد الجنرال دايتون لرئيس لجنة الشرق الأوسط بالكونغرس السيناتور غاري أكرمان على إلقاء وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي . آي .. أي) بكامل ثقلهم خلف حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل داخل حركة فتح. ونقلت الصحيفة عن دايتون قوله إن تعبئة الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضد حماس مثل ويمثل خيارا إستراتيجيا للإدارة الأمريكية الحالية. وأشارت إلى نجاح الجنرال دايتون في الحصول من الكونغرس على مبلغ 59 مليون يورو لتدريب حرس عباس الرئاسي في مصر والأردن منذ عام 1996 وإعداده لخوض مواجهة عسكرية ضد حركة حماس. ونوهت الصحيفة إلى أن التيار الأمريكي الإسرائيلي داخل فتح لم ينجح رغم كل الدعم السخي المقدم له في كسر شوكة حماس جيدة التنظيم والتسليح عبر القتال المباشر. وقالت إن هذا الفشل دفع وكالة (سي. آي. أي) لاستدعاء خبرتها السابقة في جمهورية السلفادور وتوجيهها الأطر الفتحاوية التي تحركها لتشكيل فرق موت لاغتيال قادة وكوادر حماس. وتحدثت يونغافيلت عن وجود خيوط كثيرة تربط بين فرق الموت والحرس الرئاسي الفلسطيني الذي يشرف عليه النائب في فتح محمد دحلان. ونسبت الصحيفة إلى خبيرة التخطيط السياسي بالجامعات الإسرائيلية د. هيجا باومجارتن قولها إن دحلان مكلف من وكالة الاستخبارات المركزية وأجهزة أمريكية أخرى بتنفيذ مهمة محددة هي تصفية أي قوى مقاومة لإسرائيل داخل وخارج حماس.
ليس هذا فحسب، بل إن وكالة رويترز وفي تقرير لها أعده مراسلها من القدس المحتلة آدم أنتوس، ونشر يوم الأحد (17/6) تحت عنوان: "بعد غزة... من كان يسعى للإطاحة بمن؟"، يشير بوضوح إلى أن الخطة الأمريكية كانت بدأت قبل عام على الأقل لتمهيد الطريق أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس للإطاحة بالحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس. بل وأبعد من ذلك حيث ينقل التقرير عن "مصادر غربية وإسرائيلية وفلسطينية رسمية في مطلع الأسبوع إن إعلان عباس حالة الطوارئ وتنصيب سلام فياض الذي يتمتع بقبول لدى الغرب مكان رئيس الوزراء المنتمي لحماس لم يكن مجرد رد على هجوم حماس بل جاء تتويجا لشهور من المشاورات والتخطيط وراء الستار وتحريض الولايات المتحدة". ويذهب التقرير إلى القول: "وفي نهاية الأمر كان الضغط على عباس للعمل ضد حماس بنفس القدر من داخل حركة فتح إن لم يكن أكبر من ضغط واشنطن التي تحاول التقليل من أهمية دورها". مضيفا: "ولا يمكن أن يقال أن أمرا كهذا كان بمثابة مفاجأة سيئة للأمريكيين إلا الأحداث الأخيرة التي أسفرت عن سيطرة حماس على كل قطاع غزة وذهبت أدراج الرياح خطط الولايات المتحدة وحلفائها لبناء قوات عباس في غزة في مواجهة حماس. ويرى كثير من المسؤولين والمحللين الغربيين أن الهجوم كان ضربة وقائية وجهتها حماس قبل أن تتمكن واشنطن من بناء فتح.. هناك عناصر قوية داخل حماس رأت أن الوقت ليس في صالحهم". وينقل التقرير عن إدوارد أبينجتون مستشار عباس والقنصل الأمريكي السابق في القدس، منذ وقت طويل والعضو في جماعات للضغط في واشنطن، أن إدارة الرئيس بوش أبلغت الرئيس الفلسطيني بنواياها بعد قليل من فوز حماس في الانتخابات في مطلع عام 2006. وأضاف أنه جرى إبلاغ عباس بأن "حماس منظمة غير مشروعة وأنهم يفعلون كل ما يستطيعونه لإجبارها على ترك السلطة". وحكى أبينجتون عن اجتماع عقد في تموز/ يوليو العام الماضي قائلا "ذكر لي (عباس خلاله) أن الأمريكيين يحثونه على حل الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ. إلا أنه رفض أن يفعل ذلك لأنه سيؤدي إلى حرب أهلية. لم يكن يريد الدخول في مواجهة لكنه قال في نهاية الأمر إن ذلك كان مفروضا عليه". وقال مسؤولون غربيون-حسب التقرير-إن عباس استطاع أن يتحرك بسرعة الأسبوع الماضي لتشكيل حكومة جديدة لأن جزءا كبيرا من العمل التحضيري كان قد أنجز بالفعل. ويشير التقرير إلى أن بعض المسؤولين الغربيين والفلسطينيين يجادلون بأن واشنطن أذكت النار بمجرد انتهاء حماس وفتح في آذار/مارس من تشكيل حكومة "وحدة" لم تستمر طويلا. وحث مسؤولون أمريكيون عباس على منح محمد دحلان السيطرة على الأمن ثم حثوه على نشر قوات فتح في غزة.
بل إن دينس روس، المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط زمن إدارة الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، وأحد اعتذاري إسرائيل في أمريكا بامتياز، كتب مقالا في واشنطن بوست في (4/6)-أي خمسة أيام قبل بدأ المواجهات الأخيرة الحاسمة بين قوات حماس والتنفيذية ضد قوات الأمن وفتح والرئاسة في قطاع غزة-تحت عنوان: "شبح حماسستان: يجب فعل المزيد من أجل مواجهة انتصارات الإسلاميين في غزة"، أشار فيه بوضوح إلى أنه حضر نقاشات في رام الله والقدس لم تدر "حول الطريق المسدود الذي وصلت إليه العملية السلمية، ولا حول المبادرة العربية للسلام، بل كان(ت) حول الصراع الذي يدور في غزة بين المنظمتين الفلسطينيتين، فتح وحماس، وما إذا كان قطاع غزة قد أصبح بالفعل بيد الإسلاميين. فقد كان الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء يتساءلون عن عواقب تحوّل غزة إلى ما يسمونه بمصطلحهم حماسستان". ويضيف: "كما سمعت أيضاً من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء بأنه يمكن لمصر أن تفعل أكثر مما تفعله بكثير من أجل منع حماس من تلقي الأسلحة والأموال المهربة من الأنفاق المحفورة التي تصل سيناء بغزة". ويتابع روس ناقلا لما دار في تلك النقاشات على جانبها الفلسطيني: "أما بالنسبة للفلسطينيين، فإنهم يرون أنه من الضروري أن لا تحقق حركة حماس في الضفة الغربية النجاح الذي حققته في قطاع غزة. والدافع الأكبر وراء ما خلص إليه الفلسطينيون المشاركون في النقاشات هو خوفهم، الذي ربما يكون كبيراً بما فيه الكفاية ليجعلهم يتعالون على الخصومات الشخصية والداخلية التي أنهكت حركة فتح وأعاقتها في منافستها لحركة حماس... وسمعت من هؤلاء الفلسطينيين طرحاً مثيراً للاهتمام، يتطلعون من خلاله إلى جعل الضفة الغربية مثالاً ناجحاً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية، يرفعونه في وجه الفشل الذي يعاني منه قطاع غزة، حيث تبلغ نسبة البطالة ما يقارب السبعين بالمائة. ويقولون: فلتتولى حماس شؤون الدولة التي تعاني من الشلل وغياب القانون والنظام ولنبن نحن دولتنا، ولنتوصل إلى تفاهم مع الأردن وإسرائيل، على الأقل من أجل التوصل إلى كونفدرالية اقتصادية وأمنية. وإذا ما بقيت حماس صامدة في غزة فربما يكون هناك حل قائم على إنشاء ثلاث دول"!!. بمعنى آخر، فإن ثمة تخطيطا مسبقا كان من أجل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتحويلهما إلى كيانين في حال هزمت فتح عسكريا في قطاع غزة، فضلا عن أن إعلان الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل عن استئناف مساعداتهم لحكومة الطوارئ في الضفة الغربية لم يكن وليد لحظته وإنما كان مخططا له من قبل، وذلك في أفق إفشال حماس جماهيريا في قطاع غزة، بعد أن يرى سكانه "بركات" التماهي مع المشروع الأمريكي-الغربي-الإسرائيلي في الضفة الغربية، في حين يعيشون هم تحت الحصار والفاقة والعوز بسبب خطاب "الممانعة" والحقوق والثوابت الذي تتمسك به حماس. ولعل الرئيس الأمريكي جورج بوش، كان أكثر من واضح في تصريحاته التي أطلقها خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت في البيت الأبيض، يوم الثلاثاء (19/6) وذلك عندما أعرب بوش عن أمله أن يتلقى عباس وفياض دعما "يمكنهما من قيادة الفلسطينيين في اتجاه مختلف". موضحا أنه وأولمرت لديهما إستراتيجية مشتركة لمحاربة من سماهم المتطرفين في قطاع غزة. من جانبه قال أولمرت إنه يريد دعم "المعتدلين" والتعاون مع عباس، مبديا استعداده لبدء مفاوضات معه.
إذن لا شك، أن كل الدلائل كانت تشير إلى استعداد فتحاوي-رئاسي، بدعم أمريكي-إسرائيلي وبغطاء بعض عربي، للقيام بانقلاب عسكري على حركة حماس في قطاع غزة. وهو الأمر الذي كتبت فيه مقالات كثيرة، لعل أهمها مقال الأستاذ فهمي هويدي تحت عنوان: "محاولة لفهم ما جرى في غزة"، وأن كل ما قامت به حماس هو أنها سارعت إلى "التغذي بخصومها قبل أن يتعشوا بها". ولا شك أن حماس استصحبت-محقة-في قرار حسمها، أنها تمثل الشرعية في الساحة السياسية الفلسطينية، والتي تواجه تمردا من قبل قادة الأجهزة الأمنية، والذين يتحرك غالبيتهم بأجندة فصائلية ضيقة وأخرى خارجية، بما في ذلك الأمريكية والإسرائيلية.
ولكن ثمة سؤال يبرز في هذا السياق، وبدأت تتبلور محاوره الآن مع تصاعد التهديدات بعض الفلسطينية وبعض العربية، والإسرائيلية والأمريكية والغربية بفرض حصار على قطاع غزة وعزله... فهل كانت حماس لا تدرك طبيعة الثمن الذي ستدفعه في حال سيطرتها على غزة؟
في الحقيقة يصعب تصور غياب تداعيات وارتدادات سيطرة حماس على قطاع غزة محليا وإقليميا ودوليا عن ذهن وتفكير قادة الحركة. فمثل هذه التداعيات المتوقعة، لا تحتاج إلى عقل استراتيجي متفتق لكي يستوعب مفرداتها وسياقاتها. فقطاع غزة، لا يشكل أكثر من شريط أرضي ضيق وصغير (365 كيلو متر مربع) بسكان يناهزون المليون ونصف المليون إنسان محاصر برا وبحرا وجوا. محاصر من الداخل الفلسطيني، المتمثل في مؤسسة الرئاسة وحكومة الطوارئ وحركة فتح في الضفة الغربية، واللذين "أنعم" عليهم الآن باستئناف المساعدات الغربية وتحرير أموال عائذات الضرائب الفلسطينية والتي كانت تحتجزها إسرائيل منذ تشكيل حماس لحكومتها الأولى في آذار/مارس 2006، حيث ستصرف في الضفة دون غزة حتى يشعر سكان القطاع بالفرق ويثورون على حماس. ومحاصر من جهة إسرائيل والتي تسيطر على معابره البرية والبحرية فضلا عن فضائه الجوي، كما أنه محاصر من قبل "الأشقاء" في النظام المصري العتيد. وفوق هذا وذاك، فإن القطاع تحت سيطرة حماس لوحدها، يعني أنه أكثر عرضة وأسهل هدفا الآن للتعرض لحملة اجتياح أو تصعيد عسكري إسرائيلي، أو حتى تصعيد داخلي جديد فلسطيني-فلسطيني في القطاع بدعم أمريكي-إسرائيلي-مصري، في جولة جديدة لحسم المعركة.
إذن لماذا قررت حماس رغم كل ذلك المضي قدما في الحسم العسكري؟
ببساطة، وبناء على كل ما سبق، فإن مرحلة الحسم العسكري من قبل فتح وقوات الرئاسة كانت أمرا مفروغا منه، بدعم إسرائيلي-أمريكي وبعض عربي. وكل الذي فعلته حماس في هذا السياق هو أنها قدمت موعد الصدام العسكري وغيرت نتيجته المتوخاة، من انتصار لفتح والأجهزة الأمنية المرتبطة بها، إلى انتصار لحماس وإحباط مخططات سحق عظمها دون أدنى دفاع عن النفس. يبدوا أن حماس قد قررت، عن وعي منها أو دون وعي، أن تضع حدا للـ "الحقبة المكية" في تفكير المدرسة الإخوانية وتدشن بداية نهايتها. تلك الحقبة التي تستصحب التلذذ بالمحنة وآلامها كما يعبر عنها الإخوان المسلمون في أدبياتهم، ربما دون وعي. فإذا كان السحق هو قدر حماس وعقوبتها، فلماذا تنسحق حانية الرأس مطأطأة الجبين!؟ وإذا كان يراد كسر عظمها فلماذا لا تُكَسِّرُ عظام خصمها معها!؟ من المفارقات أن حماس كانت تخوض معركة الحسم مع فتح، في حين كان أشقائهم في تنظيم الإخوان المسلمين في مصر يسامون سوء العذاب في انتخابات الشورى الأخيرة، والتي زورها النظام المصري "عيني عينك". والمفارقة الأخرى الأكثر تراجيدية، أن النظام المصري والذي يخنق جماعة الإخوان عنده هو ذاته الوسيط "غير" النزيه بين حماس وفتح!. منذ أواخر العشرينيات من القرن الماضي، تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وهم يتقلبون بين محنة وأخرى، ولم يفد "تعقلهم" و"حكمتهم" في جلب السلامة لهم. صحيح أن الوضع في غزة والأراضي الفلسطينية مختلف عن أوضاع فروع جماعة الإخوان المسلمين الأخرى في البلدان العربية المختلفة. ولكن خطوة حماس هذه قد تدفع بالإخوان المسلمين إلى التفكير بطرق "خلاقة" أخرى لمواجهة القمع والكبت الممارس عليهم وعلى شعوبهم من قبل الأنظمة. ليس معنى هذا، أنهم قد يلجأون إلى خيار "العنف"، سيكونون هم الخاسرين فيه طبعا، وإنما على الأقل، فإنهم قد يلجأون إلى تغيير قواعد اللعبة مع الأنظمة، ونقل التوتر معها إلى الشارع في صورة عصيان مدني واسع، وهو أمر ينبغي أن تفكر فيه الجماعة في مناطق نفوذها. فما فعلته حماس في غزة، رغم ما تدفعه وستدفعه من ثمن في القطاع والضفة الغربية، أين تعلوا يد فتح والأجهزة الأمنية في هذه الأخيرة بغطاء إسرائيلي، قد دق مسمارا آخر في نعش "الحقبة المكية" في التفكير الإخواني التي طالت. ولعله من المفارقة أن "الحقبة المكية" زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد دامت 13 عاما، في حين أنهت حماس هذه الحقبة في قطاع غزة، وإن مؤقتا، بعد 13 عاما أيضا، من دخول السلطة الفلسطينية منذ شهر نيسان/أبريل 1994، وتغولها منذئذ.
بل أبعد من ذلك فإن أولئك الذين حملوا على فعلت حماس، حتى من قبل قوميين ويساريين، متعاطفين معها نوعا ما كحركة مقاومة، فإنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم اعتادوا على الأنموذج الإخواني الذي يقبل أن يتعرض للسحق دونما أدنى مقاومة. أنا هنا لا أتحدث عن أعداء حماس، بقدر ما أتحدث عن أولئك من غير الإسلاميين الذين كان عندهم نوع من التعاطف مع حركة حماس، كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين. فهم ورغم أن كل الحقائق متوفرة بين أيديهم عن حقيقة الأوضاع في الساحة الفلسطينية، إلا أنهم ليسوا على استعداد لهذا التغيير في منطق التفكير الإخواني (والذي يبقى خصما لهم على الصعيد الإيديولوجي)، فهم يريدون للإخوان أن يبقوا أسارى فكر المحنة والاستسلام القدري، وهو الأمر الذي دشنت حماس بداية نهايته في هذا الفضاء الفكري الواسع.
نعم، قد يكون ثمن سيطرة حماس في غزة وانتصارها على "بيادق" المشروع الإسرائيلي-الأمريكي (كما تراهم) في الساحة الفلسطينية، انتصارا مكلفا، بما قد يستدعيه ذلك من حصار عربي ودولي وإسرائيلي، بل وربما حتى تصعيد عسكري واجتياح شامل بدعم من بعض الدول العربية، وقطعا من فلول المهزومين الهاربين من قطاع غزة، إلا أن حماس-في منطق التفكير السياسي-لم يكن أمامها من خيار آخر، فهي كانت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السحق مع الدعاء على الظالم، وإما سحق الظالم معها والدعاء عليه بعد ذلك. وفي أي حال، فإن اجتثاث حماس حلم صعب المنال، فالإخوان ورغم كل ما قاسوه في الجارة مصر من حروب استئصال واجتثاث، سواء تحت الملكية أم تحت النظام الجمهوري، لا زالوا هم القوة الشعبية الأولى هناك. وحماس نفسها تعرضت لعمليات سحق عام 1996 على أيدي "هاربي" اليوم، ومع ذلك عادت لهم من تحت الرماد من جديد لتذيقهم من نفس الكأس.
كل ما سبق لا يعني أنه لم يبق مجال لأصوات التعقل والحكمة داخل حركة فتح، فالقضية الفلسطينية مركب واحد، وأينما حدث الخرق فالجميع لا محالة غارق. هذا الكلام لا يعول فيه على المجموعة الدحلانية ومن لف لفها، ولكن يعول فيه على شرفاء فتح والذي غيبوا جراء الدعم الغربي والإسرائيلي لدحلان ومن على شاكلته. ويبقى الأمل أن لا تتوه فتح وراء أصوات الحقد القادمة من ذلك التيار، والذي انضم إليه للأسف، القيادي الفتحاوي المعتقل، مروان البرغوثي، والذي قد يكون الورقة الأمريكية-الإسرائيلية القادمة لمواجهة نفوذ حماس. أما الأنظمة العربية، فعليها أن تدرك، أن أخذ جانب طرف على حساب طرف آخر يعني أن مسألة التوتير الداخلي في دولهم أضحت مسألة وقت، وذلك بعد أن بدا واضحا من تجربة سقوط النظام العراقي على أيدي الاحتلال الأمريكي وسقوط "إمبراطورية" دحلان الأمنية في غزة على أيدي حماس بأنهم ليسوا أقوياء كما يبدون، رغم تحالفهم مع أعداء شعوبهم.
وكلمة أخيرة إلى بعض من يلقون باللوم على حماس لدخولها الانتخابات التشريعية ابتداء وتشكيلها للحكومة بعد ذلك، فسواء دخلت حماس هذه الانتخابات أم لم تدخلها فإن الصدام كان قادما لا محالة. فالقضية متعلقة بمشروعين وبرنامجين في الساحة الفلسطينية. مشروع يريد بيع كل شيء وبأي ثمن مهما كان بخسا... ومشروع يريد الحفاظ على الحقوق والثوابت ولو في حدودها الدنيا. وإذا كانت حماس تحارب اليوم لنجاحها الكاسح في الانتخابات، فإنها كانت سَتُحارَبُ لو لم تدخلها بإسم الشرعية والتمرد عليها. فالقضية ليست مسألة فخ نصب لحماس ووقعت فيه بمشاركتها في الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة وبعد السيطرة على قطاع غزة.. فالفخ قائم في كل الأحوال ضد القضية الفلسطينية، وكل ما فعلته حماس أنها حاولت وتحاول إفشاله. ولعله من الخطأ الجزم بأن أيام حماس قد أصبحت معدودة... فاحتمالات تفجر المنطقة ككل لا زالت مفتوحة، وهي بلا ريب ستفيد كل قوى الممانعة فيها، ومن ضمنها حماس. بعد ذلك كله إنها دعوة للتعقل وتغليب مصلحة الشعب والأمة العليا... فهل من مدكر!؟
أسامة أبو ارشيد 20/6/2007
(المصدر: مركزالزيتونة للدراسات و الإستشارات بتاريخ 21 جوان 2007)
بغداد، القرون الأُولى


د. شيماء الصراف / باحثة في الحضارة الإسلامية/ عضو هيئة تحرير مجلة تواصل باريس
هل أنا في حاجة لوصف ما يحدث الآن في بغداد؟ لا حاجة لذلك، فالعالم جميعه يعرف الدمار الذي لحق ويلحق كل يوم بها، نسأل : هل مرّت بغداد بمثل هذا الوضع؟ وإن حصل هل كان بمثل هذه الحدة؟ أسوء أم كيف؟ الأجوبة ستختلف حسب معرفة الشخص من عدمها بتاريخ بغداد. نقول لقد مرّت مدينة السلام وأهلها، منذ بنائها وخلال فترات كثيرة من هذه القرون الطويلة بمصائب تتطابق في النوعية بما يحصل الآن فيها ، مصائب هي أكثر قوة وتدميراً في بعض نواحيها مما هي عليه الآن.
في هذه المقالة أتحدث عن الأوضاع الاقتصادية ،البيئية، الدينية ،السياسية، انعكاساتها ونتائجها على الاجتماع . موقف السلطة وتعاملها مع الأحداث والناس.هل مارست السلطة قمعاً فكرياً أياً كان سببه : انتماء عرقي ، ديني، طائفي وغيره. ثم سأُحاول تبيين تأثيرات كل هذه الأُمور على الحركة العلمية والإبداع الفكري .
أقول : لم أكتب هذه المقالة لتطييب خواطر الناس بتعريفهم أو تذكيرهم عمّا كان يحدث ببغداد قديماً، إنما كتبتها محاولة متواضعة أُخرى مضافة للتنبيه وشحذ الهمم ، التكاتف لإنهاء أمور والبدء بأُخرى . وعسى أن لا يطول انتظارك أيتها الحبيبة يا بغداد.

الوضع الإقتصادي
بغداد في ستة سنين متتابعة بدءً من 330هـ -941م ،يقول ابن العماد الحنبلي وفي بداية تسطيره لحوادث سنة 330 هـ :" فيها كان الغلاء المفرط والوباء وبلغ الكُر(1) مائتين وعشرة دنانير وأكلوا الجِيـَف"، لم يكن باستطاعة الناس شراء الطعام لثمنه الفاحش وبلغ الجوع بالبعض منهم – الفقراء لا غير– إلى أكْل جثث الحيوانات المتعفنة،ورافق هذا،أو كان نتيجة له،انتشار الطاعون(2) .لم يتغير الحال بمرور الوقت بل تفاقم فاشتد" القحط" وبلغ الكر 316 ديناراً، ويـُعـّلق المؤرخ" وهذا شيء لم يـُعهد في العراق"، وجاء الفيضان إضافة تعيسة"عمَّ البلاء بزيادة دجلة فبلغت عشرين ذراعاً وغرق الخلق".
كان نتيجة هذا الوضع و" سقوط هيبة الخلافة" أن" وقع النهب"، وسرق الجائعون الطعام وانتهز الرَعَاع والزعار الفرصة فنهبوا أموال الناس.
حلّت سنة 331 هـ وضعف السلطة على حاله والوضع الاقتصادي لم يتغير، ولكن حدث أمر حمى الفقراء من الهلاك جوعاً،ورُبّ ضارة نافعة، فقد داهم الجراد بغداد وما يحيط بها بأعداد هائلة فاصْطِيد وبِيع كل خمسين رطل بدرهم ، إن انعدام الأمن وبالتالي توقع الاعتداء على الأرواح والأموال أدى إلى هجرة العوائل :" نزح خلق من بغداد من تتابع الفتن والجور، إلى الشام ومصر"(3) .
في سنة 332هـ لم يتراجع الغلاء بل اشتد، فكان أن " كثرت اللصوص حتى تحارس الناس بالبوقات". الجديد في هذه السنة تنظيم الناس لأنفسهم للدفاع عن أرواحهم وممتلكاتهم، فلا اعتماد على السلطة، واستعملوا"البوقات" وهي جمع بوق وتعني الآلة التي تـُستعمل لتنبيه الآخرين من خطر آت، كما تعني "الشجرة الشديدة الالتواء" والمعنيان صالحان للاستعمال في عملية الدفاع ، ولكن المعنى الأول هو الأصلح في السياق حيث يفترض وجود أشخاص يقفون في أماكن معيّنة في الحارات والأسواق وبيد الواحد منهم بوق، فإن رأى أمراً يريبه نفخ بالبوق لكي يأخذ الباقين حذرهم ويستعدون للمواجهة أو يـُنبهون بدورهم .
سنة333 هـ يقول ابن عماد الحنبلي :" ...وأما بغداد فكان فيها قحط لم يـُر مثله، وكان النساء يخرجن عشرين وعشراً يمسك بعضهن ببعض، يصحن : الجوع، الجوع ثم تسقط الواحدة بعد الواحدة ميّتة، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
سنة 334 هـ ، استمر غلاء الغذاء بالازدياد في بغداد " حتى ذُبح الصبيان (الأطفال) وأُكلوا، وأكل الناس الجيف، وصارت العقار والدور تـُباع برغيفان ( من رغيف) خبز، واشتـُري لمعز الدولة (البويهي) كر دقيق بعشرين ألف درهم". تفاقم الوضع فأخذ "الخراب" يحيط ببغداد من شدة القحط والفتن والجور" ،لم تفعل السلطة إزاء هذا الوضع شيئاً فكان من الطبيعي والحال هذه،انفلات الأمن وأن الشارع يحكمه الأقوى، ويستعمل المؤرخ كلمتين تفيان بالمرام :" الجور" ويشمل كل معاني الظلم، و"الفتن" وهي كل ما يهدد أمن الناس بالخصوص.
سنة 335 هـ ، في هذه السنة حصل غزو لبغداد من الديالم (4) واستولوا على الجانب الشرقي منها، نـُهبت الأسواق نتيجة انعدام الأمن ، وخرج الناس من بغداد باتجاه عـُكبرا (5)هاربين مذعورين، يصفهم المؤرخ بـ "حفاة، مشاة " فهلكوا من الحر والعطش وبالأخص النساء والأطفال "...حتى أن امرأة كانت تنادي في الصحراء: أنا ابنة فلان ومعي جوهر وحـُلى بألف دينار، رحم الله من أخذه وسقاني شربة ماء، فما التفت إليها أحد فوقعت ميتة ".
نتائج هذه الأوضاع إذاً وكما ذكرت : الموت نتيجة الجوع وبسببه، السرقة والتخريب ، الهجرة من بغداد . لم أختر هذه السنين وما حصل فيها لشذوذه إنما هي أمثلة فقط .

صراع الأديان والمذاهب
بغداد مدينة يسكنها المسلمون، النصارى، اليهود، الصابئة، المجوس (6 )، وفي كل دين منها توجد مذاهب واتجاهات فكرية مختلفة. وفي العموم كان الجميع يتعايشون بسلام، وقد تحصل بينهم مشادّات وعنف سواء بين حملة هذه الأديان المتعددة أو بين المنتسبين لمذاهب مختلفة من دين واحد.

بين الأديان المختلفة
حَنـّون، اسم رجل جاء في بيت شعر يتداوله الناس حتى كتابة هذه السطور وسيبقى، فقد أصبح – بيت الشعر هذا – مثلاً يـُضرب لانعدام التناسب بين الأمر ونتيجته؛ بمعنى حدث يؤدي إلى نتائج غير محسوبة ومؤسفة في الغالب. حنون رجل يهودي أسلم في بغداد في القرن الثالث أو الرابع الهجري،انزعج اليهود وغضبوا لذلك فبدؤوا بالتحرش به وإهانته عند مروره في الطريق لهجره ديانتهم، زادت المضايقات له إلى درجة غضب المسلمون للفرد الجديد الذي دخل في ملتهم وقرروا حمايته ونصره ، تصاعدت حدة الأمر ووقع قتال بين المسلمين واليهود بالسلاح والعصي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، أخلّ هذا الحادث بالأمن إخلالاً كبيراً،هدأ الأمر بعدها ولكن بأي ثمن؟ نظم الشاعر قصيدة في هذا الحدث الذي في رأيه – وهو محق – لم يكن بالأهمية التي أدى بها إلى نتائج بهذا السوء، وبيت الشعر الذي يـُستشهد به هو:
ما زاد حنون في الإسلام خردلة ولا النصارى بكت لفقد حنون
إن سبب هذه الحادثة ديني ولكن قد تقع المشاكل لأسباب أخرى؛ التنافس على منصب، التحاسد، الغيرة... ويكون الانتماء الديني ستاراً وغطاء. وفي كل الأحوال كانت العلاقات بين حملة الأديان المختلفة جيدة وهادئة نسبة إلى ما يحصل من أُمور بين المنتمين لدين واحد لأسباب مختلفة أهمها انتمائهم لمذاهب ومدارس متعددة فيه .

بين النصارى
مرض جورجس طبيب الخليفة المنصور العباسي، مرضاً شديداً- وكان نصرانياً – فطلب من الخليفة السماح له بالرجوع إلى بلده جُنـْدَ يَسابور (7 ) ، وأوصى أن يحل محله عيسى بن شهلا، وكان من أفضل تلاميذه ومن أخذ علم الطب عنه – وكان نصرانياً أيضاً -"....وحصل عيسى بن شهلا في الخدمة وبسط يده على المطارنة والأساقفة، يأخذ أموالهم لنفسه حتى انه كتب إلى مطران نصيبين ( 8) كتاباً يلتمس منه فيه من آلات البـِيعة ( الكنيسة ) أشياء جليلة المقدار ويتهدده متى أخّرها عنه، وقال في كتابه إلى المطران :"... ألست تعلم أن أمر الملك ( الخليفة ) بيدي، إن شئت أمرضته وإن شئت عافيته..." ، ويعني بهذا انه قادر على التأثير على الخليفة وجعله يؤذيه إن لم يخضع لمطالبه. توصل المطران إلى إبلاغ الخليفة بما حصل وأطلعه على الرسالة، فكان أن أمر بنفي عيسى بن شهلا وإعادة ما استولى عليه من أموال تعود للكنيسة والعاملين فيها.

بين المسلمين
وإذ نأتي على المسلمين أنفسهم نجد أن المجتمع قد عانى من خلافاتهم المذهبية معاناة كبيرة .
يقول ابن الأثير في حوادث سنة 323هـ في بغداد :" وفيها عظم أمر الحنابلة وقويت "شوكتهم" ، فأخذوا يقتحمون دور الناس، قادتهم وعامـّتهم، فإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الموسيقى . لقد أخذوا يتدخلون في معاملات البيع والشراء بين الناس فيعترضون على هذا الأمر أو ذاك، وكانوا يعترضون على مشي الرجال مع النساء في الطريق، فإن هم رأوا ذلك أوقفوا الرجل والمرأة وتحرّوا، بالسؤال، عن العلاقة التي تربطهم، فإن أرضاهم الجواب كفـّوا عنهم وأطلقوهم، وإلاّ ضربوا الرجل وحملوه إلى صاحب ( رئيس) الشرطة، فيشهدون عليه بالفاحشة . لقد آذت أفعالهم هذه الناس وأقلقت أمنهم، فكان أن تدخـّل صاحب الشرطة فأصدر أوامر بمنعهم من التجمع أو الجدل في الأماكن العامة وغيرها من الأمور، لم يعير الحنابلة أهمية لمنع السلطة بل " زاد شرهم وفتنتهم"، فمما فعلوه أن ابتدعوا طريقة جديدة : لقد استقووا بالعميان الذين يأؤون إلى المساجد، فكان إذا مر رجل يعرفوه شافعي المذهب حرضوا العميان على ضربه فيهجم عليه هؤلاء " فيضربونه بعصيـِّهم حتى يكاد يموت ".
وفي حوادث عام 447 هـ يذكر ابن الجوزي " وقعت بين الحنابلة والأشاعرة (9 ) فتنة عظيمة" ، ولا يذكر المؤرخ سببها ولكنها، على ما يبدو، من الخطورة بحيث أن الأشاعرة امتنعوا عن الذهاب إلى المساجد يوم الجمعة خوفاً من أذى الحنابلة لهم.

بين المذاهب الشيعية أو المذهب الشيعي الواحد
كان النقاش والجدل يقع بين الشيعة المنتمين إلى مذاهب مختلفة، وكان الأمر يمر بهدوء أو يتخلله مشاحنات وغضب، ونذكر مثلاً واحداً : حدثت مناظرة بين شخص من أتباع الإمامية الإثني عشرية وآخر زيدي في مجلس الخليفة المأمون العباسي، فاحتـّد أحدهما على الآخر وخاطبه بطريقة تقرب من الإهانة، هنا تدخـّل المأمون الذي كان يستمع بصمت طوال الوقت،وأنـّب المعتدي مذكـِّراً إياه بقواعد النقاش وآدابه. لا نريد الكلام عن هذا النوع إنما يهمنا هنا الفتنة بمعناها الحقيقي من تخريب وقتل وحرق.
ونضع مثلاً واحداً فقط: في عام 422 هـ حدثت فتنة داخل الشيعة أنفسهم" بين أصحاب الأكسية وأصحاب الخـُلقان "، وهنا لا بد من وقفة توضيح:
لا توجد هناك جماعة في المجتمع البغدادي أياً كان اتجاهها الديني، المذهبي، العرقي....تـُسمـّى بأحد هذين الاسمين، فهنا يقصد المؤرخ ابن الجوزي بهذه المصطلحات شرائح اجتماعية : أصحاب الأكسية (جمع كساء) : المتنعمين وميسوري الحال من الناس، أما أصحاب الخـُلقان( جمع خـَلَق) فهم شريحة المعدمين والفقراء لابسي البالي من الثياب .كادت الفتنة تعصف بالمنطقة؛ أرواح الناس وممتلكاتهم، ويقول المؤرخ واصفاً إياها:" .... أشفى منها أهل الكرخ على خطر عظيم، والفريقان متفقان على مذهب التشيع".

بين الشيعة والسنة
إن أشد ما كان يعاني منه المجتمع البغدادي هو ما يقع بين الشيعة والسنة، فالفتن قائمة بينهما باستمرار ولأبسط الأسباب، وفي أحيان كثيرة لا يذكر المؤرخ سببها، إنما يـُشير إلى وقوعها وما سببته من تخريب ودمار. إن هذه الفتن تحدث على الأخص في الطقوس السنوية الخاصة بكل من الفريقين، احتفالا ًبذكرى أو حزناً على ما حصل فتـُقام مراسيم بهجة أو عزاء. والسبب المنطقي للفتنة، كما أعتقد، هو الاستثارة والاستفزاز العاطفي اللذان يحـِّلان بالنفوس أثناء هذه المراسيم .
في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي قـُتل فيه الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) يقوم الشيعة بتعطيل الأسواق فلا بيع ولا شراء، ويـُعلِّقون الرايات والمسوح وهو قماش خال من الزينة ، ويبدءون بالنوح. ويحتفل الشيعة بعيد الغدير- ويقع في الثامن عشر من شهر ذي الحجة- بإظهار الزينة بأشكال عديدة؛ تعليق السلاح ونصب الأعلام، فتح الأسواق ليلاً، الضرب بالبوقات[ جمع بوق] والدَّبادب...( 10 )، وفي المقابل وبعد أسبوع من الاحتفال بذكرى الغدير، يقوم السنـّة بإظهار الزينة لأن في هذا اليوم اجتمع الرسول الكريم (ص) مع أبي بكر الصديق (رض) في غار حراء .
كان يتم التحضير- من الطرفين - لهذه المناسبات بعناية شديدة؛ ولا يهم الوقت المـُكرّس ولا المال أياً كان شكله، ولا الجهد المبذول، ففي حوادث سنة 441 هـ نقض الشيعة في الكرخ دكاكين سوق الأنماط (جمع نمَط – بساط) واستعملوا الآجر في بناء سور لكي يتم التحصن خلفه، ولما رأى السنـّة ذلك فعلوه بدَوْرهم، فبنوا سور في سوق القلاّئين (من قلي الطعام وبيع أدواته)، وزادوا في الأمر بنقض كل ما أمكنهم نقضه من بناء لعمل السور، وكان السنة ينقلون الآجر على البغال، ثم عملوا سفينة تسير على عجلات لحمله، وكان قائد السفينة يظهر بلباس فخم من الحرير وعمامة . أما الشيعة، الذين واصلوا البناء، فقد حملوا الآجر في أوعية وغطـّوه بالأقمشة والمناديل من الحرير المختلف الأنواع، وكان يتقدمهم ضرب الطبول والمزامير و"المخانيث" ومعهم آلات الحكاية ( 11 )، وكذلك فعل السنة في سوق القلائـّين؛ فقد كان يتقدم حملة آلآجر أصحاب الأبواق والدبادب، وكان البنائون ينالون هدايا فخمة من الثياب، حتى ان امرأة مرّت بباب القلاـّئين فخلعت من عليها ثوباً من الديباج ( الإبريسم) وأعطته للبنـّاء، وكانوا يطرحون ماء الورد في أساسات الأسوار بإفراط . يصف ابن الجوزي هذه الأحداث على انها مبالغات وسخط وإفراط في الجهد ولا
يستثني طرفاً منهم .هذه الأحداث جرت في شعبان، مرّ شهر رمضان بسلام، في عيد الفطر ثارت الفتنة مرّة أُخرى بين أهل الكرخ( شيعة ) وبين أهل سوق القلائين ( سنـّة) وابتدأ تشييد الجدران وتعليق القناديل وطلا السنّة الحيطان بعطر الخـَلوق..... ومن ضمن ما كان يفعله الطرفين أثناء الفتن رفع المصاحف والصلبان على القصب، فإن بدأ السنة برفع المصاحف قابلهم الشيعة برفع الصلبان والعكس بالعكس .
قد تقوم الفتنة بين السنة والشيعة لسبب مذهبي ولكن قد تقع – كما أسلفنا - لسبب اقتصادي أو اجتماعي أو أي شيء آخر، وربما بدأت بأمر بسيط تطور إلى خلاف فنصرت كل جماعة الطرف المنتمي إليها مذهبياً. إن فترة الفتنة، قصـُرت أم طالت، هي فترة عسر وكرب للناس.
وما تقدمنا به ليس إلاّ مثلا واحداً لا غير ، وهو كاف تماماً.

الانتساب العرقي وحدوث الفتن
بسبب موقعها الجغرافي وثرواتها العظيمة كانت العراق موطن حضارات على مر القرون والأزمان، الأمر الذي جعلها أرضاً لاجتماع أعراق متعددة . في القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي كان يسكن مدينة السلام : عرب، ترك، ديلم، نبط،، أرمن، جركس، أكراد، كرج ، بربر . رجعت في سكان بغداد إلى " التمدن الإسلامي ل" جرجي زيدان وعلى ما يبدو فقد ذكر أهم ألأعراق من ناحية عددية كذلك بسبب أهمية حِـرَف البعض منهم، ذلك انه يختم الفقرة التي ذكر فيها هذه الأعراق بكلمة " وغيرهم" . كانت اللغة العربية هي اللغة المستعملة في كافة المجالات على الإطلاق سواء في مؤسسات السلطة فيما بينها، أو في تعاملها مع الناس ، المعاملات التجارية والعقود على أنواعها ، وأيضاً وفي العموم في علاقات الناس ببعضهم في المجتمع بالرغم من أن لا شيء يجبرهم على التكلم بالعربية، مع ذلك يجري الكلام باللغات الأُخرى بينهم لسبب أو لآخر ويبقى أمراً استثنائياً. تـُستعمل اللغة العربية على الأخص، في كافة حقول العلم والأدب. يقول جرجي زيدان في جميع المنتسبين لهذه الأعراق– ونستثني العرب بالطبع –"... يـُعدّون عرباً لتغلب اللغة العربية على ألسنتهم" ، وفي كلامه هذا تقييم حضاري صرف.
نعثر في كتب التراث أحياناً تفضيل جماعة على أُخرى، أو ذمـّها منهم فإن كان هذا أو ذاك فسببه فعل معين لا يـربطه المؤلف/المؤرخ إطلاقاً بالأصول العرقية. في كتب التراث، وفي ذكر رواية أو خبر، ترد عبارة : هل أنت نبطي؟ أو قول أحدهم للآخر أثناء محادثة : يا نبطي ... والأمر ليس له أي علاقة بالإنتماء العرقي فهو ليس استهانة بالنبط أو استصغاراً لهم، وإنما استنكاراً وغضباً من الآخر الذي أخطأ بالعربية ـ وهو يتكلم أو يكتب ـ خطأً كبيراً. فالنبط، وهم أهل البلاد الأصليين، كان معظمهم فلاحين ملتصقين بالأرض والريف يقيمون فيه ويعتاشون منه، فهم أقل الناس تعلماً للعربية على أصولها ، فحسبهم الكلام بما يـُبيّن مرادهم ، ولهم عذرهم إن لم يراعوا قواعد اللغة ولكن هناك من لا عذر له على الإطلاق، وبعد فالكلام بالعربية كما يجب هو واجب ورفعة ونبل، وقد قيل: اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه، وقال الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان : شيـّبني صعود المنابر والخوف من اللحن . كان هذا استطراداً منـّا له ضرورته.
بعد كل ما تقدم نقول أنه لم تحدث فتن لها أسباب تتصل بأصل وعِرق جماعة على الإطلاق، وهذا تاريخ بغداد تحفل به الكتب، ولم نر تعييراً لشخص لأنه بربري أو جركسي.....ولم نر مديحاً لعربي بصفته هذه، إنما الناس تتفاضل بالعلم والعمل الصالح وقد أكّد العلماء والباحثين والمؤرخين هذا في كتبهم التي كتبوها فقط لهذا الغرض، ونقرأها أيضاً في سياق كتب أخرى من تاريخ وأدب وشعر ...أو تلك التي تحوي من كل هذه المواضيع . وبعد، فقد وجّه الرسول الكريم (ص) تحذيراً بهذا الشأن إلى بني هاشم في أن لا يأتونه الناس بالأفعال الحميدة ولا يفعل بنو هاشم شيئاً مكتفين بنسبهم وقرابتهم من الرسول الكريم(ص) .إن هذا الحديث وجد تطبيقاً رائعاً له في بغداد في تلك الفترة موضوع بحثنا .
وهذا يقودنا بالضرورة إلى الكلام عن الشرائح الإجتماعية في بغداد.

الإنتماء الطبقي وحدوث الفتن

كان هناك طبقتان اجتماعيتان متميزتان تماماً في بغداد بداية القرن الثاني الهجري وما بعده :

الخاصة
وتضم فئات عديدة : الخليفة، أهله، رجال دولته، ألأشراف ولهم علاقة قرابة بالخليفة أو هم من قريش (قبيلة الرسول الكريم) .ويـُُلحق ويـُعتبر من الخاصة من هم على صلة مفروضة بهم : الجند، ألأعوان وهؤلاء –أي الأعوان – تـُطلق على المقرّبين من شخص السلطة أيـّاً كان منصبه ويجري تكليفهم بالمهمات ومشاورة أهل العقل منهم ومن هو أهل للثقة ،وبعدها الموالي، الخدم بأصنافهم المختلفة . وهذا يعني أن الخاصة هي السلطة ،أي الطبقة الحاكمة وأتباعها وأيضاً كل ما يتصل بها من الناحية الفعلية/ المهنية .

العامة
وهم كل ما ليس بخاصة، وهم قسمان :
القسم الأول : يضم الفقهاء والعلماء والأُدباء، التجار من ذوي الشأن، أصحاب الصناعات الراقية كالزجاج، السجـّاد، الورق... كذلك أصحاب الفنون الجميلة وخصوصاً الشعر، الموسيقى والغناء .
القسم الثاني، وهم الأكثرية المطلقة وهم 1 ـ من يسكن خارج المدن، المزارعون وسكان القرى، وهذه الفئة لا تهم البحث الذي نحن بصدده، 2 ـ عوام تسكن المدن وهم ، إجمالاً، موضوع حديثنا .

عوام المدن وهم صنفان
الصنف الأول: المشتغلين بصناعات ومهن مثل : الحدادة، الحياكة، الخياطة، النجارة، الحلاّقة وغيرها. يدخل في هذا الصنف أيضاً الباعة عموماَ : لحوم، زيوت، بقول، طحين ...
الصنف الثاني – وهو الصنف الذي سنركز عليه - إنهم الشريحة الدنيا في المجتمع ويتألفون من أصناف عديدة يجمعهم مصطلح " الرَعاع "، إنهم : العيّارون، الدعـّار، الشطـّار، الصعاليك، الزعار.... ومن باب الإستطراد المفيد أن نقول ـ وهو أمر بديهي نـُذكِّر به فقط ـ أن وجودهم لا يقتصرعلى بغداد فهم موجودين في كل الحواضر العربية والإسلامية بل في كل مجتمعات الأرض على الإطلاق، ولكن الأسماء التي تـُطلق عليهم تختلف باختلاف المدن والعصور. ونرجع فنقول إنهم في بغداد - كما في غيرها - لا يعملون في العموم، لأجل كسب معيشتهم، اختاروا البطالة عن عمد، واحترفوا الإحتيال، النهب والسرقة... وحين تضعف السلطة تزداد قوتهم، وقد تستعين السلطة ( والكلام بالمطلق من خليفة، والي أو صاحب الشرطة...) بهم أحياناً لتنفيذ مهمة أوـ وهذا من المفارقات ـ لإحلال الأمن. وكلمة عوام / عامـّة،لا تـُحمد كصفة؛ لأن معناها انها" تعم بالشر" .
يـُلاحظ في هذا التقسيم الذي وضعه جرجي زيدان في كتابه "تاريخ التمدن الإسلامي "، انه نظري وتقني صرف، في حين أن هناك تقسيم آخر يتسم بالواقعية ؛ هو أن الناس يـُقسّمون إلى عامة وخاصة بالإحتكام إلى العقلية، القدرة على وزن الأُمور، العلم والمعرفة، ووفق هذا المعيار يكون العلماء والأُدباء وأصحاب الفنون هم الخاصة بل هم خاصة الخاصة، أمـّا فئات بعض الخاصة المذكورين من قبل المؤلف فهم عوام ليس لشرهم حدود إذا احتكمنا إلى تعريف كلمة العوام . ومن جميع هذه الأصناف اخترنا الكلام عن العيارين المُصنـَّفين كعامة من الطبقة الدنيا، والجند الأتراك المصنفين كخاصة لأنهم أتباع السلطة وذلك لأهمية النوعين في صنع الأحداث أو التأثير في مجرياتها في المجتمع. فالدُعـَّار( جمع دعـَّار)، مثلاً، ليسوا بأهمية العيارين على الرغم من أن لهم نصيباً في تخريب المجتمع، إنهم المفسدون، أصحاب الأفعال الخبيثة ، ويـُذكرون بإسمهم هذا في الفتن، ويتصرفون كلصوص وقتلة فراداً أو جماعات يذكر ابن الجوزي في حوادث سنة 422هـ : " كبس قوم من الدُّعار المسجد الجامع ببراثا (12) وأخذوا ما فيه من حصر(جمع حصيرة) وسجادات وقلعوا شباكه الحديد" ،وفي نفس العام هاجموا دار القاضي إبن كمارويه في مدينة واسط وأخذوا ما وجدوه " وضربوه ضربات كانت فيها وفاته ".
إن تعريف الإمام علي بن أبي طالب (ع) للصنف الثاني من عوام المدن ـ موضوع حديثنا ـ دقيق للغاية ، وأضع الحديث بأكمله زيادة في الفائدة والوضوح "الناس ثلاثة: فعالم ربّاني ( هو المـُتأله العارف بالله) ، ومـُتعلِّم على سبيل نجاة (إذا أتمّ علمه نجا) وهمج رَعَاع، أتباع كلّ ناعق يميلون مع كل ريح، لمْ يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق " . والإستضاءة بنور العلم يعني تطبيقه عملياً، فلا أهمية له إن تم حفظه وترديده دون فعل . ويعني "الركن الوثيق" الإستناد إلى فكر عادل واضح غير مـُتذبذب، يوفِّر للشخص الثقة بالنفس مصدر القوة للعمل والتطبيق .

العيارون
على العكس من الدعار كان العيـّار يـُمدح بهذه الصفة أو يـُذم؛ جاء في "لسان العرب"، أن العيـّار: كثير التطواف والحركة، ذكياً، كثير المجيء والذهاب في الأرض، وهو النشيط في المعاصي.
ظهروا في بغداد في أواخر القرن الثاني للهجرة، وكانوا منظمين تماماً، وقد يكون لهم رئيس واحد أو عدّة رؤساء تحت قيادة واحدة . لقد عاثوا في بغداد فساداً على مدى قرون طويلة : سرقة ونهب وقتل، وكل ما من شأنه إقلاق المجتمع وهدر أمنه، كمهاجمة السجون وإطلاق سراح المساجين،ومن يطَّلع على كثرة حصول هذا الفعل بالذات من جانبهم يتوصل إلى عدّة احتمالات : تحدي السلطة، نوع من الترويح عن النفس ، وربما لتوفير عدد أكبر من الأنصار وغيرها. كان العيارون يجدون، أحياناً، من ينضم إليهم ويتعاون معهم من رجال المعونة( جزء من الشرطة) لغرض المكسب،وهو أمر بالغ الخطورة والقوة في إيقاع الأذى بالناس وبلغ من شرهم ان الشرطة أحياناً، تفضّل عدم التحرش بهم وتركهم يفعلون ما يشاؤون. كانوا يقتحمون بيوت الفقهاء دون أي رادع وليس هذا بالأمر السهل والبسيط فالفقيه هو الملجئ النفسي للناس وصمّام أمان لهم . كان العيارون في الفتن الطائفية ،ينضمـّون للسنّة تارة وللشيعة تارة أُخرى تدفعهم أهوائهم أو يـُستمالون من هذا الفريق أو ذاك أو لأي سبب آخر، ليس هذا فقط إنما قد تثور الفتنة بينهم، ففي القرن الرابع وفي حوادث سنة 380هـ يقول ابن الجوزي" وفيها زاد أمر العيارين في جانبي بغداد مدينة السلام (الكرخ والرصافة ) ووقعت بينهم حروب وعظمت الفتنة " ، ويكتفي المؤرخ، كما هو الحال في معظم الحالات ، بذكر الأمر دون سببه ربما لجهله به شخصياً أو لأنه بدأ بأمر غاية في التفاهة وكبر شيئاً فشيئاً حتى نـُسي منشأه. وفي كل الأحوال كانت معاناة أهل بغداد عظيمة هائلة .
في أخبار سنة 416 هـ يذكر ابن الجوزي أن العيارين أسرفوا وزادوا في طغيانهم من خرق هيبة الدولة وإراقة الدماء، لقد أخذوا يداهمون دور الناس نهاراً كذلك في الليل وبأيديهم المشاعل، كانوا يـًطالبون الشخص بأمواله ويستخرجونها منه بالضرب وكانوا يقتلون الناس علناً ودون استخفاء ، ويستغيثون فلا يـُغاثون. تصدت السلطة للعيارين وقتلت الشرطة كثيراً منهم وقامت بعمل أبواب للدروب لكي يتم قفلها عند الحاجة، ولم يتراجع العيارون فقد قاموا بمهاجمة بيت الشريف المرتضى نقيب الطالبيين [ت 436 هـ ـ1044 م] الواقع على نهر الصـَّراة ببغداد، مما اضطره إلى مغادرته والسكن في مكان آخر. ولم تكن هذه آخر مرة يـُهاجم فيها دار المـُرتضى، ففي عام 422 هـ وخلال فتنة حصلت بين السنة والشيعة تم اقتحام داره " فخرج منها مـُرتاعاً منزعجاً " .

البرجمي العيار
من رؤساء العيارين الذين اشتهروا في بغداد، ومن خلال أخباره سنتعرف أكثر على الوضع المـُعاش من نواحيه المختلفة .
في حوادث سنة 421 هـ قام أكثر من خمسين عيـّاراً بمهاجمة دار رجل فقتلوه وقتلوا قوماً كانوا معه وأحرقوا الدار. التزم الناس الصمت، ولم يتجاسر أحد من الجيران على التحرك وإخبار الشرطة خوفاً منهم. وفي الشهر نفسه – صفر – كثرت مداهمات العيارين للمخازن والمنازل وكان البرجمي على رأس الحملات وقائدها " فلقى الناس منه أمراً( بلاء نفسي ومادي) عظيماً" .
في عام 424هـ هاجم البرجمي درباً ببغداد يـُدعى بأبي الربيع، " ووصل إلى مخازن فيها مال عظيم" واستولى عليها " فظهر من خوف الخلق منه" على أرواحهم وأموالهم أنهم نظـّموا أنفسهم للدفاع، وأخذوا يواصلون المبيت في الدروب المجاورة والأسواق من أجل ذلك، وقام الناس بنقل أموالهم إلى دار الخلافة التي عُززت الحراسة عليها، ولم تتوقف اعتداءات العيارين على الناس بالقتل وسرقة الأموال الهائلة، وتعاظم أمر البرجمي وتعاظم الرعب منه، حتى أن أهل منطقة الرصافة وباب الطاق ودار الروم لا يتجاسرون على نطق اسمه بل يـُكنـّون عنه بـ " القائد أبو علي" لئلا يـُنقل الخبر اليه فيـُنكـّْل بهم، وهو حين كبس دار جار الشريف المـُرتضى الملاصق لبيته واستولى على ما فيها من أموال " صاح أهل الدار والجيران فلم يجدوا مـُغيثاً "،وهذا يعطينا أبلغ صورة لقوة هذا الرجل،وخوف الناس منه، فلا اعتبار لأحد عنده ذلك أن المـُرتضى وهو شخصية سياسية اجتماعية أدبية من أرفع طراز لم يسلم منهم كما رأينا آنفاً . كان البرجمي جزءاً من الواقع الحياتي للناس يجب أن يحسبوا له حساباً ،فهو كما يستطيع التخريب والإعتداء بإمكانه الإمتناع عنه وكف أتباعه عن ذلك بل وتقديم الحماية إن اقتضى الأمر، لذلك كان وجوه الناس ،عند احتفالهم بأمر ما كعرس مثلاً، يتآلفونه بالهدايا ابتداءً لهذا السبب .

البرجمي وأخذ الرهائن
كان البرجمي يؤسر الناس كرهائن وهم عادة ،من قيادات العسكر المهاجم أي السلطة، ليبادل بهم من أعتـُقل من أصحابه،وكمثال على ذلك أن في عام 424هـ ،هـُوجم العيارون وأُسِّر أربعة من أصحاب البرجمي، فما كان منه أن أسَّر بالمقابل أربعة من أصحاب القائد المُهاجم وذهب إلى بيت هذا الأخير ولم يقم هذا بأي حركة تُفسّر على انها استفزاز بل اكتفى بالإنتظار ،عرض عليه البرجمي الواقف قرب باب دار القائد دون خوف ،مبادلة الأسرى وهدده أنه في حال رفضه فسيقوم بقتل من عنده من رجال السلطة الرهائن وبعدها يحرق دار القائد، أذعن هذا للتهديد وأمر بإطلاق سراح العيارين المعتقَلين لأنه يعرف تماماً أن البرجمي قادر وعازم على تنفيذ ما قاله دون تردد.

الخطبة للبرجمي
لقد كانت له سيطرة تامة على أتباعه، لا تجري مخالفته بشيء وكان يسوسهم بقابلية وقدرة في عمليات كبس المال والنهب وحتى القتل إن لزم الأمر، كذلك الأمر في المواجهات بينه وبين السلطة ،كان مالكاً لزمام نفسه ذو حضور ذهني يجعله يتلافى الإعتقال وينجو بنفسه حين تجري محاصرته من الجند أو الشرطة، وكان جريئاً قوياً لا يتردد أمام شيء، مع ذلك كان هناك أمر واحد يردعه ويوقفه وهو وجوده أمام إمرأة، فلم يكن يتعرض لها بسوء قط لا لشخصها ولا لمالها، ولا يُمكـِّن أحداً من أتباعه من ذلك . ولنا أن نستنتج أن البرجمي كان يحظى بقبول تام من العامة إلى الدرجة التي ثار بها هؤلاء في يوم الجمعة أواخر شهر شوال (عام424هـ) في جامع الرصافة ومنعوا القاضي الخطيب من الخطبة – أي الدعاء - لمن في السلطة "خليفة أو ملك"، ورجموه بالحجارة وقالوا له إن أردت الخطبة، فستكون للبرجمي لا غير.

الجند الأتراك : عوام الخاصة
لعب العديد من الذين استطيع تسميتهم بعوام الخاصة كالغلمان والمماليك والجند عموماً دوراً في الفتن إن لم يكونوا هم صانعوها فهم الأساس والمحرِّض، واخترت الحديث عن الأتراك بالذات لعظم دورهم في الإخلال بالأمن [13 ].
كانت وظيفة جماعات الأتراك من الجند حفظ الأمن في بغداد، فكانت السلطة تستعملهم لأجل ذلك ، ولكن الأتراك بذاتهم كان لهم دور ليس بالقليل في ضرب الأمن وترويع الناس ( 14)، فكانوا يهاجمونهم فيسرقون وينهبون وخصوصاً حين تقع فتنة ما، كذلك كانت المشاكل تثور بينهم وبين طوائف أُخرى من الخاصة كالأشراف أو مع العامة؛ فإن كانت مع الفئة الثانية فنتائجها السيئة تعم الجميع من ذهاب الأرواح والممتلكات، ففي حوادث سنة 447 "......ثارت بين العوام والأتراك (بصفتهم جنداً) فتنة أدت إلى قتل وأسر فنـُهب الجانب الشرقي ( من بغداد) بأسره وذهبت أموال الناس" . كان الأتراك موضع شكوى الجميع لفظاظتهم وتطاولهم ، وكان الناس يتحدون ضدهم لمقاومة طغيانهم والدفاع عن أنفسهم ومثال على ذلك –وهذه المرّة مع الخاصة - أن في شوال من عام 421هـ جرى نزاع ( لا يذكر سببه المؤلف) بين أحد الأتراك من الساكنين بباب البصرة وبعض الهاشميين، فما كان من هؤلاء
إلاّ أن اجتمعوا في الجامع واستنفروا الناس للوقوف إلى جانبهم فجاءهم الفقهاء وعدداً كبيراً من ناس الكرخ وغيرها من المناطق واجتمعوا ـ سنـِّيهم وشيعيِّهم ـ فسبـّوا الأتراك وأخذوا بالدعاء إلى الله وقد رفعوا أوراق القرآن على القصب ،توجّه جماعة من الأتراك إلى الجامع وحين رأوا الناس قد رفعوا أوراق القرآن بادروا في الحال لرفع الصليب على قناة (عصا) وبدأ القتال بالرمي بالنشاب والآجر الذي أدى الضرب به إلى وقوع القتلى ، ويختم المؤلف "ثم أُصلِحت الحال".
كان الأتراك قوة لا يـُستهان بها حتى في مقابل السلطة نفسها، فكانوا لا يتورعون عن التهديد والوعيد خصوصاً حين يتعلق الأمر بمصالحهم ، فحين جلس القائم بأمر الله العباسي ليبايعه الناس بالخلافة عام 422 هـ " همّ الأتراك بالشغب" لتأخر إعطائهم المال مقابل مبايعتهم له ، ثم سبّ أحدهم الخليفة فقام اليه رجل هاشمي فقتله فثار الأتراك ولم يتم تهدئة الوضع إلاّ بشق الأنفس وبعد دفع كل المال المطلوب.

نتائج
أشرنا سابقاً إلى بعض نتائج الكوارث الطبيعية والفتن ونتحدث هنا بشيء من التفصيل . إن البلاء المترتب عليهما يعم مبدئياً، جميع الناس في المجتمع؛ وإن كان احتباس المطر وما يستتبعه من قلة الزراعة ومن ثم الجوع والهلاك، والفيضانات وما تؤدي اليه من تخريب أموال وذهاب أرواح هي كوارث هائلة في سوء نتائجها، فإن انعدام الأمن والأمان هذه النعمة المجهولة – حسب وصف الإمام علي (عليه السلام ) لها ـ والتي لا تـُعرف قيمتها إلاّ بفقدها، لها نتائج كارثية تفوق كل ما عداها . إن توفر الأمان يعني : هدوء النفس واستقرارها ، القدرة على الإنتاج بمعناه المطلق والعكس بالعكس ، ذلك أن انعدامه يعني ان عموم البشر مهدَدين بفقد حياتهم، أموالهم ، أعمالهم التي يرتزقون منها . إن الجانب النفسي يلحقه أذى رهيب، فالخوف يسكن الإنسان، إنه يشعر أنه مقيـّد مشلول فهو يتحرك بصعوبة ، ما الذي كان يحدث في بغداد ؟ عدم استطاعة الناس الذهاب إلى المساجد وخصوصاً يوم الجمعة، فهي عرضة للإعتداء :المصلِّين ، خطيب المسجد إضافة إلى المسجد نفسه كبناء . عدم استطاعة الناس الحج .هدم الأسواق ،حرق دكاكينها وعلى سبيل المثال حصل هذا مع : سوق العروس، سوق الأنماط ، الصفّارين، الدقاقين، القلاّئين،الخرّاطين ، مدبغة الجلود [15 ]الإعتداء على المقابر بنبش القبور . إضافة إلى هذا فإن انفلات الأمن وخصوصاً أيام الفتن كان مناسبة صالحة لتصفية الحسابات والأخذ بالثأر وغيرها من أمور .وإن كان البشر يقفون شبه عاجزين أمام حدوث الكوارث الطبيعية/ البيئية فهي أمور خارجة عن إرادتهم وليس أمامهم إلاّ الصبر، فكيف بالفتن ؟ وهذا يجعلنا نناقش موقف السلطة منها فعليها تقع مسؤولية حفظ الأمن وبالتالي الأرواح والممتلكات في المجتمع .

تدخل السلطة
في كل ما كان يعانيه سكان بغداد من الفتن على أنواعها من مذهبية وغيرها لم تكن السلطة تتدخل إلاّ عندما تبلغ الأمور حداً من الخطورة، فهي في الغالب تراقب وتنتظر بل وتتجاهل ، وفي أحيان عديدة تهدأ الأمور من نفسها بتراضي الأطراف، كذلك فإن السلطة تعرف تماماً أن لا حل جذري للفتن خصوصاً تلك التي تقع لسبب طائفي بين حملة المذاهب المختلفة أو لأي سبب آخر حال حدوثها بينهم ـ وحديثنا عن العوام ـ أو كونهم طرفاً مشاركاً وهم هكذا على الدوام، كذلك بينهم وبين صنف من الخاصة / العوام كالجند الأتراك، إن ضعف السلطة هو سبب آخر، فالفتن تجري وأصحابها ورؤوسها يعرفون تماماً أنهم في مأمن من الإجراءات العقابية أيّاً كان نوعها.
وفي كل الأحوال كان أمام السلطة ، إنْ هي قررت التدخل، خيارات متعددة ، وكانت تختار الإجراء/ الحل الذي يناسب نوع الفتنة، ويتناسب مع حالها هي ضعفاً وقوةً؛ وفيما يتعلق بالمذاهب وبين السنة والشيعة على الأخص كانت السلطة تقدم على حل سلمي فتكلِّف شخصية من الشخصيات المحترمة من الطرفين للتدخل وتهدئة الوضع، وقد يكون تدخـُّلها بصيغة استنكار وتوبيخ وتهديد بالتدخل المسلّح،وقد تلجأ إلى القمع بواسطة السلاح فتقوم بمهاجمة طرفي الفتنة والإيقاع بهم سجناً وقتلاّ فتهدأ الأمور ويستتب الأمن نسبياً ووقتياً، كما كانت السلطة تلجأ إلى إجراءات احترازية وقائية بأنواع متعددة لكي تتفادى نشوب الفتن. إن اجراءات السلطة تنال الجميع دون أي تمميز على الإطلاق لأي سبب كان.
ونستعرض فيما يلي أمثلة لكل ما تقدم :

الوساطة
في عام 421هـ تهيأ أهل الكرخ لبدأ القتال مع أهل سوق القلائين ، فأُغلقت الدكاكين وعـُلِّقت المسوح ،ووقعت الفتنة فنـُدِب الشريف المرتضى للوساطة بين الطرفين،إنه خير من يقوم بهذه المهمة فهو ذو منزلة كبيرة لدى جميع المنتمين للمذاهب الإسلامية على الإطلاق لتقواه وعدم تطرفه ومن ثم التزامه بموقف الوسط كذلك بسبب قرابته من الرسول(ص). الجدير بالذكر هنا أن اعتدال المرتضى ووسطيته هي سمة معروفة وواضحة في شخصه ليس فقط فيما يخص التيارات الفكرية والمدارس الإسلامية بل مع جميع الأديان الأُخرى على اختلاف تياراتها، ناسها ومعتنقيها ولا أدلّ على ذلك من العلاقات الشخصية الطيبة والقوية التي كانت تربطه ببعضهم والتي نقرأ عنها في كتب التاريخ والأدب. نرجع إلى خبر الفتنة : نجح المرتضى في تهدئة الوضع المضطرب ولم يكن نجاحاً تاماً بل نسبياً، لأن القتل وتخريب الدكاكين لم يقف تماماً بل استمرعلى نحو أقل .

التوبيخ والتهديد
أشرنا آنفاً إلى فتنة الحنابلة ببغداد ونكمل هنا إجراء السلطة بشأنها فهم بعد أن " أرهجوا بغداد" ( 16) كما يقول ابن الأثير، تحركت السلطة فكان أول إجراء لها أن منعت تجمعهم ومجادلتهم ونقاشهم في مذهبهم " فلم يفد فيهم، وزاد شرّهم وفتنتهم " ، حينها أصدر الخليفة العباسي الراضي بالله ( ت329هـ) منشوراً يحمل توقيعه قـُرأ عليهم – أي الحنابلة - يوبخهم فيه على اعتقاداتهم والتي لم يتدخل أحد لانتقادها أو مهاجمتها باسم الدين، في حين قاموا هم بمهاجمة التيارات الفكرية والمذاهب الدينية الأخرى سنـّية وشيعية، واستنكر الخليفة العباسي عليهم استدعاء المسلمين بالرجوع إلى الدين بأساليب مـُنكرة، وكذلك "....إنكاركم زيارة قبور الأئمة وتشنيعكم على زوّارها بالإبتداع " ، ثم يُذكِّرهم بأنهم يزورون قبر إمامهم أحمد ابن حنبل ويأمرون بزيارته وليس له " نسب ولا سبب برسول الله (ص) "، أي لا على سبيل القـُربى ولا المصاهرة، ولكي يكون الأمر حدياً يختم الراضي منشوره مبتدئاً بذكر صفته كرئيس الدولة :" وأمير المؤمنين يقسم بالله قسماً جهداً( شاقـّاً ) يلزمه الوفاء به لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعْوّج طريقتكم ليوسعنـّكم ضرباً وتشريداً، وليستعملنّ السيف في رقابكم، والنار في منازلكم ومحالـِّكم " ، فكان أن التزم الحنابلة، بعدها، بالهدوء فقد أحسّوا تماماً ان الخليفة جاد في عزمه بسبب تماديهم في سلوكهم هذا.
موقف الخلافة العباسية من الشيعة
إن رسالة الخليفة العباسي إلى الحنابلة غاية في الأهمية .
نقول: الخليفة العباسي ليس شيعياً فهو لا ينتمي إلى أي مذهب شيعي كان،مع هذا فهو يدافع بالحجة والمنطق ليس فقط عن حق الشيعة في زيارة الأئمة من آل البيت بل عن حق المسلمين جميعاً فيه لأنه يرُد بقوة كلام الحنابلة في اعتبار زيارة قبور أهل بيت الرسول الكريم " بدعة "، ومعتبراً سلوك وكلام الحنابلة أنفسهم من " المنكرات "، وهناك أكثر من سبب، كما أرى، لموقفه هذا : 1- الدفاع عن حرية الرأي ومن ثم الفعل . 2- كل فعل ونشاط مباح ويـُحترم إن لم يؤدي إلى فتنة وشغب، وكذلك فإن هذه الإباحة مشروطة بما لا يقبل النقاش، باحترام عقائد الناس إن كانت ديناً أو مذهباً أو أي تيار فكري، وبالأخص الدستور، القانون ،المرجع ونقصد به الدين الإسلامي .3 ـ هناك أمر ذاتي وشخصي في المسألة لا يقوله الخليفة جهاراً بل نستنتجه فهو يرجع في نسبه إلى العباس بن عبد المطّلِب، عم الرسول (ص)،وهو أولى الناس بزيارة قبور أهله وفي هذا تثبيت لشرعية هذا الحق له ولكن وأيضاً لجميع المسلمين أتباع دين النبي محمد (ص) .

استخدام القوة في إيقاف الفتن
عمل أبو الحسن في خدمة الخليفة العباسي القادر بالله في بغداد وكان من مهامّه ضبط الأمن فيها، استقال من وظيفته واعتزل عمله عام 408هـ بعد أن قضـّى فيه 19 سنة، لم يستطع أبو مقاتل، الذي عُيـّن بعده، أن يؤمـِّن استمرار الأمن، لقد استعرّت الفتن ،وكان هو أول من تعرض لإماراتها وذلك حين أراد دخول منطقة الكرخ فمنعه أهلها وعلى اثرها قام بإحراق الدكاكين ومحلة الجعافرة " فصارت تلولاً "، لم يكن هذا حلاًّ، فأُعيد الموظف السابق إلى الخدمة بعد سنة من اعتزاله، فكان أول ما بدأ به أن قبض على رؤوس الفتن من الشيعة والسنّة وأمر بقتلهم ، وأعقب ذلك اعتقال إمام الشيعة الإمامية وجماعة من الوعـّاظ وأهل السنّة ونفيهم من بغداد لأنهم قاموا بالتحريض على الفتن والإعانة عليها كلُّ مع الطرف الذي ينتمي اليه مذهبياً. وكانت النتيجة أن " قامت الهيبة وسكن البلد " .

الإجراءات الوقائية / الإحترازية ،النجاح أو الفشل
كانت السلطة تمنع القـُصّاص ( 17) من الجلوس إلى العامة لما لهم من دور في إهاجة المشاعر وإلهاب عواطف الناس شيعتهم وسنتهم في المقام الأول، فالقاص له مَلَكَة في تأليف الحوادث وقصـّها على العوام بإسلوب مثير ومشوِّق ، فكان الناس يجتمعون حوله يستمعون ثم يمنحه الشخص منهم نقوداً، فهي حرفة يعتاش منها . وكان القصاص يـُمنعون من الحديث لفترة تتحدد بانحسار الشك من قيام اضطرابات ثم يـُسمح لهم باستئناف نشاطهم بعد أن يـُشرط عليهم " ترك التعرض للفتن " .
وتلجأ السلطة أيضاً إلى منع أمور معينة في الشعائر المـُقامة من طائفة إنْ جاءتها أخبار باحتمال حصول فتن، ففي عام 393 هـ وعلى سبيل المثال، مـُنع أهل الكرخ وباب الطاق – وهي أماكن تركّز الشيعة - من النوح في المشاهد وتعليق المسوح في الأسواق فأذعنوا، وفي الوقت نفسه مـُنع أهل باب البصرة وباب الشعير – حيث يتمركز السُنـّة - من القيام بطقوس ذكرى مقتل مصعب بن الزبير ، فانصاعوا بدورهم للأمر( 18) ولا يـُذكر سبب هذا الإذعان من جانب الطرفين، وهل يتعلق بقوة السلطة أو لسبب آخر. ففي بداية عام 441 هـ جاء أمرها مـُجدداً إلى أهل الكرخ بالإمتناع عن النوح وتعليق المسوح في ليلة عاشوراء " خوفاً من الفتنة "، فأعطى رؤسائهم وعداً بذلك، ثم أخلفوا وعدهم، وكما كان متوقعاً ثارت الفتنة بين الشيعة والسنـّة وجرى بينهم " ما يزيد عن الحد من الجرح والقتل "، فاضطرت السلطة إلى إرسال الجند الأتراك فضربوا وقوّضوا الخِيَم المعَدة للإحتفالات . لم تهدأ الحالة إلاّ شهوراً ففي شعبان بدأ أهل الكرخ بالإستعداد لإقامة طقوسهم وأعقبهم في ذلك السنـّة وثارت الفتنة في يوم عيد الفطر . وهذا كنا قد ذكرناه في الصفحات السابقة ونـُكمل هنا بذكر رد السلطة بعد استفحال الأمر، فقد كلّفت شخصاً يُدعى بأبي محمد النسوي، وكان رجلاً صارماً حديدي القبضة، بالقضاء على الفتنة، فقام بذلك بأن قتل زعمائها من الطرفين الشيعي والسني، مع ذلك لم يستطع إخمادها نهائياً بل استمرت على نحو أهدأ، " ثم زادت الفتن بين السنّة والشيعة ، ونُقضت المحال ورُميت فيها النار".

رد الشيعة والسُنّة على ابن النسوي
حلّت سنة 442
كـُلِّف إبن النسوي، من جديد بمعالجة اضطراب الأمن وضبط البلد، وفور معرفتهم بالخبر اجتمع رؤوس العامة ،شيعة وسنّة، من أهل الكرخ وسوق القلاّئين وباب الشعير وباب البصرة للتشاور في المسألة فهم يعرفون تماماً إبن النسوي وقد جرّبوه من قبل؛ سيوُقع القتل بالطرفين دون استثناء أحد ويقوم بإحراق أسواقهم ومحـالّهم وعليه يجب توقـّيه وأخذ الحيطة . ثم اتفق الطرفان على خطـّة قاموا بتنفيذها سوية خطوة، خطوة وبتضامن تام :
- صلّى أهل الكرخ الشيعة في مساجد السنّة في باب القلائين، وقالوا في الأذان ـ كما يفعلون في العادة –" حي على خير العمل"، وبدورهم صلّى السنّة بمساجد الشيعة مع القول في الاذان العبارة المعهودة "الصلاة خير من النوم" .
- تم الإختلاط بينهم وأظهروا الصلح والعشرة.
- خرجوا سوية لزيارة المشهدين : مشهد الإمام علي ( كرّم الله وجهه)، ومشهد ابنه الإمام الحسين (ع) .
- قام أهل الكرخ، بالترحم على الصحابة ( رضي الله عنهم).
- وفي ذي الحجة،آخر شهور السنة، خرج الشيعة والسنّة سوية لزيارة مشهد الإمام الحسين (ع) في الحائر، ومشهد مسلم بن عقيل في الكوفة ( 19).
لم يقف الفريقان عند هذا الحد بل بذلوا كل ما في وسعهم لإشهار وئامهم للسلطة ؛ فعملوا راية سوداء وضعوا عليها اسم الخليفة، وحملوا مناجيق (جمع منجنيق) ملونة مـُذهّبة، فهاهي الآلات التي تـُستعمل لرمي الحجارة في المعارك عادت أدوات تزويق للموكب، وفي طريقهم إلى جامع المدينة انضمت إليهم مجاميع أُخرى من كلا المذهبين حاملة المناجيق أيضاً، ثم عاد الطرفان إلى مناطقهم يحملون الأعلام في أيديهم تتقدمهم تلك السوداء التي تحمل اسم الخليفة ، وكانت الأبواق تضرب أثناء مسيرتهم ،تحشّد الناس على جانبي الطريق لمشاهدتهم ، وحين اجتاز الموكب منطقة قرب الكرخ نثر عليه المتفرّجين، من سنّة وشيعة، الدراهم ابتهاجاً وتقديراً .
كان فرح الناس مفهوماً : إنهم يريدون العيش بأمان، ربما قد صدّق البعض منهم ما يراه، ولكن الشك هو الطاغي في النفوس ويبقى الأمل والرجاء إلى جانبه .
حلّت سنة 443 هـ
لم يستمر فرح الناس طويلاً فما حسبوه مائاً كان سراباً خادعاً لا غير فالإتفاق الذي حصل قابل " للإنتقاض" وهذا هو الأمر الثابت الذي يجب التسليم به، فما ان مرّت فترة كافية لإظهار حسن نوايا الشيعة والسنة من التزامهم بالصلح والهدوء أمام السلطة حتى بدأ التأهب من الجانبين، لاستغلال أي حدث ومن ثم إشعال فتنة وفعلاً حصل ما أرادوه وكانت فتنة هائلة "... وغـُلِقت الأسواق (خوفاً من النهب) ووقفت المعايش".

كيف حكم البويهيون الشيعة بغداد
كانت بغداد من المناطق التي حكمها البويهيون ، وقد استمر حكمهم لها أكثر من قرن من 334 هـ حتى 447 هـ (وهذا سبب من أسباب اختياري لهذه الفترة) حيث حل محلهم الأتراك السلاجقة . كان البويهيون أصحاب السلطة الحقيقية، القرار، العقد والحل، فالبويهي هو الملك/ السلطان ويبقى الخليفة أمير المؤمنين، حاكماً إسمياً أكثر منه فعلياً. إن معز الدولة، وهو أول من حكم في بغداد منهم (ت356 هـ )، جعل من يوم الغدير عيداً رسمياً للشيعة تـُقام به الإحتفالات كذلك ثبـّت رسمياً طقوس النوح واللطم وغلق الأسواق ولبس السواد في عاشوراء تعبيراً عن الألم باستشهاد الحسين(ع) . إن تشيع البويهيين لم يعط أفضلية أياً كان نوعها لشيعة بغداد ،ونعني بهذا : المناصب، العطايا ، تغليب مصالحهم على مصالح الآخرين.... فلا يتم ترجيحهم على السنة لأي سبب كان، ويظهر هذا خصوصاً في الفتن الطائفية ؛ لقد كان الشيعة والسنة يُعاقبون ويتم ردعهم بنفس الإجراءات : القتل، الحبس، النفي.... كذلك وأولها – وهو من التدابير الوقائية – منع الطائفتين من القيام بشعائرهم . إن حفظ الأمن والقضاء على الفتن أياً كان مصدرها ونوعها، هو من الأمور الأساسية التي يهتم بها الملوك البويهيين فمثلاً تم إرسال وزيرهم عام 422 عقب فتنة بين الشيعة والسنة، إلى الكرخ حيث يتركز الشيعة ،فاستقبله هؤلاء بضربه بآجرة [ طابوقة] وقعت في صدره وأدّت إلى سقوط عمامته، عاقب الوزير رؤوس الفتنة منهم بالقتل وانتهب من معه منَ الغلمان كل ما استطاعوا نهبه . وفي مدينة شيراز عاصمة حكم البويهيين ، ثارت فتنة بين المسلمين والمجوس فلم يتم التساهل مع طرف على حساب الطرف الثاني وبكلام أدق لم يتم التغاضي عن دور المسلمين في الفتنة باعتبار دينهم، بل أن المجوسي والمسلم مواطنان في مجتمع واحد فكان أن عوقب الطرفان بالتساوي .
ومن المهم أن نذكر ان السلطة البويهيّة لم تكن تنفرد بالقرار في مواجهة الفتنة في بغداد وهي أزمة حقيقية للدولة في كل مرّة تحدث بها بل انها تستشير وتتباحث مع الآخرين لكي تتوصل إلى حل سريع وبأقل الأضرار لإخمادها،وفي العادة تتم استشارة عقلاء الشخصيات من الخاصة ففي أحداث 427 هـ ـ وهذا مثل لا غير ـ اجتمع جلال الدولة البويهي بثلاثة رجال في مجلسه لاستشارتهم في اتخاذ التدابيرالملائمة لمواجهة فتنة تنذر بالوقوع وهم : المرتضى نقيب الطالبيين، الزينبي من وجهاء العباسيين، الماوردي قاضي القضاة المؤرخ العالم واستمع لنصحهم .
مع ذلك تلعب العاطفة والتعاطف دوراً في علاقات البويهيين مع الناس في هذا المجال ولكنها تظل وضعاً استثنائياً ؛ فقد قبض المهلـّبي وزير معز الدولة ( 20) على ثلاثة أشخاص، رجلان وامرأة، من الذين يعتقدون بالتناسخ كان أحد الرجلين يزعم أن روح علي(ع) انتقلت إليه ، والثاني يدّعي انه جبريل، أما المرأة فتزعم أن روح فاطمة (ع) انتقلت إليها . قام الوزير بضربهم، فحموا أنفسهم وتستروا عليها بادّعاء الإنتماء إلى أهل البيت، فكان أن أمر ابن بويه ـ بعد اطّلاعه على الأمر ـ بإطلاق سراحهم، وفي كل الأحوال هناك شيء أكيد لا يقبل الجدل وهو لو كان هؤلاء الثلاثة يمثـّلون خطر على الأمن أياً كان نوعه أو مساس حقيقي بعقائد الناس لكان تصرف معز الدولة مختلف تماماً، ولكنه يعرف أن حفنة من الرعاع سيهللون لهؤلاء أو يسخرون منهم ثم لا شيء أبعد من هذا .
مع الشيخ المـُفيد (ت413 هـ )
محمد بن محمد العـُكبري البغدادي، وُلِد في عكبرا ( حاشية رقم 5 )، ذهب به أبوه وكان معلماً بواسط [ولذا عُرف أيضاً بابن المعلم] إلى بغداد لتلقي العلم فنشأ وعاش ومات فيها، درس على يد علماء عصره، كان شيعي على مذهب الإمامية الإثني عشرية، اتفق المؤرخين على وصفه بالنباهة والفطنة والبراعة في العلوم، كما اتفقوا على كثرة تقشفه وتعبده، ونذكر قول المؤرخ الذهبي فيه :" كانت له جلالة عظيمة وتقدّم في العلم مع خشوع وتعبد وتأله". له نحو مئتي كتاب في الفقه والحديث والكلام .كان له مجلس علم يحضره الناس ، وقد انتهت اليه رئاسة الشيعة في وقته . إن صلته بالبويهيين كانت جيدة فقد كانوا شديدي الإحترام له، وكان عضد الدولة يذهب لزيارته في بيته، ويعوده حين يمرض، وفي هذا دلالة كافية على مكانته العلمية والإجتماعية .حين مات الشيخ المفيد صلّى عليه تلميذه الشريف المرتضى ،وكان تشييعه يوماً مشهوداً حضره آلآف الناس، دُفن في بيته ثم نـُقل لاحقاً إلى مقبرة قريش في الكاظمية .كان لابد من ذكر هذه المعلومات جميعها، وإلاّ لن يكون لما سنذكره أي أهمية :
إنَّ الشيخ المفيد كان متعصباً لمذهبه، متطرفاً في شيعيته، وتجسد هذا في أمرين :1- نشاطه في الدعوة إلى مذهبه بطريقة تؤدي إلى حدوث مشاكل بين الناس في المجتمع. 2- كان له دور غير محمود إطلاقاً في الفتن التي تقع بين الشيعة والسنة . كانت النتيجة أنْ نـُفي الشيخ المفيد من بغداد مرتين من قبل السلطة البويهية، المرّة الأولى عام 392 ، والثانية عام 395هـ .
إن تصرف الحكام البويهيين يؤكد ما تقدمنا به ؛ من أنهم لا يضعون انتمائهم المذهبي معياراً وحَكماً يحتكمون إليه في اتخاذ القرارات السياسية، وإن أمن المجتمع أمر لا يـُعلى عليه ، كذلك الأمر في انتمائهم الديني كما ذكرنا فهم لم يجعله معيارا وحكما فالناس من كافة الأديان والفرق المذهبية الناتجة عنها كانت تُمارس شعائرها العبادية وطقوسها في أمان ولم يجري تفضيل أو إقصاء بسبب الدين ، والأمر نفسه في مسألة الإنتماء العرقي فلم يؤخذ بعين الإعتبار في التعامل مع الآخر تقديماً أو تأخيراً ، ونذكر أو نـُذكِّر، أن البويهيون أنفسهم فُرْس مستعربون .

الحركة العلمية في بغداد بوجود هذه الأوضاع
تمهيد :العراق ما قبل بناء بغداد
كان القرن الأول هو مرحلة استقرار المسلمين ،بعد الفتوحات، في مجتمعات جديدة عليهم يجهلها معظمهم : بيئةً وتاريخاً، لغاتاً وعلوماً، تقاليد وعادات. شكّل العرب المسلمون ـ في بادئ الأمرـ أقلية في كل مجتمع يحلّون فيه مع ذلك فهم لم ينغلقوا
ولم يتقوقعوا على أنفسهم تجاه هذه الحضارات وناسها بل أقبلوا عليهما ، فضولاً صالحاً، ورغبة في المعرفة، واحترام يتظاهر في كل فعل وقول. السبب في هذا الموقف يعود إلى الدين الذي يحملونه ، الإسلام . فهم يلتزمون بما أوجبه عليهم معرفة وتطبيقاً، ومن جملة هذه الأمور وفيما يخص ما نبحثه الآن : 1-إن الأنبياء والرسل الذين سبقوا نبينا الكريم هم جزء من إيماننا وإسلامنا، وإن رفض الإعتراف بنبوة أو رسالة أي واحد منهم يُخرج المسلم عن ملّته فلا يعود مسلماً، فالإسلام جاء ليـُكمل هذه الشرائع لا لينقضها. 2-الإسلام يحترم الإنسان، البشر على اختلاف أعراقهم وألوانهم ومعتقداتهم الدينية (21 ) ويدعو إلى التعايش معهم فهو دين سلام ووِد . 3- الإسلام (قرآناً وسنّة ) يحث على اكتساب العلوم والمعرفة بالمطلق ويؤكد على ذلك بقوة . 4- الإسلام دين يـُسر لا عسر، دين يرمي إلى تنظيم المجتمع ومنع الظلم والإستغلال فيه، دين يدعو إلى التمتع بالطيبات مع اعتبار أوامر الله ونواهيه . هذه القواعد تـُكمل إحداهما الأُخرى، فهي كلُّ متكامل يعمل سوية . نتج عن هذا إقبال المسلمين على إنسان هذه المجتمعات في العراق – كما في غيرها من البلدان المفتوحة – اقتباساً من علومه بالمعنى المطلق للكلمة، واحتراماً لها. نشأت علاقات أُلفة بين المسلمين والآخرين بالمطلق ومن بين أول نتائج هذه الخلطة والعشرة أن وُضِع علم النحو من قبل أبو الأسود الدؤلي الموسوعي العلوم (تـ 69 هـ - 688 م ) بتوجيه من الخليفة الراشدي الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، ذلك أن تعلم العربية من السكان الأصليين ـ وهذا في العموم ـ أخذ يتم على أسس خاطئة ، فالعرب المسلمون أنفسهم بدأ كلامهم ينحرف نحوياً لبعدهم عن بواديهم وعدم وجود من يـُقوِّم ألسنتهم .
ومنذ القرن الأول للهجرة بدأ تكون مجتمعات حضارة في العراق ، في البصرة (بُنيت عام 14 هـ ) وتبعتها الكوفة بعد عام واحد، وبنى الحجاج والي الأمويين في العراق (تـ 95 هـ - 714 م) مدينة واسط عام 83 هـ ، وكان سبب بنائها واختيار موضعها رواية راهب رواها للحجاج بشأن الموضع (22 ). مجتمعات مدن يتعايش بها بوئام من بناها: سكان العراق الأصليون والعرب المسلمون الوافدون من أراضي بعيدة أُخرى .
يقص المؤرخ الواقدي [ ت207 هـ / 823 م] حادثة شخصية تبيّن وجهان من أوجه المروءة العديدة : الكرم وحق الصديق، يبدأها كالآتي : " كان لي صديقان أحدهما هاشمي والآخر نبطي وكنـُا كنفس واحدة ...." ، ووصفه العلاقة ب" النفس الواحدة" له دلالة كبيرة : إنها المودّة الخالصة والإلتحام العميق، الواقدي مع علو شأنه في العلم وكونه من حـُفّاظ الحديث والذي قدِم بغداد من "المدينة" في سن الخمسين واستوطنها وتوفي فيها ليس له نسب يفخر به ، الهاشمي قد لا يكون له علم الواقدي ولكن ينتمي إلى بني هاشم أهل الرسول الكريم ،وقد يكون وُلِد في بغداد ونشأ فيها ولم ير الحجاز حيث ينتهي نسبه أما النبطي فهو من النبط سكان سواد العراق ولا شيئ يميزه في حديث الواقدي من علم أو غيره . إنها علاقة انسانية فوق كل اعتبار، أرواح تتجاذب وتتآلف ، ولا أثر فيها من قريب أو بعيد للإعتقاد الديني ،الإنتساب العرقي، الإنتماء إلى شريحة إجتماعية أو طبقية .
أقول : لا يزال هذا البلد العزيز على كل نفس نقية في المعمورة ، لايزال يحافظ على تعددية أعراقه، دياناته ،لغاته ولهجاته ... الآن وفي المستقبل رغم كل ما يحدث وما سيحدث. إنّ حادثة الواقدي ليست بالغريبة أو الشاذة بل انها الأساس والأرضية
للمجتمع البغدادي والعراق بكل مدنه .
نصل ونسترجع ما كنّا فيه ، فنقول :
إن كان العرب المسلمين وسكان البلد الأصليين قد خلقوا فيما بينهم وشائج ألفة وتعايش فإن هذه الوشائج فـُقدت مابين المسلمين أنفسهم، فلم يهدأ العراق في هذا القرن [ الأول] على الإطلاق بل جرت الحروب على أرضه، وشهدت مجتمعات مدنه أحداثاً سياسية ضخمة. ونجمل هذه الأحداث : انتقل الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب إلى العراق واستقر في الكوفة جاعلاً منها عاصمة لحكمه، كانت سنين حكمه القليلة [حوالي خمسة سنوات] المليئة بالحروب والخلافات ،أرضية ونواة تكون الفرق المذهبية والتيارات الفكرية والإتجاهات السياسية. لم تكن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر (رض)، ترى أن للإمام علي حق في الخلافة لذا قادت جيشاً إلى العراق، وقرب البصرة جرت الحرب مع جيش الخليفة وهـُزم جيشها في واقعة الجمل المشهورة . تلتها حروب الخليفة على (ع) مع معاوية بن أبي سفيان في صـِفِّين للسبب ذاته، وما أعقبها من إيقاف الحرب وعملية التحكيم ثم خروج بعضاً من جيش علي(ع) عليه – ومن هنا جاءت تسميتهم بالخوارج – لقبوله بالتحكيم ،وينتهي الأمر باستقرار الحكم للأمويين بعد أن قـُتل الإمام (ع ) . لم يهدأ الوضع السياسي ومن ثم الأمني ، فقد كانت هناك ثورة الحسين (ع)( تـ61 هـ -680م) حفيد الرسول الكريم على الحكم الأموي وكان قد قدم العراق بعد أنِ وُعـِد بالنـُصرة فقتله، وجزء من عائلته، الجيش الأموي قرب الكوفة في موضع يـُدعى كَرْبلاء، بعدها كانت ثورة زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، والتي انتهت بقتله من الأُمويين في الكوفة عام 122هـ - 740م ، أما عن الخوارج فلم تهدأ حروبهم للسلطة في العراق قط ، ألأموية ولاحقاُ العباسية .
تكلمت عن أهم الحروب والأحداث تلك التي أنتجت، كما قلت أعلاه، مذاهب فكرية وعقيدية، وإلاّ فإن العراق كان محلاً للعديد من الثورات وحركات المعارضة للأمويين مدة حكمهم، وفيها جرى جزء من التحضير لحكم العباسيين .
بدأ الخوارج كحركة سياسية وسرعان ما تحولت إلى تيار عقائدي له قواعده الواضحة في سياسة الحكم، وانقسم لاحقاً إلى حوالي عشرين فرقة، ومن العراق انطلق ليحل في مناطق من العالم الإسلامي كاليمن والجزائر وشرقي أفريقية حيث لا يزال موجوداً.
أما الشيعة فقد توزّعوا في فرق عديدة، فهناك الباقرية نسبة إلى الإمام محمد بن علي الباقر (تـ 114هـ)،وهناك الزيدية نسبة إلى إلإمام زيد بن علي (المذكور أعلاه )، وهناك الإمامية الإثني عشرية ويـُدعون أيضاً بالجعفرية نسبة إلى الإمام جعفر الصادق (تـ148 هـ)،والإسماعيلية ويـُنسبون إلى اسماعيل بن جعفر الصادق (تـ 143 هـ)، وفرقة الموسوية نسبة إلى موسى بن جعفر الصادق (تـ 183 هـ) .
إن من هذه الفرق ما كانت بدايته العراق، فالإمام زيد بن علي، العالم الفقيه والذي يـُعد كتابه في الفقه أول كتاب دوِّن فيه، أقام في الكوفة فترة ودرس علم الإعتزال على واصل بن عطاء شيخ المعتزلة، ولكن مدرسته الفقهية انتشرت وتركزت في اليمن.وعلى العكس من ذلك عاش الإمام جعفر الصادق في " المدينة" - وعاصر بها الإمام مالك بن أنس - وفيها تأسست وتكونت مدرسته الفقهية ولكن المذهب الجعفري انتشر عند شيعة العراق وهو السائد فيها الآن (23 ) .
حَـفَـل العراق بالفقهاء والعلماء فكانت البصرة والكوفة، على الأخص، مراكز رئيسية لهم، وحتى بعد بناء بغداد ، فالجاحظ، مثلاً، الذي عاش قـُرابة قرن(163 – 255 هـ ) الإمام الذي لا تـُنازع رئاسته للأدب، رئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة سكن البصرة، فيها وُلد وعاش وفيها مات، وكان ذهب إلى بغداد مدة ولكنه لم يستوطنها قط .
أما الإمام أبي حنيفة النعمان فقد وُلِد في الكوفة عام 80 هـ ونشأ بها وشاهد بنفسه بناء بغداد ، وانتشر مذهبه في العراق وهو السائد فيها الآن، وانتقل إلى العديد من المجتمعات العربية والإسلامية عموماً .وُلد الإمام الشافعي في غزة بفلسطين في 150 هـ ( وهي سنة وفاة الإمام أبو حنيفة)، ذهب إلى العراق وبقي بها فترة ورحل إلى مصر حيث عاش بقية حياته، ولذا نجد له قولين في المسألة الواحدة ففتواه في بغداد تختلف عن تلك في مصر لخصوصيات كل مجتمع .وُلد الإمام أحمد ابن حنبل في بغداد في 164 هـ ، وفيها مات ومنها انطلق مذهبه ليستقر في بلدان أُخرى.

النشاطات العلمية والثقافية : بغداد القرن الرابع والخامس الهجري، الحادي عشر والثاني عشر الميلادي .

في عام 132 هـ بـُويع لأبي العباس السفاح بالكوفة( تـ 136هـ )، وبها كانت بداية الدولة العباسية.
في عام 145 هـ بدأ بناء مدينة بغداد بأمر من الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور الذي كان يـُقيم في "الهاشمية" المدينة التي بناها السفاح عاصمة للحكم، وكما في مدينة "واسط " ، تم بناء بغداد في موضعها الحالي بعد أن استشار الخليفة رجال الدين من أصحاب الأديرة والبطارقة الموجودة في المنطقة عن أحوال البيئة من حر وبرد وأمطار....
السؤال هو: هل توقّف العطاء الفكري والفني في بغداد في هذين القرنين ؟ وبعد كل ما ذكرناه في الصفحات السابقة من الضروف المعيشية،الكوارث الطبيعية، الفتن ونتائجها، الجواب بـ : لا ، إن هذه المرحلة الوسطية هي امتداد للتألق الذي تميزت به مدن العراق، البصرة، الكوفة، واسط...، والذي تكثف في بغداد منذ بنائها فأصبحت مركز استقطاب، ولن يتغير الحال إطلاقاً في كل القرون التي أعقبت هذين القرنين.
فما قاسته بغداد خلال هذه الفترة ـ والذي ذكرنا منه نماذج لا غير ـ وما ستعيشه لاحقاُ في مختلف العصور من آلآم بسبب الكوارث المتنوعة لم يؤثر على مسارها العلمي والثقافي عموماً بصورة سلبية، بل ، وربما كان هذا من المفارقات ،ازداد هذا العطاء ترسّخاً وتنوّعاً، وظلّ العلماء والباحثين عن العلم يشدون الرِّحال إليها من كافة مجتمعات العالم المتحضر آنذاك قريبه وبعيده. إن بغداد ـ وليس في قولي هذا أي مبالغة - هي مرحلة التأسيس والبداية لكل طالب علم كما هي مرحلة صقل للمعرفة المـتـُحصلة . إنها الّلب والغاية في الإكتفاء والإمتلاء ،وتبقى الإستزادة حاجة دائمية فنحن نتحدث عن العلم وهو الحلم والمطلب الأزلي .


بغداد موطن علوم الشيعة : الأساس والمصدر
الأُصول الأربعة

يعتمد الشيعة الإثني عشرية في مذهبهم على أربعة مراجع، هي "الأُصول" كما يطلقون عليها، وهي حسب التسلسل الزمني :
- الكافي ( في علم الدين) في أُصول الفقه وفي الفروع، للفقيه الإمام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكـُليني الرازي البغدادي . تـوفي عام 329 هـ - 941 م .
- من لا يحضره الفقيه، لابن بابويه القـُمـّي محمد بن علي، المـُلقَّب بالشيخ الصدوق . توفي عام 381 هـ .
- تهذيب الأحكام
- الإستبصار فيما اختـُلِف فيه من الأخبار . ومؤلفهما الشيخ محمد بن الحسن الطوسي .توفي عام 460 هـ .
لم يستوطن الشيخ الصدوق العراق، وكتابه الذي ذكرته ألـّفه في "قـُم" موطنه، مع ذلك فقد زار بغداد مرّتين في 352 ، و355 هـ ، ولكن الثلاثة " الأُصول" الأُخرى كـُتبت في بغداد .
فالكـُليني ، وينتمي إلى كـُلين في مدينة الري بخراسان، رحل إلى بغداد وأقام بها، وأُضيف إليه لقب "البغدادي"، وكان في زمانه" شيخ الشيعة " في بغداد.
وإذ نأتي على المفسّر والفقيه والعالم الطوسي نجد انه ترك خراسان متوجهاً إلى بغداد عام 408 هـ وكان عمره آنذاك 23 عاماً، أقام بها أربعين عاماً وبها ألّف كتبه، وبعد وفاة الشريف المـُرتضى عام436 هـ ، استقلّ الطوسي برئاسة المذهب الشيعي الإمامي ولُقِّب بالإمام. كان لهذا الرجل العالِم علاقة طيبة بالسلطة، وقام الخليفة العباسي القائم بأمر الله ( ت467 هـ ) بمنحه "كرسي الكلام والإفادة" وهذا لا يـُقدّم إلاّ لرئيس علماء وقته .

علاقات العلماء في بغداد: فيما بينهم، وبينهم وبين السلطة

العلماء فيما بينهم
اقتفاء سيرة السلف الصالح
كان علماء بغداد على أفضل الصلات فيما بينهم؛ فمبادئهم وهي الأساس والأرضية التي يقفون عليها وينطلقون منها، واحدة : خدمة المجتمع بعلمهم، الوقوف ضد الظلم والجور سواء أكان مصدره السلطة أو تعامل الناس فيما بينهم بالرجوع إلى قانون القوة. لم يكن هناك أنت شيعي، أنت معتزلي، حنفي ، مالكي.... نعم تـُقال كجزء من التعريف بالشخصية وليس بسبب طائفي على الإطلاق ،كما يذكر المؤرخ، مثلا، أن الشخص مشهوراً بأناقة ملابسه، بعطره ، بمجالسه الأدبية ،كان يخضب لحيته بالحناء أو لا يخضب . هذا كله حين يقف العالم موقف الوسط فلا يتطرف في أفكاره، وهذه بديهية نـُذكِّر بها فقط، فمن المعلوم أن التطرف يـُفقد الشخص صفة العالـِم إذْ هو يؤدي إلى التصلب بالرأي، عدم سماع الآخر، الإكتفاء بما عنده من معرفة ومـُحاسبة الآخرين من خلالها، وهذه الأُمور بالعموم، من صفات العامة وبها ينتقل الشخص من مرتبة الخاصة ـ وإن كان يحمل جميع علوم الأرض ـ إلى مرتبة العوام، إلى ذلك فالفتن، وأحد أهم أسبابها التطرف،لم تكن تحدث إلاّ من العامة وبين العامة.
كان العلماء، سنة وشيعة، يأخذون العلم من بعضهم البعض، وكانت لهم مجالسهم التي يحضرها الناس للسماع بغض النظر عن الإنتماء العرقي، الديني، المذهبي....
الأسوة الحسنة
1- صلات الدم والنسب
إن في التاريخ أسوة حسنة لعلماء الشيعة والسنة في الخلطة والإحترام . نعم ،حدث صراع على السلطة بين قبيلة قريش نفسها، وبالأخص بين العلويين/ الهاشميين والأمويين، ولكن وعدا هذا كانت قريش تتعايش فيما بينها، تناصر بعضها البعض، تتصاهر فيما بينها، فيجمعهم نسب مشترك، والأمثلة كثيرة نكتفي ببعضها : قول الإمام جعفر الصادق : ولدني أبو بكر ( الصدِّيق) مرتين، تبدو العبارة لـُغزاً، مع ذلك فأمرها بسيط ؛ فأم الإمام الصادق هي" أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق . ووالدة أم فروة ، أي جدّة الإمام الصادق هي: أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق .
- تزوج الإمام علي بن أبي طالب(ع) أسماء بنت عُـمَـيْس بعد وفاة زوجها الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق ، وكانت أسماء قد أنجبت ولداً من أبي بكر(رض) . تربّى محمد بن أبي بكر في حجر الإمام علي وكان يحبه ويرعاه كأحد أبنائه، لازم محمد الذي كان يـُدعى "عابد قريش" بسبب تقواه، الإمام علي وحضر معه وإلى جانبه الحروب التي خاضها، عيـّنه الخليفة الراشدي علي والياً على مصر، قتله جيش السلطة الأموية في مصر وبها دُفن، حدث هذا عام 38هـ وكان عمر محمد يوم قـُتل 28 عاماً.
- رغب عمر بن الخطاب ( رض) بمصاهرة أسرة الرسول الكريم، أن يجمعه بهم نسب فخطب أم كلثوم وأمها فاطمة الزهراء بنت نبينا محمد (ص)، وأبوها الإمام علي بن أبي طالب، وافق الأب على الزواج وزُفـّت أم كلثوم إلى عمر، وكانت ثمرة الزواج من الأولاد : زيد ورقيّة.

ألأحكام الفقهية التي ترتبت على هذا الزواج
ومن باب الإستطراد المفيد والذي لا يـُمكن إغفاله هنا أن نذكر أنه قد ترتب على زواج عمر بن الخطاب ( رض) من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة الزهراء (عليهم السلام) قاعدتين فقهيتين :
الأولى في أحكام المرأة : أين تقضي المرأة العدة التي تعقب وفاة الزوج ( أربعة أشهر وعشرة أيام). جاء في الفروع من الكافي ، باب " المتوفي عنها زوجها أين تعتد وما يجب عليها"، عن أبي عبد الله (جعفر الصادق) سـُـئل: تعتد (المرأة) في بيتها أو حيث شاءت، قال: بل حيث شاءت ؛ إن عليا، لمّا توفي عمر، أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته . ورد الحكم ذاته في باب "عدّة النساء "في كتاب " تهذيب الأحكام " للشيخ الطوسي .
الثانية في الإرث: توفي زيد وأمه أُم كلثوم في ساعة واحدة، ولم يـكن في الإستطاعة تحديد من مات منهم أولاً،فلم يـُورّث أحدهما من الآخر .جاء هذا الحكم في كتاب الميراث في نفس المؤلَّف الذي ذكرناه آنفاً للشيخ الطوسي " تهذيب الأحكام" (24 ) .
تزوج أبان بن عثمان بن عفان (رض) بأُم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر هو ابن عم الرسول الكريم (ص).
تزوج مروان بن أبان بن عثمان (رض) بأُم القاسم إبنة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).
تزوج زيد بن عمرو بن عثمان (رض) بالسيدة سكينة بنت الحسين (ع).
). تزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان (رض) بفاطمة بنت الحسين(ع
إن هذه الزيجات (25)_وهي جزء من براهين عديدة - تُثبت بصورة قاطعة ان اتهام معاوية بن أبي سفيان للإمام علي (ع) بعدم نصرة الخليفة الراشدي عثمان (رض) أمر باطل تماماً ، ادّعاه معاوية للإستيلاء على السلطة ، فمن المرفوض عقلاً ومنطقاً ان تقبل من ذكرناهن من النساء حفيدات علي بن أبي طالب بزواجات كهذه بعد اتهام جدهم بهذه التهمة ، ولا يوجد هنالك أي أمر على الإطلاق يجبرهن على ذلك ، والشيء نفسه يـُقال عن أولاد عثمان؛ فليس من الممكن أن يقدموا على الزواج من نساء امتنع جدهن عن نصرة ابيهم عثمان ذو النورين (رض) ، كما أن ليس هناك من دافع سري للإقدام على الزواج منهن من أي نوع كان ، إنما هو الإعجاب والمحبة لا غير ثم ان الأمر وبكل بساطة هو زواجات في قريش نفسها بين عوائل تتوافر عوامل الكفاءة في رجالها من دين وخلق وغيرها فهم أهلاً للزواج من حفيدات الإمام علي (ع).
إن من يقرأ التاريخ بروح ونفس حيادي نظيف وبنظرة علمية متأنية خالية من الأحكام المـُسبقة التي تعمي البصيرة، يرى أن وشائج الود والرحمة تربط بين الخلفاء الأربعة الراشدين على أحسن ما يكون وكذلك كان الحال مع أبنائهم وأحفادهم من بعدهم. هذه هي اللُّحمة الأولى / المرجع الأول .

2- العلاقات العلمية
إن كان النسب هو علاقة الدم والقربى ، المتأتية عن زواج أو مصاهرة، وبصورة أخرى أوسع الإنتماء إلى نفس العشيرة أو القبيلة فإن نسباً آخر – في رأيي- أقوى من علاقات الرحم هذه تخلقه الصلة العلمية ؛ فهو نسب مرهف ، روحي ، يتميز بشعور المنـّة والفضل الذي يحمله الواحد للآخر، الحاجة اليه، الإحترام والود المتبادل.ولا يختلف الأمر كثيراً في علاقة الحي بالميت منهم الذي سبقه، فالذي يتغير أنه سيكون أُحادي الجانب غير متبادل. الأمر المـُضاف هنا أن العلاقات التي ربطت علماء كل جيل سابق ببعضهم ستكون المثال والقدوة التي يـُنظر إليها ويـُحتذى بها من الجيل اللاّحق من العلماء والباحثين والدارسين ، وهذه هي اللُّحمة الثانية ومن ثم المرجع الثاني .
إن دِقـّة تحليلات الإمام علي ورهافة رؤيته للأمور جعلته موضع استشارة الخلفاء الراشدين من قبله، ومن ثم الأخذ بما يقول. وبعد، فإن قول عمر بن الخطاب في الإمام علي، مشهور : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن .
إذاً ،هذه العلاقات العلمية صارت- فيما بعد- مناراً للعلماء يهتدون به . وإذا ندخل دائرة أضيق نجد أن فقهاء المسلمين عموماً والأئمة الأربعة للمدارس السنية بالأخص كان لهم علاقات علمية وشخصية بالرجال والعلماء من آل البيت ، درسوا على أيديهم، وعلى أيدي من أخذ العلم عنهم وكانوا يضمرون ويُظهرون لهم حباً واحتراماً كبيرين.وبسبب من هذا لم ينج أحد من هؤلاء الأئمة الأربعة على الإطلاق من مراقبة السلطة له أو أذاها، فهذه العلاقة وهذا الموقف يعني في المحصلة تهديد لها ؛ وهذا ما حصل فترة حكم الأمويين ومن بعدهم العباسيين ،فقد كانوا ينظرون إلى العلويين كمنافسين لهم على منصب الخلافة ووقوف أحد من العلماء إلى جانبهم بما له من تأثير في الجماهير من حيث الدعوة للمساندة والنصرة له انعكاساته الخطرة على سلطة الخليفة في الحكم . ونذكر ما حصل لهم :
- ألإمام أحمد ابن حنبل ( ت 241هـ - 855م)، دُوهم بيته – في بغداد- من السلطة وفـُتش بدقة بحثاً عن رجل علوي جاءت الأخبار بأن أبي حنبل يخفيه في بيته .
- ألإمام محمد بن إدريس الشافعي(ت204هـ -820م) ، اتهموه بأنه رئيس حزب يدعو إلى العلويين ويـُناصرهم ، أرسل الخليفة هارون الرشيد أحد قواده إلى اليمن ليتحرى الوضع ، حذّر القائد في رسالته إلى الخليفة من أن الحجاز ستخرج عن سلطة هذا الأخير إن هو لم يفعل شيئاً، وذكر الشافعي فقال عنه:" إنه يعمل بلسانه ما لا يقدر المقاتل عليه بحسامه وسنانه".
أمر الخليفة الرشيد بحمل العلويين إليه ومعهم الشافعي " مُكبـّلاً بالحديد" ، وحين قابله الرشيد ، بعد وصوله بغداد، دار حوار بينهما أمام الحاضرين في المجلس ، بعد أن فـُكّ الحديد عن قدميه بطلب منه لأن " الكلام مع ثقل الحديد صعب" ، واستطاع الشافعي أن يُقنع الخليفة بأن الكلام عنه لم يكن إلاّ وشاية واش لا غير.
إن الشافعي ، هذا القرشي الذي يتصل نسبه بعبد مناف، والذي تزوج بالسيدة حميدة إحدى حفيدات عثمان بن عفان (رض)، لم يكف لحظة عن إشهار حبه لآل البيت، حتى أن من الجهلاء والمتعصبين من قال عنه انه رافضي (تقابل كلمة شيعي)، فيرد الشافعي بالشعر فهو شاعر أيضاً ، قال :
إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
أقام الشافعي في مصر ، وهناك درس على يد السيدة نفيسة، حفيدة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وزوجة إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق(ع)، وحين مات أمامنا الجليل أمرت السيدة بإدخال نعشه إلى بيتها فصلّت عليه وترحـّمت .
- الإمام مالك بن أنس (ت179 هـ -795م) ، هذا الذي لم يتنقل في المدينة على ظهر دابـّة لأن الرسول الكريم وطئها بقدميه . ثار محمد بن عبد الله بن حسن المعروف المـُلقـّب ب " النفس الزكية" ، في المدينة عام 144 هـ ،على الخليفة المنصور العباسي،فجاء الناس إلى الإمام مالك لاستفتائه : إنهم يريدون الإلتحاق بمحمد، هذا العالم الشجاع السخُّي،الذي يُشبَّه بالحمزة عم الرسول الكريم في قتاله، ولكنهم قد بايعوا المنصور العباسي (إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر)، قال لهم الإمام مالك :"إنما بايعتم مُكرهين،وليس على مكره يمين"، نـُقل الخبر إلى الوالي واعتـُقل الإمام مالك ، وجـُرِّد من ثيابه وضُرب سبعين سوطاَ ومُدَّت يده، أثناء الضرب ، حتى انخلعت كتفه، وطيف به بعدها في المدينة وهو يصيح بصوت عال: طلاق المـُكره باطل .وهي تورية واضحة وتحريض على نقض بيعة المنصور فهمها المسلمون(26) .
- الإمام أبو حنيفة النعمان (ت 150هـ -767م)، قيل في موقفه تجاه آل البيت:" له مواقف محمودة في نصرتهم حُوسب عليها كهلاً وشيخاً حتى مات، رضي الله عنه، شهيد الإخلاص للعترة النبوية والتمسك بالحق والزهادة" . وهكذا كان؛ فقد ثار زيد بن علي (ت122هـ- 740م) على الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك، آزره أبو حنيفة مادياً ومعنوياً : فقد أرسل إليه المال وكان يحِثْ الناس على الخروج معه، واصفاً إياه ب"إمام حق" وأن خروجه يضاهي خروج جدّه (الرسول الكريم) يوم بدر. لم تستطع السلطة فعل شيء ضده بسبب هذه المسألة بالذات ولكن وبحجة رفضه تولّي القضاء قام ابن هبيرة والي الامويين على الكوفة، بحبسه وضُرب بالسياط أياما متتالية حتى أوشك على الموت، أُطلق سراحه فهرب إلى مكة ورجع إلى الكوفة، موطنه، بعد قيام الدولة العباسية. الجدير بالذكر هنا أن إمامنا أبو حنيفة لم يهن ولم يتراجع وكلمته التي قالها للوالي مشهورة حين هدده هذا بضربه حتى الموت، قال :" هي موتة واحدة" .
وحين كان الإمام مالك يؤازر محمد ذو النفس الزكية في المدينة، كان الإمام أبو حنيفة يقوم بالأمر نفسه مع إبراهيم أخو محمد الذي ثار على المنصور العباسي في نفس العام في البصرة بعد أن دخلها سراً قادماً من الحجاز، كان أبو حنيفة يجاهر بموقفه من إبراهيم و"يحث الناس على الخروج معه"، وحين قـُتل عام 145- وهو تاريخ قتل أخيه أيضا- قال أبو حنيفة"إنه (إبراهيم) كما لو قـُتل يوم بدر". تعددت الروايات عن موت أبي حنيفة ، القتل بالسم؟ الضرب والحبس إلى أن مات؟ السم أثناء الحبس؟ رواية أُخرى وأخيرة أن أبو حنيفة، بعد الحبس وضرب السياط اليومي، أُطلق سراحه وظلّ إلى أن مات في بغداد ممنوعاً من الإفتاء والتدريس، وفي هذا أمان للسلطة.

آل بيت النبي الكريم : المثال والقدوة
وقف آل البيت ( عليهم السلام) بأجمعهم وطوال حياتهم موقفاً صارماً وحازماً ضد المغالاة والتعصب وسيرتهم تشهد بذلك .
أذكر ثلاثة أمثلة فقط :
1 ـ إن علي بن الحسين بن علي المـُلقـّب ب" زين العابدين" وهو رابع الأئمة الإثني عشر لدى الشيعة الإمامية ( ت94 هـ ـ712 م) كان يعمل بقوة ضد المغالاة ـ ككل آل البيت على الإطلاق ـ وسيرته تشهد بذلك ، ومن الحوادث التي تـُذكر أن بعض المـُغالين من الشيعة ادّعوا في أيامه أن علياً سيرجع، فسـُئل عن ذلك وكان السؤال :" متى يـُبعث علي" ؟ فقال " يـُبعث والله ،يوم القيامة وتهمّه نفسه" . وعبارة " تـُهمّه نفسه" رسالة مباشرة بليغة في معناها فهي تعني أن علياً ليس له أي أفضلية على أي مسلم آخر،لن يتشفع لأحد ولن يدخل أحد الجنة أو النار بسبب منه، وهو سيقف بين يدي الله يوم القيامة كأي فرد من المسلمين وعباد الله راجياً عفو الله غفرانه ورضاه.
2 ـ سُئل الحسن بن الحسن ( المـُثنّى) بن علي ( ت نحو 90 هـ ـ نحو 708 م ) عن قول الرسول ( ص) الذي يستشهد به الشيعة على أنه إيصاء لعلي بالخلافة ، قالوا له : ألم يقـُل من كنت مولاه فعلي مولاه . أجاب الحسن المـُثنّى " بلى، ولكن والله، لم يَعْنِ رسول الله بذلك الإمارة والسلطان، ولو أراد ذلك لأفصح لهم به ".
3 ـ شوهد عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ( ت 145 هـ ـ 762 م ) وهو يمسح على خـُفَّيه ( نعله) للوضوء، فقيل له : تمسح ؟ فقال : نعم، لقد مسح عمر بن الخطّاب ، ومن جعل عمر بن الخطاب بينه وبين الله فقد استوثق" ،( أي استيقن أن فعله صحيح، مُتـَّبع).
نسأل : هل تحتاج هذه المواقف الصادرة عن رجال تقاة ـ وكلمة تقوى جامعة مانعة ـ لشرح أو تعليق ؟

موقف العلماء من الغلو في الدين

أتحدث، ابتداءً، عن ابن عُقْدَة، أحمد بن محمد (ت 332 هـ ـ 944 م)، وُلِد وعاش ومات في الكوفة ، حافظ، مؤرخ أديب ، له مؤلفات عديدة ، كانت له مكتبة عظيمة تحدّث عنها من أرّخ له، شيعي المذهب، قدِم بغداد ولم يستوطنها .حدّث عن علي بن أبي طالب (ع) قال إنه ـ أي علي ـ كان جالساً عند الرسول الكريم فجاء أبو بكر وعمر فقال (ص) :" يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنّة من الأولين والآخرين، إلاّ النبيين والمـُرسلين". يـُحدِّث ابن عقدة بحديث سفيان الثوري الذي عاش في الكوفة ومات في البصرة ، عالم القرن الثاني الهجري بالحديث والتقوى، أنه قال : "لا يجتمع حب علي وعثمان إلاّ في قلوب نبلاء الرجال" . أملى ابن عقدة حديث سفيان على الحاضرين في جامع الرصافة ببغداد عام 330 هـ .
وقف العلماء المعتدلون سنة وشيعة، ضد التطرف في كل أمر وخصوصاً في الدين سلوكاً واعتقاداً، فهم يعرفون حق المعرفة ماذا يؤدي اليه الغلو من تخلف يؤدي إلى انحطاط ، علمي، سياسي أدبي فذهن الفرد مقيد مـُحرّم عليه التفكير والتحليل وفي هذا يستوي الآمر والمأمور فهناك أمور تـُردد وتـُقال دون وعي ومن هنا نفهم سبب فقدان العالم/ المؤرخ أحياناً ،حياديته الرائعة في سرد الأحداث والتي تتمثل بالكتابة على نحو تقريري صرف، حين يتعلق الأمر بالغلو، واخترت نصاً لابن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ -1679 م) في كتابته لحوادث سنة 389 هـ :" تمادت الشيعة في هذه الأعصر في غيهم بعمل عاشوراء باللطم والعويل وبنصب القباب والزينة وشعار الأعياد يوم الغدير،فعمدت غالية السنـّة وأحدثوا في مقابلة يوم الغدير، يوم الغار، وجعلوه بعد ثمانية أيام من يوم الغدير، وهو السادس والعشرون من ذي الحجة، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر اختفيا حينئذ في الغار . وهذا جهل وغلط ؛ فإن أيام الغار إنما كانت بيقين، في (شهر) صفر وفي أول شهر ربيع الأول، وجعلوا بإزاء يوم عاشوراء بعده بثمانية أيام، يوم مصرع ابن الزبير وزاروا قبره يومئذ بمسكن ( 27) وبكوا عليه، ونظروه (قابلوه وهنا تعني قرنوه) بالحسين لكونه صبر وقاتل حتى قُتل، ولأن أباه إبن عمة النبي (ص)، وحواريه وفارس الإسلام، كما ان أبا الحسين إبن عم النبي (ص) وفارس الإسلام . فنعوذ بالله من الهوى والفتن .ودامت السنـّة على هذا الشعار القبيح مدة سنين" . إن سبب اختياري لهذا النص ان ابن العماد الحنبلي نقله من كتاب " العـِبَر في أخبار من غبر" الذي وضعه المؤرخ الذهبي الذي عاش في القرن الثامن الهجري ،وإن كان هذا الأخير يـُعبـِّر عن ما قد حدث بألم ومرارة ،ويـُحمِّل الشيعي كما السني مسئولية تخريب المجتمع، فإن ابن الحنبلي يؤكد في إعادة نشر النص على نفس الألم والحسرة لما حل بمجتمع بغداد نتيجة السلوك المتطرف لعوام السنّة والشيعة .

الإعتدال والتطرف
سلوك السلطة مع الخاصة
مع الحميريان

محمد بن وهيب الحِمْيري [ت نحو 225 هـ ـ نحو 840 م]

بغدادي أصله من البصرة، من شعراء الدولة العباسية، وصف الأصفهاني ،في "الأغاني"، شعره على أن فيه " أشياء نادرة فاضلة وأشياء مـُتكلَّفة " هذا تقييم حيادي راقي لبلاغة الحميري وقدراته الشعرية . كان يتكسب من شعره في المديح والذي خص به شخصيات الدولة ورؤوسها .كان الحميري خليطاً لرجال السلطة على اختلاف مراتبهم بدءً من الخلفاء : المأمون ثم المعتصم وكان مـُقرّباً منهم، كذلك وزراء العصر ووجوه المجتمع .
كان الحميري يتشيـّع وعبـّر عن تشيعه وحبه لآل بيت الرسول [ص] بمراثيه الشعرية لهم والتي تضمنتها كتب التاريخ والشعر والسِيـّر . التزم موقف الوسط ؛ فلم يكن لديه أي تطرف في ميوله المذهبية وهذا ما يظهر في شعره كما في علمه وأدبه وسلوكه الحياتي ، وبسبب من هذا كان محط ثقة السلطة، فكان مؤدباً لأبناء بعض الوزراء .


إسماعيل بن محمد ، السيد الحِميري [ ت 173 هـ ـ 789 م ]

إذا كان الحميري الأول معتدلاً في تشيعه، فإن الثاني ـ السيّد كما كان يُلقـّب ـ لم يكن كذلك ؛ لقد كان غاية في تعصـّبه وإفراطه وعبـّر عن هذا بشتم وهجاء السلف .
كان من أجود الشعراء ،وله ـ وكما يقول صاحب الأغاني ـ "طراز من الشعر ومذهب قلّما يـُلحق أو يـُقارب"، إنه" الشعر الذي يهجم على القلب دون حجاب" . مع ذلك تحامى الناس رواية شعره الذي يتسم بالسباب والطعن ،وذلك تخوفاً وتحفظاً وترفعاً، فقد تؤدي رواية شعره إلى مواقف لا تـُحمد وحتى إلى إثارة فتنة ، إضافة إلى الجانب الأخلاقي من الأمر . وأدى هذا الأمر تدريجياً إلى الإعراض عن رواية شعره في الأغراض الأُخرى
وإن كنّا قد أوردنا قول الأصفهاني عنه، فقد مدحه كذلك جميع معاصريه من الشعراء والأُدباء والمؤرخين.... ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يأسفون لتطرفه وتعصبه المذهبي .
وفي العموم لم يكن لدى الناس موقف سيء منه ، فهم لم يتحاشوا شخص السيد الحميري حتى وإن تحاموا رواية شعره بل وحتى إن نصح البعض بترك مجالسته لشربه الخمر علناً ومجاهرة وسب السلف، وليس ذلك إلاّ لأن السيد استطاع موازنة الحالة بالجانب الإنساني/الإجتماعي في شخصيته ؛ فقد كان في شخصه ، صفاته وسلوكه جاذبية لا تـُقاوم؛ كان لطيف الخلقة حسن الألفاظ جميل الخطاب ، وكان مهذباً يـُعامل الآخر باحترام ، ويظهر هذا الأمر على الخصوص إذا تحدّث في مجلس فكل الحاضرين ، من مستمع وسائل ومـُستفسر، ينال اهتماماً والتفاتاً منه بدون استثناء ولا تمييز . إضافة إلى كل هذا فقد وُصف الحميري بالورع والتصوف . ولا نعجب بعدها إن ربطته علاقة طيبة بالخلفاء العباسيين فكانوا يقربونه ويُسرّون بمجالسته ويقبلون نصيحته ومن جانبه كان يخلص الود والعِشرة لهم . لقد كان تطرف السيد في مذهبه داعياً إلى ردود فعل اجتماعية قوية أحياناً، ولكن الخلفاء حموه طوال حياته كما حموه بعد موته؛ فقد وصل إلى علم الخليفة أن أهل مدينة واسط يرفضون أن يـُدفن السيد في مدينتهم، فكان أن هدد بحرقها إن تأكد من صحة الخبر (28) .

الحياة الإجتماعية في بغداد

ليس هناك مؤلفات وُضعت خصيصاً لبحث الجانب الإجتماعي الصرف في بغداد ،وأقصد به وصف عادات الناس ،ما يفعلونه في احتفالاتهم، لباسهم، موائدهم مجالسهم الأدبية أنسهم وسمرهم .... وإنما نجدها متناثرة في كتب التاريخ وخصوصاً تلك التي تتم بتناول السنين واحدة بعد الأُخرى وأحداث كل سنة، نراها أيضاً في كتب التراجم عِبْر الكلام عن حياة المُؤرَخ له، كذلك وبصورة أوضح في المؤلفات التي تضم أبواباً عديدة في مختلَف جوانب الحياة على الإطلاق. ولكن هناك من المؤلفات من تتجلى الحياة الإجتماعية فيه تماماً في كل نواحيها حتى لو لم يكن في ذهن الكاتب تكريسها لهذا الغرض، في كتب مثل " الفرج بعد الشدّة " و" نشوار المحاضرة" للقاضي التـَّنـُوخي الذي عاش في القرن الرابع الهجري /التاسع الميلادي في بغداد (29) .

كتاب المُوشّى لمحمد بن أحمد الوشاء

الوشـّاء رجل بغدادي من الذي عاشواـ كالتنوخي ـ في القرن الرابع الهجري ،أديب نحوي احترف مهنة التعليم ،ألّف العديد من الكتب في مختلف مناحي الأدب، فهو رجل موسوعي المعرفة . وقد أثنى عليه المؤرخون ممن ترجم سيرته ، بالإجماع خـُلقاً وعلماً وأدباً ، ذكر المؤرخون أسماء الكتب التي قام بتأليفها والتي تبلغ ثلاثين كتاباً ولم تصل إلينا ، وإنما الذي في أيدينا الآن كتاب " الفاضل في صفة الأدب الكامل" ، وكتاب" المـُوشّى" والذي سأتحدث عنه فيما يلي :
إنه كتاب يتحدث ويصف سلوك وعوائد ومفاهيم ومعايير طبقة خاصة في المجتمع ـ رجالاً ونساءً ـ في كل النواحي الحياتية : الأزياء، أنواعها ،الخواتم ، ما يـُكتب على الزنانير [ جمع زنّار]، عصائب الشعر، على النِعال... أنواع ما يتناولوه وما يتجنبوه من الطعام، ما يستعملونه من عطور وما يتحاشوه، أسلوب مراسلاتهم فيما بينهم وبينهم وبين الناس، التعامل مع الآخر ......وباختصار إنه قانون آداب وسلوك، مجموعة أنظمة وقواعد مادية ومعنوية يلتزم بها الشخص ويتخلق بها فتكون جواز مرور له إلى طبقة الظرف والظرفاء (30). يتحدث الوشاء عن وجوب التزام الصدق، الحفاظ على المواعيد ، كتمان السر، عدم التطرف والمغالات في المزاح فهو مجلبة للضغينة وباعث عليها ... وهو يؤكد على وجوب التقيد بهذه الجوانب المعنوية ، كذلك لا يـُهمل الوشّاء الكلام في الحب والعشق فهو جانب أساسي في حديثه. إن الكتاب وصف لحياة ناس مـُترفين بل هم غاية في الترف وهذا ما نراه في اللباس ، العطور، الزينة وأدواتها، وصف المجالس وما يـُستعمل فيها، فمثلاً يتحدث الوشّاء عن النقش والكتابة على أواني الفضة والذهب كذلك على الخزف الصيني المـُذهّب، وهو يتحدث عن قواعد الأكل : فهم ـ الظرفاء ـ لا يلطعون أصابعهم، ولا يملأون باللـُّقم أفواههم واللقمة صغيرة لئلاّ ينتشر الدسم على شِفاههم وهم لا يأكلون طعاماً بائتاً ولا ذلك الذي أُعيد تسخينه...... ويـُهمل العديد من أنواع الغذاء لهذا السبب أو ذاك، فإن كان الظرفاء لا يقربون البصل والثوم لرائحتهما فهم لا يقربون أنواع عديدة أُخرى فهي " عندهم من أكل العوام" .
إن نمط هذه الحياة له تكلفة ليست بالقليلة من الناحية الماديّة بالطبع، وهذا يعني أنها ليست في متناول كل شخص حتى لو رغب بها.
إنه عالم سحري هذا الذي يتكلم عنه الوشّاء ويصفه، عالم مفرط في رقته وخصوصيته وقسوته التي تبعث الرعشة في الأوصال إن قارناها بشروط حيوات أُخرى يعيشها أُناس آخرون في نفس المجتمع ، يتراءى لنا وكأنه عالم خيالي يتواجد في فضاء آخر،في كوكب بعيد، لاعلاقة له بالأرض وسكانها ومن باب أولى بمدينة بغداد وسكّانها.

عوالم بغداد المتعددة

الأول عالم كارثة بكل ما تعنيه الكلمة له أوجه متعددة مترابطة: الفيضانات، ألأوبئة، القحط ، الجوع الفتن، انعدام الأمن، مدينة يتحكم بها رعاع ولصوص وقتلة، إنهم ملوك بغير تيجان حتى أن الإسفاف يصل أحياناً أن يقوم صاحب شرطة بغداد بتسلِّيمها إلى رئيس عصابة من هؤلاء الأصناف يعيثون بها سرقة وقتلاً، مقابل إعطائه مبالغ من المال،إنها صورة مضحكة / مبكية ولكنها حقيقية، إنه الرعب والموت والإثنان يـُفضيان بالضرورة، إلى شلل في فعاليّات حياتية متعددة تحدثنا عنها آنفاً .
الثاني عالم الإبداع بكل ما تتضمنه الكلمة من معان : علم ، فكر،فن، أدب فلسفة.... أينما يلتفت المرء يغترف من أنهار العلم الذي تحيطه ، والنتيجة ثراء عقلي هائل. ان المأمون العباسي أراد أن يتحقق من الرقم الذي أُخبر به [ وكان بالأميال ] على أنه يـُمثّل محيط الكرة الأرضية " ....فسأل بني موسى بن شاكرـ وكانوا قد انفردوا بعلم الهندسة ـ فقالوا نعم هذا قطعي [ أي الرقم ] ، فسألهم تحقيقه معاينة......" فكان أن أثبتوه له عملياً بالوسائل الهندسية .
إن موسى بن شاكر [ ت نحو 200هـ / نحو 815م ] عالم اهتم بالتنجيم والأفلاك وله كتاب الدرجات [ في طبائع الكواكب السبعة]، أنجب ثلاثة أولاد، ثلاثتهم توجهوا لدراسة علم الهندسة ونبغوا فيه بأوجهه المتعددة فكتبوا وألّفوا ونشروا في علوم الرياضيات والميكانيك، كما اهتموا بعلم الفلك، وكان الثلاثة يعملون سوية لذا عُرفوا ب" بني موسى" ويتم الإشارة اليهم به. كان عملهم مناراً وهدى للأجيال التي تلتهم ، ليس في الشرق فحسب إنما ، ولاحقاً في الغرب .عاش هؤلاء النوابغ وماتوا في بغداد في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي .
الثالث عالم ترف مـُذهل مادياً ومعنوياً روحياً ، كانت البضائع تصل إلى بغداد من حواضر العالم الأُخرى عن طريق البصرة، وسائل وأدوات تخدم وتوفر حياة رخيـّة ، بل غاية في الرخاء،كانت الطيور في دور الخلافة ـ المـُعدّة للأكل ـ تـُطعم اللوز والفستق وغيرها ليكون لحمها ألين وأطيب ، كان أسفل نعال بعض زوجات الخلفاء من أنواع الطِيب المضغوط يُكلِف كميات كبيرة من المال، تلبسه لفترة ثم ترميه فتتناهبه الجواري ويتقاسمنه ، هذه مثالين لا غير مع ذلك لم يكن الخلفاء أغنى الناس في المجتمع بل كان هناك من هو أغنى بكثير منهم وبالتالي لهم القدرة على توفير أوضاع حياتية أكثر ترفاً من الخلفاء أنفسهم .
نشأ الغناء واشتهر " في المدينة " بالذات وفي الحجاز عموماً، القرن ألأول الهجري كان عصر الغريض وطُويْس في المدينة كما كان القرن الثاني عهد مَعـْبِد في مكة ، وكان لفقهاء العراق موقف سلبي من الغناء حتى انهم عابوا على فقهاء الحجاز موقفهم الإيجابي منه ( 31) ولكن هذا لم يمنع من أن تكون بغداد قطب من أقطاب الغناء في الحال بعد بنائها . إن القرن الثاني الهجري / التاسع الميلادي شهد العديد من الذين أحكموا الغناء في دار السلام ولكن المـُبرّزين منهم ثلاثة عُليـّة بنت الخليفة المهدي، كانت أديبة شاعرة عالمة بصنعة الغناء [ت 210 هـ ـ825 م] ،أخوها إبراهيم بن المهدي الفصيح الشاعر صاحب صوت الجميل والرهافة في ضرب العود، مع ذلك كان يتعلم من عُـلية ويأخذ عنها ، الشخصية الثالثة : إسحاق الموصلي، موسوعة علمية راقية من لحم ودم، إنه العالم بالتاريخ، باللغة،بالموسيقى، علوم الدين، علم الكلام،كان شاعراً وراوية للشعر وحافظاً للأخبار ، ألّف كتباً كثيرة، هذا الرجل تفرّد بصناعة الغناء، ونبغ فيها نبوغ جمال ورقة .
ثلاثة عوالم، تُمثِّل ثلاثة أقطاب ،متنافرة، متهاجرة نظرياً على الأقل، ولكنها في الواقع متعايشة تماماً ومهما تكن المفارقة والغرابة فإن هذا النسيج أعطى ثماراً غاية في التفرد والثراء في كافة المجالات على الإطلاق وأقصد العلوم البحتة وفروعها والأدب بأوجهه المتعددة وهو أمر قلته آنفاً واحتجت لإعادته هنا ..

خاتمة
هناك، إذاً، شبه هائل بين ما كان يحدث في بغداد قديماً وما يحدث بها اليوم، فما حدث قديماً يتكرر اليوم مع الأخذ بعين الإعتبار تغيرات الضروف الإقتصادية، الإجتماعية، العلمية...بفعل تغير العصور وتبدل الأزمنة وكما رأينا انه لم يكن لهذه العوامل آنذاك، أي في القرون التي أخذناها مجالاً للبحث، أي تأثير سلبي على الإبداع والعطاء الفكري ،ولكن كان هناك أمراً آخر عظيم الأهمية يبرز بوضوح تام : لقد كان هناك جواً من الحرية كبير للقول والفعل والكتابة وان السلطة لم تكن تمارس أي منع أو ضغط على شخص أو جماعة مهما كان الإنتماء المذهبي، الديني، العرقي ،الفكري لكي تأخذ وجهة تريدها السلطة في هذه المجالات الثلاثة بل العكس هو صحيح فهي التي تحمي حرية التعبير ولأجل ذلك فالسلطة ـ وكما رأينا ـ تتدخل في حالتين ، الأولى حدوث أذى واضطهاد جماعة لأُخرى لأسباب عقائدية والثانية حدوث فتن واضطرابات أياً كان مصدرها وسببها تخل بأمن واستقرار المجتمع والأمران مرتبطان ببعضهما غاية الترابط فنتيجتهما واحدة ، وهذا بغض النظر عن فكر السلطة نفسها فقد رأينا ان موقف العباسيين هو نفس موقف البويهيين تجاه الفتن والإضطرابات بالرغم من اختلافهما المذهبي .
مع ذلك أُثبّت أمراً هنا : لكل شيء استثناء وهذه قاعدة لا يُعرف لها مخالف، ويوجد استثناء لما تكلمت عنه من حرية الفكر تكلم عنها المؤرخون وأسموها ب " المحنة" ؛ قال المأمون العباسي بقولة ان القرآن مخلوق وحاول حمل الناس على اعتقادها والقول بها واستمرت المسألة في عهد المعتصم والواثق ونال الناس ـ العلماء منهم بالأخص ـ أذى كبيراً، وبتوليه الخلافة أبطل المتوكل العباسي هذا القول فكان في فعله راحة كبيرة للجميع. ولكن المتوكل العباسي أزال محنة ووضع أُخرى آذت المسلمين جميعاً بدون استثناء، لقد كان متعصباً مغالياً في عدائه لآل البيت ومن أفاعيله أنه أمر بهدم قبر الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وهدم الدور من حوله وتحويل الأراضي إلى مزارع ومنع زيارة مكان ضريحه ، أمام هذا الحدث لم يعد هناك سنّة وشيعة ،إن من جرى الإعتداء على رفاته بحُرث قبره هو حفيد الرسول (ص)، ابن فاطمة الزهراء ،يقول الإمام جلال الدين السيوطي :"... فتألم المسلمون من ذلك ، وكتب أهل بغداد شتمه ( أي شتمهم للمتوكل) على الحيطان والمساجد، وهجاه الشعراء.." .ونلاحظ في كلام الإمام السيوطي التفرقة بين حالتين : حزن المسلمين وهو شعور عام لا يتوقف على بلد أو مجتمع معين، كذلك الأمر في هجاء الشعراء للمتوكل العباسي ، ولكن وبالمقابل يذكر المؤرخ أهل بغداد ورد فعلهم تجاه هذا الفعل .
ورب قائل: وماذا عن فعل بعض الخلفاء العباسيين بأهل البيت ومحاربتهم لهم؟ أرد على هذا بالقول أن هذا الأمر لا يدخل في موضوع البحث، وسيكون محلاً لدراسة وبحث قادم .
نرجع فنقول أنه وعدا هذين الأمرين فلم يكن هناك تكميم لأفواه الناس أو فرض قيود عليهم بأي صورة كانت وفي أي مجال .
إن الحديث اليوم عن سلطة قمعية استبدادية مورست في هذه القرون أو غيرها لا يعدو أن يكون أمراً من اثنين :
الأول : جهل المتكلم ،الكاتب ومن ثم استسهال ترديد ما يُقال، وهذا هو سلوك عوام محض .
الثاني : معرفة الشخص بالتاريخ ولكن الكذب المتعمّد أو التهويل أو التعتيم على أمور.... يكون لغاية في النفس ، هنا لا نجد أنفسنا أمام ابتذال العوام ولكن أمراً آخر خطير هو نفسية مريضة ترمي إلى زرع الفتنة وإحداث الشر والإستفادة منه .

سطور ما بعد الخاتمة
اخترت
في أول يوم لبدء العمل في بناء بغداد كان المنصور العباسي حاضراً :" وضع أوّل لبـِنة بيده وقال : بسم الله والحمد لله، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين"، ثم قال للفعلة : " ابنوا على بركة الله" .
في المراحل الأخيرة لبناء بغداد منع المنصور العباسي من دخولها على دابـّة . يذكر ابن عماد الحنبلي في كتابه " شذرات الذهب " حوادث سنة 146 هـ " في صفر [ شهر] تحوّل المنصور فنزل بغداد قبل استتمام بنائها وكان لا يدخلها أحد أبداً راكباً حتى ان عمه عيسى بن على شكا إليه المشي فلم يأذن له " . لا يذكر المؤلف السبب ولم يشتهر الخليفة بتعنت في الرأي أو هوى عارض أو نزوات. معلومة للتأمل ومحاولة العثور على علّة الأمر من بين افتراضات عدّة .
يدخل الشاعر علي بن الجهم بغداد ، يمدح الخليفة المتوكل العباسي بتشبيهه ب" الكلب" في وفائه بالعهد ،وكالتيس في تصدّيه للخطوب لم يقل الخليفة شيئاً في هذا الكلام الجافي الغليظ ، فهو يعرف السبب ويعرف أن الشاعر لم يرد بقوله سوءاً، وبعد فترة من استيطانه مدينة السلام ينشد إبن الجهم :
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
والشعر لا تصح نسبته للشاعر فهو مكذوب عليه، ذلك انه من أهل بغداد سكن في شارع الدجيل وعُرف برفقته للخليفة المتوكل على الأخص، والحادثة هذه تـُروى في كتب أُخرى على أنها حصلت بين معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي وبين أعرابي وهو الأصح . لكن نظْمها من شخص ما ونسبتها إلى علي بن الجهم بغرض إشتهارها في التغزل بالبغداديات وذكر جمالهن لا يستطيع التعمية على أمر نستنتجه من الرواية فهو واضح تماماً ؛ إن بغداد، المدينة المـُدوّرة، مدينة السلام تنحت المرء من جديد، عملية تحديث وإعادة صنع ، فتظهر أمور وتختفي أُخرى لديه في حسّه وقابلياته وشخصه. إنها بغداد .

الحواشي

1 ـ الكُر : مكيال لأهل العراق. وهو وزن تتواضع الناس عليه .
2 ـ الطاعون وباء وقيل كل مرض عام .
3 ـ كان أكل الجراد مرغوباً في الجاهلية واستمر ذلك بعد مجيء الإسلام .
4 ـ الديالم : نسبة إلى الديلم وهي من قرى أصبهان .
5 ـ عُكْبرا : بـُليدة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ .
6 ـ الصابئة من أهل الكتاب ، نبيهم يوحنا المعمدان الذي عمـّد سيدنا عيسى عليه السلام في نهر الأردن ، انظر آية 62 من سورة البقرة. المجوس أُلحقوا بأهل الكتاب ،الحديث" سـُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب" ، على أن لا تـُأكل ذبائحهم ولا يـُتزوج من نسائهم ، انظر آية 17 من سورة الحج .
7 ـ جـُنْد يْسابور : مدينة بخوزستان .
8 ـ نصيبين : مدينة في بلاد الجزيرة تقع على جادة القوافل من الموصل إلى الشام .
9 ـ الأشاعرة : أصحاب مذهب في الفكر الإسلامي ، مؤسسه أبو الحسن الأشعري ، وُلِد ونشأ في البصرة وقدِم بغداد فدرس فيها على أيدي علمائها وبها توفي .
10 ـ دبادب جمع دَّبداب وهو نوع من الطبول .
11 ـ المخانيث جمع مـُخنَّث وخنثى . الإنـْخِناث هو التثنـِّي والتكسر. خَـنِث للذكور وخَـنِثة للأُنثى. والخـُنثى هو الذي لا يخلص لذكر ولا أُنثى .
"الحكاية" قد تكون ضرب من التمثيل أمام الجمهور، فتكون "الآلات" هي العـُدّة من المتاع والأشياء التي يحتاجها المخانيث لأداء التمثيليات .
12 ـ بَرَاثا محلّة في الكرخ .
13 ـ كان دور الغـُلمان (جمع غلام ) ليس بالقليل في إحداث الفتن أو المشاركة بها ، وهم نوع من أنواع الأعوان للسلطة .
14 ـ استعمل الخليفة المعتصم العباسي (ت 227 هـ ـ 841 م) الأتراك كجند في عهده كثيراً، وهو الذي بنى مدينة سامراء ليـُخرجهم من بغداد بعد شكوى الناس المستمر منهم لفظاظتهم وسوء خلقهم .
15 ـ كانت هناك أسواق كثيرة في بغداد ،يختص كل منها بالمتاجرة بمادة صناعة أو بيعاً أو الإثنين معاً، انقرضت معظم هذه الأسواق ولم يبق إلاّ أقل القليل منها الآن كسوق الصفـّارين .
16 ـ الرَّهج : الشغب
17 ـ القصاص جمع قاص. وإلى وقت قريب كان القاص يجلس في بغداد في مقهى معين لا ينتقل ـ في العادة ـ إلى غيره فيرتبط بإسمه ويقصده من يـُعجب بقصصه وطريقته في الكلام. ويـُسمى في بغداد " القَصَّخون" .
18 ـ للشيعة موقف غير إيجابي على الإطلاق من الزبير بن العوام الصحابي، أحد العشرة المبشرين بالجنة وذلك لوقوفه إلى جانب السيدة عائشة أم المؤمنين(رض) في حربها للإمام علي بن أبي طالب(ع). توفي الزبير مقتولاّ في العراق عام 36 للهجرة في واقعة الجمل. انسحب هذا الموقف على ابنه مصعب.
19 ـ مُسلم بن عقيل ، تابعي، من ذوي الرأي والعلم والشجاعة وهو ابن عم الإمام علي بن أبي طالب .قتله والي الأمويين بالكوفة بأمر منهم عام 60 للهجرة .
20 ـ الوزير المهلبي ، الحسن بن محمد (ت 352 هـ ـ 963 م) من أكابر الشعراء والأدباء ، لم يـُعرف باتجاه فكري معيّن ، إنما رجل دولة من أرفع طراز، اتصف بالحزم والشهامة والكرم والدهاء، لُقـِّب ب "ذي الوزارتين" لأنه كان وزيراً ـ في آن معاً ـ للبويهيين والخليفة المطيع العباسي .
21 ـ " يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم" ، آية 13 من سورة الحـُجـُرات. هذه الآية لها تفسير واحد لا غير ليس ثمة اجتهاد فيه : إنها موجـَّهة للبشر جميعهم ، معيار تقييم الواحد منهم هو التقوى أي العمل الصالح . ليس هناك محل للعرق أو اللغة أو الدين . وفيما يخص التفاضل بالدين أُنظر الآية 17 من سورة الحج .
22 ـ كان الحجّاج في موضع يـُقال له واسط ، فشاهد راهباً على حمار يعبر نهر دجلة وحين وصل الى موضع واسط بال الحيوان فنزل الراهب من على ظهره واحتفر موضع البول وذهب به ورماه في النهر، استدعاه الحجاج مستفسراً عن سبب سلوكه، فأجابه الراهب أنه " نجد في كُتُبنا أنه يـُبنى في هذا الموضع مسجد يـُعبد الله فيه ما دام في الأرض أحدٌ يوحده" ، اختطّ الحجاج مدينة واسط وبنى المسجد في الموضع الذي أشار إليه الراهب .
23 ـ جعفر الصادق هو الإمام السادس في المذهب الإمامي الإثني عشري ، وهم حسب التسلسل 1 ـ الإمام علي بن أبي طالب 2 ـ الإمام الحسن 3 ـ الإمام الحسين 4 ـ الإمام زين العابدين علي بن الحسين 5 ـ الإمام محمد الباقر 6 ـ الإمام جعفر الصادق 7 ـ الإمام موسى الكاظم 8 ـ الإمام علي الرضى 9 ـ الإمام محمد الجواد 10 ـ الإمام علي الهادي 11 ـ الإمام حسن العسكري 12 ـ الإمام الحـُجّة محمد بن الحسن .
24 ـ وزواج عمر بن الخطاب (رض) من أم كلثوم بنت الإمام علي (ع) مذكور في مؤلفات الشيعة والسنة على السواء لأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال فقد ذكره المازندراني محمد بن علي توفي عام 588 هـ ـ1192 م وهوعالم بالحديث والأُصول ، في كتابه "مناقب آل أبي طالب "،فقد عدد هذا العالم وكان من الشيعة الإمامية، أولاد وبنات علي (ع) من فاطمة الزهراء(ع) وبمن تزوجوا . كذلك زين الدين العاملي عالم بالحديث، بحّاث من الشيعة الإمامية (ت 966هـ ـ 1559م)، ذكر هذا الزواج في كتابه "مسالك الإفهام إلى شرائع الإسلام" / كتاب النكاح ، حين تحدث عن تزويج الرسول(ص) بناته لرجال من غير بني هاشم .وذكر الزواج العلماء والمؤرخون من السنّة كالإمام الطبري في تاريخه ، وابن قتيبة في " المعارف" .
25 ـ راجع في هذه الزيجات وغيرها كتاب " المعارف" وكتاب" المـُحبَّر" لمحمد بن حبيب ،وذلك على سبيل المثال.
26 ـ أي أن الذي يـُكرَه على طلاق زوجته فطلاقه باطل وعقد الزواج قائم على حاله ، هذا حكم جميع أئمة المذاهب الفقهية وخالفهم الإمام أبو حنيفة حيث قال بصحة الطلاق لأن الزوج يملك ـ حتى في حالة إكراهه ـ خياراً .
27 ـ مَسْكِن موضع في العراق على نهر الدجيل قرب دير الجاثليق ،قـُتل به مصعب بن الزبير وبها دُفن بعد أن جرت حرب بينه وبين الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان على رأس جيشه وذلك عام 72 هـ .
28 ـ هناك روايتان في موت السيد الحميري ؛ الأولى انه مات في واسط في عهد المنصور العباسي، والثانية انه عاش إلى زمن هارون الرشيد ومات في بغداد وبها دُفن .
29 ـ القاضي التـَّنـُوخي المُحسن بن علي، مولده ونشأته في الكوفة، استوطن بغداد وبها مات، موسوعي الثقافة فإلى جانب معرفته بالقضاء وممارسته له، كان عالماً أديباً شاعراً . توفي عام384 هـ ـ994 م .
30 ـ عبارة : الظرف والظرفاء لم تكن من وضع المـُؤلف وإنما أُضيفت إليه لاحقاً، وفي هذه السنين الأخيرة طـُبع الكتاب بهذا الإسم فقط .
31 ـ في المقابل عاب فقهاء الحجاز على فقهاء العراق حكمهم في النبيذ: لقد قال الإمام أبو حنيفة بشرب النبيذ بشروط ، منها درجة تخمّر المادة وأنواعها...

مصادر البحث
ـ أخبار أبي حنيفة وأصحابه ، الإمام المُحدِّث حسين بن علي الصيمري
ـ تاريخ بغداد ،الحافظ الخطيب البغدادي، أحمد بن علي
ـ تاريخ التمدن الإسلامي ، جرجي زيدان
ـ تاريخ الخلفاء ، الإمام جلال الدين السيوطي
ـ تاريخ الطبري ، الإمام ابن جرير الطبري
ـ تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي أحمد بن الحسن
ـ زيد بن علي، (حياته ـ فقهه)، الإمام محمد أبو زهرة
ـ سير أعلام النبلاء ، الإمام الحافظ الذهبي
ـ شذرات الذهب، ابن العماد الحنبلي
ـ الشيعة في الميزان، محمد جواد مغنية
ـ العقد الفريد ، ابن عبد ربه الأندلسي
ـ عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، ابن أبي أُصيْبِعة
ـ الأعلام ، الزركلي
ـ الأغاني ، ابو الفرج الأصفهاني
ـ فوات الوفيات ، ابن شاكر الكتبي
ـ قاموس المحيط ، الفيروزآبادي
ـ الكافي في علوم الدين، الكُليني محمد بن يعقوب
ـ لسان العرب ، ابن منظور
ـ المـُحبَّر ، محمد ابن حبيب
ـ مروج الذهب ، المسعودي
ـ المعارف ، ابن قتيبة عبد الله بن مسلم
ـ معجم البلدان ، ياقوت الحموي
ـ معجم الأدباء ، ياقوت الحموي
ـ مناقب آل أبي طالب ، المازندراني محمد بن علي بن شْهراشُوب
ـ المنتظم ، الإمام ابن الجوزي
ـ نهج البلاغة ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) . شرح الشيخ محمد عبد

المصدر تونس أونلاين نت

Add to Google Subscribe in Bloglines
Add to netvibes
Add to Technorati Favorites